إسرائيل تشكل وحدة عسكرية خاصة للتعامل مع تداعيات الصراع في سوريا على أمنها

20 فبراير 2014آخر تحديث :
إسرائيل تشكل وحدة عسكرية خاصة للتعامل مع تداعيات الصراع في سوريا على أمنها

تبدي إسرائيل اهتماما متزايدا بتطورات الوضع السوري وتعقيداته في ما يتعلق بالصراع المسلح ونمو الجماعات المسلحة المدعومة من الغرب وحلفائه الخليجيين، ويتفق القادة العسكريون الإسرائيليون على أن الاضطرابات الإقليمية التي أثارتها الانتفاضات الشعبية ونمو الجماعات التي تعمل على وسم الصراعات في المنطقة بالمذهبية والطائفية قد قللت من احتمالات حدوث حرب تقليدية في المدى المنظور.

وتحتل هضبة الجولان السورية المحتلة لدى إسرائيل أهمية كبرى في هذا الوقت اذ انها تستعرض قوتها العسكرية على حدود تلك الهضبة باستخدام أحدث تقنيات أجهزة الاستخبارات في جمع المعلومات وتُخصص وحدة عسكرية جديدة على الجبهة لمواجهة ما يصفه المسؤولون الإسرائيليون بالتهديدات المتزايدة الناتجة عن الحرب التي تشنها الجماعات المسلحة في سورية. ونصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس أواخر الشهر الماضي وحدة عسكرية أقليمية خاصة جديدة باسم “باشان”، وهي وحدة احتياطية سابقة أعيدت للخدمة مع قوات عسكرية أمامية فاعلة لمواجهة جميع التهديدات في هضبة الجولان ومنطقة جبل الشيخ. وتضم باشان التي هي جزء من القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، كتيبة قتالية جديدة مدعومة من منظومة الاستخبارات (مارس) المزودة بأجهزة استشعار وأحدث الإصدارات من نظام Tzayad C4ISR الرقمي، الذي تطوره شركة “إلبيت” الإسرائيلية.

وقال رئيس القيادة الشمالية في قوات الاحتلال الإسرائيلي الجنرال يائير جولان: “لقد أنشأنا هذه الوحدة العسكرية في هضبة الجولان وزودناها بأفضل القوات لتكون أكثر استعدادا من أي وقت مضى. فهي مُعدَّة ومُرَكَّزة للتعامل مع التهديدات المُتغيرة”.

وحتى عشية انفجار الوضع في سوريا في آذار (مارس) 2011 كان الإسرائيليون يعتبرون أن الحدود في هضبة الجولان التي تمتد إلى 62 كيلومراً هي الأهدأ على الجبهات الإسرائيلية. ويقول الاسرائيليون منذ ما يقرب من 40 عاماً ان الحوادث عبر الحدود نادرة الحدوث وسرعان ما كان يتم احتوائها من قِبل النظام السوري.

وأعرب مدير معهد دراسات الأمن القومي، عاموس يادلين، عن اعتقاده بأن عدم الاستقرار الناتج عن الحرب الجارية في سوريا والمشتعلة على الحدود الشمالية هو في صالح إسرائيل، على الأقل في المدى القصير.

وقال يادلين، وهو جنرال متقاعد في القوات الجوية الإسرائيلية والمدير السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في تصريح له يوم 27 كانون الثاني (يناير) الماضي إن “حقيقة أن النظام السوري منشغل ببقائه في السلطة، وضعف قواته العسكرية بشكل كبير بجانب أن ترسانته الكيميائية هي قيد عملية تفكيك”، كل هذا يقلل من وجود خطر على المدى القريب لإسرائيل.

ويذكر بعض ضباط الجيش الإسرائيلي أن الوحدة العسكرية الجديدة، “باشان” هي نِتاج التقييمات الجديدة التي تقول بأن الجيش الإسرائيلي من الممكن أن يواجه تهديدات أكثر خطورة من المتسللين المدنيين في الأشهر والسنوات المُقبلة.

unidox solutab in usa.

كما أن إسرائيل عمدت عقب تسلل المئات من المتظاهرين المدنيين في الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في عدوان حزيران (يونيو) 1967 في عام 2011 إلى تحصين الحدود بخنادق أعمق، وألغام أرضية جديدة، ومراكز مراقبة إضافية، وأسلاك شائكة قوية وأسوار عالية أيضاً.

