تباين تاريخي بين الأسواق والمستهلكين بفعل «كوفيد 19»

6 أكتوبر 2020آخر تحديث :
تباين تاريخي بين الأسواق والمستهلكين بفعل «كوفيد 19»
تباين تاريخي بين الأسواق والمستهلكين بفعل «كوفيد 19»

بقلم: بن وينك

ثمة فجوة غير مسبوقة تاريخياً تشهدها مختلف الأسواق العالمية حالياً بين المشاعر السائدة لدى المستهلكين، وأداء مؤشّرات البورصات الرئيسية في هذه الأسواق. ولعل هذه الفجوة تُعَدُ من أبرز الديناميكيات الجديدة التي أوجدتها جائحة «كوفيد 19» في الأسواق العالمية، وعززت انتشارها. فبينما عانت الأسواق الأمريكية على سبيل المثال جَرّاء الجائحة من أسوأ موجة كساد تشهده منذ الحرب العالمية الثانية، سرعان ما قفزت الأسهم الأمريكية لتعوّض في غضون بضعة شهور ما خسرته بسبب الجائحة، بل إنها ارتفعت إلى مستويات قياسية.

ومن الواضح أن هذه الفجوة بين الأسواق الاستهلاكية والأسهم، أوجدت بدورها انقساماً غير مسبوق هو الآخر بين المشاعر السائدة لدى كلٍ من المستهلكين من جانب، والمستثمرين من جانب آخر. والأمر المثير للدهشة، أنه بينما كان من المفترض أن تسود المشاعر السلبية لدى المستهلكين، يشعر المستثمرون بالتفاؤل نتيجة الارتفاع القياسي للأسهم في أغسطس الماضي، فما يجري على أرض الواقع هو النقيض تماماً.

وفي ما يخص مشاعر المستهلكين، رصدت وكالة «بلومبيرغ» للأنباء يوم الجمعة الماضي ارتفاعاً هائلاً في مستويات راحة المستهلكين، وهو مقياس يحظى بمصداقية وشعبية بالغتين في التنبؤ بآفاق الحركة في الأسواق الاستهلاكية. وسجلت مستويات الراحة لدى المستهلكين %76، وهي أعلى قراءة لها منذ 23 عاماً، أي منذ عام 1987.

وعلى الجانب الآخر، فإن أحدث قراءة سجلها «مؤشر الاتحاد الأمريكي للمستثمرين الأفراد» لرصد مشاعر التفاؤل لدى المستثمرين جاءت أدنى كثيراً من قراءات %97 من قراءات سجلتها مؤشرات مشابهة خلال الفترة نفسها. ويعني ذلك باختصار أنه بينما انتعشت الأسهم على نحو أسرع من الاقتصاد، فإن المستثمرين لا يزالون يشعرون بالقلق.

وعلى الرغم من هذه التباينات الكثيرة المحيّرة بالفعل، إلا أن المحللين الاقتصاديين يرونها طبيعية بل ويستشفون منها بعض الإيجابيات. ويرى جيمس بولسن، كبير المتخصصين في استراتيجيات الاستثمار لدى «لويتهولد غروب» الأمريكية للتحليلات المالية أن هذه الفجوة بمثابة إرهاصة لمزيد من الارتفاع في الأسهم، أو بالأحرى، مرحلة تحضيرية تتهيأ فيها الأسهم لانطلاقة كبرى. بل إن بولسن يحذّر من فقدان المستثمرين لفرصة جني أرباح هائلة خلال هذه الانطلاقة الكبرى المتوقّعة، إذا ما أحجموا عن المشاركة في حركة الاستثمار خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ويضرب بولسن مثلاً لتأكيد وجهة نظره، فيقول إنه في ظل هذه التباينات، ارتفع متوسط العائدات على التداولات الآجلة لمدة أسبوع واحد للأسهم المُدرَجَة في مؤشر «إس أند بي 500» ليبلغ %20.6. ويخلص إلى القول: «عندما يكون جانبا الاقتصاد: الأسواق الاستهلاكية والأسهم متفائِلَين أكثر من اللازم، فإن عائدات الأسهم تبلغ في المتوسط %8.1 فقط.. وإذا شعر الجميع بالارتياح، فغالباً ما يكون هذا هو الوقت كي يشعر المستثمرون في الأسهم بالحذر».

*كاتب في الشؤون الاقتصادية لدى موقع «بزنس إنسايدر» الشبكي البريطاني/ عن “البيان” الإماراتية