الموقف العربي الجديد والتقييم السياسي المطلوب

11 سبتمبر 2020آخر تحديث :
الموقف العربي الجديد والتقييم السياسي المطلوب
الموقف العربي الجديد والتقييم السياسي المطلوب

حديث القدس

مما لا شك فيه ان المواطن الفلسطيني أصيب بصدمة أو خيبة أمل مما ظهر من تطورات لموقف أو المواقف العربية خلال اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي شهد خلافات ادت الى رفض مشروع القرار الفلسطيني بشأن التطبيع مع اسرائيل باعتباره خرقاً لمبادرة السلام العربية، حيث عارضت العديد من الدول العربية وبينها دول مركزية كنا نعتقد انها داعمة ومؤيدة للموقف الفلسطيني بهذا الشأن واذ بالاجتماع يخرج بنفس الصيغة المعروفة حول التمسك بالسلام وحل الصراع العربي الاسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبمبادرة السلام العربية لعام ٢٠٠٢ دون أي تطرق لمن يخالف المبادرة العربية، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع ان اكثر من طرف عربي يتجه نحو التطبيع منذ فترة طويلة.

هذا الواقع العربي الجديد، وأقل ما يقال فيه انه مؤسف لأن مبادرة السلام العربية بقيت مجرد يافطة لم يلتزم بها اكثر من طرف عربي، يجب ان يشعل ضوءا أحمر لدى صانع القرار الفلسطيني ولدى كل مركبات العمل السياسي الوطني الفلسطيني سواء الفصائل أو السلطة الوطنية أو منظمة التحرير لإعادة النظر في كيفية التعامل مع هذا الواقع بأقل قدر من الخسائر وأكبر قدر من الحفاظ على الثوابت الوطنية وحشد اكبر قدر من الدعم العربي للمطالب العادلة للشعب الفلسطيني.

ان ما يجب ان يقال هنا أولاً اننا لا نعمل في فراغ، بل ان ارتباطنا بالعالم العربي هو ارتباط مصيري وطالما شكلت المواقف العربية ومواقف القمم الاسلامية والافريقية وعدم الانحياز رافعة حقيقية لدعم المطلب الفلسطيني العادل بالحرية والاستقلال وانهاء الاحتلال للاراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧ وهو ما ينسجم ايضاً مع الشرعيات الدولية.

ولذلك نقول ان الاهم الآن هو الحفاظ على دعم كافة الدول العربية للمطالب والحقوق الفلسطينية ورفضها لأية حلول تنتقص من الحقوق المشروعة لشعبنا، كصفقة القرن وغيرها من المخططات.

صحيح اننا نأمل من كافة الدول العربية ان تواصل التزامها بمبادرة السلام العربية كورقة ضاغطة على الاحتلال الاسرائيلي لدفعه الى حل القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت فإننا ندرك تماماً ان دولاً شقيقة كالأردن ومصر اللتين وقعتا اتفاقيتي سلام مع اسرائيل لا تزالان تلتزمان حتى اليوم بدعم الحقوق الثابتة والمشروعة وهو ما يجب ان يشكل في التقييم السياسي الجديد احد الركائز الأساسية في التعامل مع المواقف العربية الجديدة.

وبالطبع، من نافل القول الحديث عن اهمية العلاقات الفلسطينية – العربية عموماً، والعلاقات الفلسطينية مع كل دولة عربية على حدة، فالعالم العربي هو الرئة الثانية التي تتنفس منها فلسطين، ولهذا من الحكمة ان تجري دراسة معمقة وشاملة لكافة التطورات الاخيرة وتداعياتها على القضية الفلسطينية ووضع استراتيجية سياسية قادرة على التعامل مع هذه التطورات بأقل قدر من الخسائر، فشعبنا وقيادته ليسا بحاجة الى مزيد من الاعداء في منظومة القوى بالمنطقة، والاصل تعزيز العلاقة مع الاشقاء والاصدقاء وفتح حوار مع من نختلف معه بالرأي مع الحفاظ على نقاط الاتفاق الاخرى وتعزيزها.

وفي المحصلة، فإننا أمام مرحلة دقيقة وحرجة تتطلب حكمة ورويّة بعيداً عن اية مهاترات أو شعارات لا تنسجم مع واقع الحال، فالمطلوب اليوم الحفاظ على اقصى درجة من العلاقات الفلسطينية – العربية والحفاظ على أكبر دعم عربي للمطالب العادلة لشعبنا.