حديث القدس
الصمود الاسطوري في معركة الاضراب عن الطعام، التي يخوضها الأسير ماهر الأخرس لليوم الحادي والثمانين، يجب أن يشكل حافزاً كي تكون قضيته على نحو خاص، وقضية الأسرى عموماً، على رأس أولويات التحرك الفلسطيني، رئاسة وحكومة ومنظمة تحرير وفصائل ومنظمات وجمعيات تعنى بشؤون الأسرى والجماهير الفلسطينية عموماً في الوطن والشتات، أولاً لإنقاذ حياته بعد ان وصل الى حافة الخطر الحقيقي وبعد أن أبدى استعداداً لتقديم أغلى ما يملك دفاعاً ليس فقط عن حريته وكرامته بل دفاعاً عن حرية وكرامة شعبه ودفاعاً عن حرية وكرامة آلاف الأسرى الذين يعيشون ظروفاً لا تطاق فرضها الاحتلال للنيل من صمودهم وروحهم المعنوية وانتمائهم لقضية وطنية عادلة.
ان ما يجب ان يقال هنا ان هذا الصمود الاسطوري يجب ألّا يعفي احداً منا عن التحرك المتواصل والفاعل لإنقاذ حياته ونيل حريته وكسر موقف الاحتلال الذي يصر على الاستمرار فيما يسمى بـ«الاعتقال الاداري» مستنداً الى قوانين الانتداب البائدة التي لا يمكن لأية دولة ديمقراطية وتحترم حقوق الانسان والقانون الدولي ان تلجأ لفرضها.
صحيح ان أكثر من فصيل أعرب عن تضامنه مع الأسير الأخرس أو أصدر تحذيرات للاحتلال وصحيح ان هناك جهود من الرئاسة والحكومة عبر الاتصال بالمنظمات الدولية للضغط على الاحتلال وان هناك تصريحات منددة ومستنكرة للاحتلال صادرة عن اكثر من مسؤول فلسطيني، وصحيح ان هناك بعض الفعاليات في عدة محافظات تضامناً واسناداً للأسير الأخرس، إلا ان من الصحيح القول الآن ومع تعاظم الخطورة التي تهدد حياته وعدم رضوخ الاحتلال وقيام محكمته العليا برفض اطلاق سراحه، لم تعد التحركات الحالية تتوافق مع حجم الخطر ولا ترتقي الى ما هو مطلوب من الكل الفلسطيني دفاعاً عن قضية يعتبرها من أولوياته الوطنية.
ومن نافل القول الحديث الآن عن استهداف الاحتلال الشرس للأسرى ومحاولته تشويه نضالهم العادل من اجل حرية شعبهم والظروف القاسية واللاإنسانية التي يفرضها عليهم، فكل ذلك يدركه كل فلسطيني وكل فصيل وكل مسؤول وكل منظمة أو جمعية تعنى بشؤون الاسرى، ولكن ما يثير الاستغراب ونحن وسط جهد وطني للوحدة والمصالحة الا ينعكس هذا الجهد التفافاً حول قضية الاسرى وتضامناً واسناداً جماعياً للمعركة التي يقودها الأسير ماهر الأخرس والأسرى الذين بدأوا فعلياً اضراباً عن الطعام تضامناً معه.
في المحصلة ان ما يجب ان يقال هنا ان المطلوب اليوم تحرك فلسطيني شامل وواسع يشكل كل المحافل الدولية ومنظمات حقوق الانسان والعواصم العربية والاسلامية وتحرك جماهيري واسع مدعوماً من كافة فصائل العمل الوطني، فلا يعقل أن يبقى التضامن والإسناد على هذا النحو الحالي خاصة بعد أن أعلن الأمناء العامون لكافة الفصائل عن تبنيهم للمقاومة الشعبية، وهنا نقول ان التضامن مع الاسير ماهر الاخرس ومع قضايا الأسرى بمختلف أشكال الفعاليات يعتبر أحد أهم أشكال المقاومة الشعبية لغطرسة هذا الاحتلال، وان اضراب الأسير ماهر الأخرس البطولي والمتضامنين معه من الاسرى يشكل اختباراً حقيقياً لترجمة هذه المقاومة على الارض.