وذكر بعض الضباط أنه، بجانب وجود ثلاث أو أربع قرى على الحدود لا تزال تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فإن الحدود مع سوريا في هضبة الجولان يستحوذ عليها المتمردون بشكل كبير. كما أن معظم المناطق التي يسيطر عليها المتمردون تتبع جماعات جهادية دولية مرتبطة بشكل غير رسمي بتنظيم “القاعدة”.

ونقلت مجلة “ديفنس نيوز” الأميركية عن ضابط إسرائيلي كبير قوله: “اليوم، يسيطر المتمردون على معظم المنطقة الواقعة في جنوب هضبة الجولان. ومن بين قوات المتمردين، يتم إنهاك قوى التيارات المعتدلة بشكل متزايد بينما تزداد قوة التيارات المتطرفة. وتفتقر التيارات المعتدلة إلي دعم خارجي كافٍ، كما تفتقر إلى الدعم من السكان المحليين؛ الأمر الذي يصُب في مصلحة التيارات المتطرفة”.

كما قَدَّرَ رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أفيف كوخافي، أن نحو 30 ألفاً من قوات الجماعات الجهادية الدولية تقوم بعمليات في سورية.

وذكر كوخافي في محاضرة له في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في 29 كانون الثاني (يناير) الماضي أن “هذه ليست التيارات السلفية المعتدلة. كما أصبحت سوريا منطقة جذب لهؤلاء النشطاء من أوروبا وآسيا واستراليا وحتى أميركا، ويمكن أن تؤدي أنشطتهم على الأرجح إلى هجمات وحشية غير عادية على حدودنا”.

ووصف الضابط الإسرائيلي الكبير في مقابلته مع “ديفنس نيوز” يوم 10 شباط (فبراير) الجاري تهديد تنظيم “القاعدة” المرتبط بالجماعات الجهادية الدولية على الحدود الإسرائيلية مع سوريا ولبنان بأنه نتيجة مثيرة للقلق بسبب التحولات الجذرية التي تجتاح المنطقة. وقال: “في الوقت الحاض، هم لا يقاتلوننا، ولكننا نعرف أيديولوجيتهم… وما يمكن أن يكون عليه الحال في الأشهر المُقبلة. أننا يمكن أن نجد أنفسنا ننجر إلى مواجهة معهم”.

والأمر الذي يُثير قلق إسرائيل أكثر من تهديدات المتمردين من التيارات المُتطرفة هي قوات حزب الله التي تُقدر بنحو 4 آلاف إلى 5 آلاف مُقاتل بالإضافة إلى ألفي متطوع عراقي يقاتلون في سوريا إلى جانب القوات الحكومية السورية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد مئات المستشارين والمُشرفين والقادة من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني والذي تقوم بتوفير القيادة والسيطرة التكتيكية في المعارك ضد المتمردين.

وقال الضابط الإسرائيلي إن “ظاهرة وجود الجهاد الدولي الجديد على حدودنا هو أمر مُزعج، ولكن يجب علينا ألا نرتبك. ويبقى عدونا اللدود هو محور الشر الدائم المُكّون من حزب الله وسوريا والنظام الإيراني”.

كما تقوم القيادة الشمالية بتقييم الوضع وترى بأن هناك اهتماما مُنخفضا من قِبل قوات النظام والمتمردين بالقيام بهجمات مباشرة على إسرائيل خلال العام المُقبل، فكلا الجانبين يركز على الحرب التي أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 140 ألفاً من بينهم أكثر من 60 ألفا من الجنود السوريين، وتشريد ما يصل إلى 6 ملايين نسمة خلال السنوات الثلاث الماضية.

كما صرح الضابط الكبير بالجيش الإسرائيلي “تقييمنا هو أن الأسد سوف يكون أقل انخراطاً في المناطق على حدودنا طوال عام 2014. فهو سوف يفضل التركيز على المناطق الخاضعة لسيطرته وتكثيف استراتيجيته في حصار وتجويع ومُعاقبة المناطق التي يسكن فيها المتمردون”.”

