تحليل محلل سياسي بريطاني يحذر إدارة بايدن المقبلة من محاولة تقويض “ما حققه” ترامب في الشرق الأوسط

26 ديسمبر 2020آخر تحديث :
تحليل محلل سياسي بريطاني يحذر إدارة بايدن المقبلة من محاولة تقويض “ما حققه” ترامب في الشرق الأوسط

واجه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الكثير من الانتقادات داخليا وخارجيا منذ توليه منصبه وحتى الآن، بالنسبة لعدد كبير من مواقفه وسياساته في الشرق الأوسط وعلى رأسها قرار انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.

لكن المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوجلن، أحد كبار زملاء معهد جيتستون الأمريكي، ومحلل الشؤون الدفاعية بصحيفة ديلي تليجراف البريطانية له رأي آخر، فهو يشيد بترامب وبما حققه من “إنجازات” في الشرق الأوسط.

ويقول كوجلن في تقرير نشره معهد جيتستون إن إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب المقبلة، أوضحت أن أحد أهم أولوياتها هي تبني موقف جديد في تعاملات واشنطن مع الشرق الأوسط. وتريد بوجه خاص إحياء الاتفاق النووي مع إيران وكذلك إعادة بدء حوار مع القيادة الفلسطينية، التي فرضت مقاطعة دامت ثلاثة أعوام بالنسبة لإدارة ترامب.

ويرى كوجلن أنه على الرغم من أن أعضاء فريق بايدن الجديد، وأغلبيتهم من الشخصيات التي عملت مع إدارة أوباما، حريصون على تأكيد جدول أعمال سياسة جديدة بالنسبة للمنطقة، فإنهم “يحتاجون أيضا إلى مراعاة أنه يتعين عليهم وهم يفعلون ذلك، عدم تبديد الإرث الهائل الذي قام الرئيس دونالد ترامب ببنائه في المنطقة”.

وأضاف “أنه من المهم تذكر أنه عندما تولى ترامب منصبه كانت المنطقة ما زالت تتعافى من التداعيات الوخيمة للتعامل الذي يتسم بعدم الكفاءة والسذاجة مع المنطقة من جانب الرئيس السابق باراك أوباما”.

وأوضح كوجلن، “أنه بحلول أوائل شهر كانون ثان/ يناير عام 2017، عندما تولى ترامب منصبه، كانت إيران تنفق على توسيع نطاق نفوذها الشرير في أنحاء الشرق الأوسط عشرات المليارات من الدولارات التى حصلت عليها نتيجة التوقيع على الاتفاق النووي، الذي ساعد أوباما في التوصل إليه عام 2015”.

وقال كوجلن في تقرير نشره معهد جيتستون “إن هذا النفوذ الشرير شمل دعم نظام بشار الأسد في سورية، وتنظيم حزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق والمتمردين الحوثيين في اليمن، الذين يستخدمون بانتظام الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية لمهاجمة المملكة العربية السعودية، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة”.

من ناحية أخرى، “فإن محاولات إحياء عملية السلام الإسرائيلية- العربية، لم تحقق شيئا بسبب موقف إدارة أوباما العدائي تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالإضافة إلى التمسك بسعي لا أمل فيه لإقامة علاقات أكثر إيجابية مع القيادة الفلسطينية”.

وعلاوة على ذلك، “فإن تردد أوباما في أن يصبح مهتما بالحرب الوحشية في سورية كان يعني عرقلة محاولات القوات الأمريكية للقضاء على عناصر داعش، الذي نجح في الاستيلاء على مساحات كبيرة من شمال العراق وسورية”.

ومن ثم فإن ترامب يستحق “الشكر الهائل” على تحقيقه لتحول كامل في موقف أمريكا في المنطقة أثناء فترة ولايته في البيت الأبيض. “فبفضل موقف ترامب القوي تجاه إيران، حيث انسحب من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات شديدة الوطأة ضد طهران، تضاءل الاقتصاد الإيراني بدرجة كبيرة للغاية، وبالتالي حد من قدرة ملالي إيران على نشر عقيدتهم الشريرة في أنحاء المنطقة”.

فقد تم القضاء “تماما” على داعش وحلمه في إقامة خلافة خاصة به، وذلك أساسا لأن ترامب، فور توليه منصبه، “منح القادة الأمريكيين السلطة والحرية لتكثيف الحملة العسكرية ضد المتعصبين الإسلامويين”.

ويمكن القول “انه مع ذلك فإن أكبر إنجاز لترامب كان النجاح الذي حققه في كسر الجمود في عملية السلام الإسرائيلية- العربية من خلال قيام مجموعة من الدول العربية- هي الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسودان والمغرب- بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تحت ما يسمى باتفاقات إبراهام، مع ما يقال من ان كثيرا من الحكومات العربية الأخرى تفكر جديا في اتخاذ نفس الخطوة”.

ويقول كوجلن “إن ما حققه ترامب ليس أمرا رائعا فقط- فقد أعاد تشكيل مشهد المنطقة بعد ما كان سائدا من فوضى وصراع عندما ترك أوباما منصبه. وفي الوقت الحالي يتجه الزخم في المنطقة نحو السلام، وليس الصراع، كما كان الحال في الغالب في ظل رئاسة أوباما”.

ولذلك فإن التحدي بالنسبة لإدارة بايدن المقبلة الآن يتمثل في معرفة كيف يمكنها اتباع جدول أعمال سياسة خارجية مختلفة دون تقويض “الإنجازات المهمة للغاية” التي تم تحقيقها أثناء فترة ولاية ترامب.

ومن المؤكد أنه إذا قامت إدارة بايدن المقبلة بأي محاولة لتقويض “ما حققه ترامب في الشرق الأوسط”، فإن ذلك “لن يكون في صالحها”.