وتقدم إسرائيل خدمات طبية إلى جرحى المتمردين السوريين وقد ذكر أنه حتى يوم الثلاثاء استقبل اكثر من 700 من هؤلاء وعولجوا.

وبالرغم من ذلك، فمن المُحتمل أن تواجه إسرائيل العنف غير المباشر بين الجماعات المتحاربة أو محاولات من الجهاديين لاستفزازها للقيام برد فعل ضد حزب الله.

ونفلت “ديفنس نيوز” عن ضابط مسؤول في إسرائيل قوله إن “استبدال الحدود السياسية يتم لتحل محلها الحدود القبلية والعرقية والدينية. والنظام الذي كان يمثل خطراً، ولكنه متوقع، هو أكثر مرونة الآن. وهذا التفكك هو أكثر صعوبة تعقيداً”.

وقال يادلين “إن إقامة منطقة عازلة محايدة في سيناء وهضبة الجولان، وهو ما كان مُخططاً له في عام 2013 لم يحدث. لذلك تم تعزيز قوات الردع الإسرائيلية، حيث تبقى إسرائيل هي أقوي دولة لديها جهاز ماستخبارات وقوة عسكرية تشغيلية فاعلة في المنطقة”.

كما عرض خطاب الجنرال غانتس صورة أقل تفاؤلًا للموقف. وفي حين تم التوافق على تقييم معهد دراسات الأمن القومي بشأن قوات الردع للجيش الإسرائيلي، والتفوق العسكري واحتمال اندلاع حرب تقليدية على المدي القريب، حذر غانتس بأن “الخطر بوجود جيش في مواجهة جيش أخر لم يختفِ”. واضاف موضحا أن أي سيناريو ينبثق عن الحرب الأهلية الجارية في سوريا هو أمر ضار لإسرائيل.

وقال: “كلما تخيلت الوضع بأي طريقة أرى أنه سلبي للغاية. فإذا نجا الأسد، ستكون إيران هي المسيطرة على الوضع. ولو سقط، سيكون هناك جهاد عالمي…وحتى لو بقي (الأسد) في السلطة، سيتم تقسيم سورية. ولن تختفي قواته العسكرية”. واضاف أن الوضع الأكثر تحدياً هو عدم الاستقرار الناتج عن تفكك الدول القومية، والحدود غير واضحة المعالم والمعارضين الجُدد الغير خاضعين للحكومات المُعترف بها وبالتالي يصعب ردعهم واستهدافهم.

وترى القيادة الشمالية وجود احتمال كبير على المدى القريب لاندلاع حرب بين القوات الحكومية وقوات المتمردين في مدينة درعا، التي تقع بالقرب من الحدود بين سورية والأردن.

وقال ضابط الجيش الإسرائيلي إن “المكان الوحيد الذي سيُلاقي اهتماماً كبيراً من النظام السوري في عام 2014 على طول حدودنا هو مدينة درعا، حيث سيحاول الأسد إيقاف الإمدادات التي تصل إلى المتمردين من الأردن”.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة ستبذل كل جهدها للحصول على حصة من قرار الأمن القومي السوري وهو ما يشكل خدمة لإسرائيل، فهي تريد الآن أمرين مرتبطين بفلسطين بشكل مباشر: منطقة عازلة بين خط وقف اطلاق النار في الجولان وبين الداخل تحرسها كونترا سورية مسلحة جيداً، ورضى سورياً وايرانياً عن اتفاق الاطار الذي يعتزم وزير الخارجية الأميركي جون كيري تقديمه للسلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. ويعتقد هرلاء المحللون أن هجوماً نوعياً ذا  شعب ثلاث سيكون قادما من الرمثا الأردنية والسويداء والعتيبة والقنيطرة في سوريا، وهو ما “قد يكون فارقاً إلى حد ان نشعر بعده بحين ان لم تعد هناك معارك رئيسة”.

وسيتم تكليف الوحدة العسكرية برد الضربات وكذلك الرد السريع على أي هجمات وعنف غير مباشر يستهدف إسرائيل. وقال الجنرال غيرشون هاكوهين قائد الفيلق الشمالي في الجيش الإسرائيلي، “ليس بوسعك أن تكون سلبياً إذا كنت تتوقع الحفاظ على قوة الردع”.