في ذكرى يومها العالمي… القدس تنتصر والنظام الرسمي العربي ينبطح

4 مايو 2021آخر تحديث :
في ذكرى يومها العالمي… القدس تنتصر والنظام الرسمي العربي ينبطح
في ذكرى يومها العالمي… القدس تنتصر والنظام الرسمي العربي ينبطح

بقلم: راسم عبيدات

الصرخة المدوية التي اطلقها الراحل الكبير الإمام آية الله الخميني في 7/8/1979، باعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام، يوماً للقدس العالمي، تخرج فيه الجماهير العربية والإسلامية للشوارع والساحات والميادين العامة لتعبر عن غضبها والاحتجاج على ما تتعرض له المدينة من عمليات “اغتصاب” وتطهير عرقي و”تغول” و”توحش” استيطاني، يطال كل معالم الوجود العربي الفلسطيني فيها، وكل بقعة من أرضها، وبما يشمل فضائها وفوق وتحت أرضها ومقدساتها وفي المقدمة منها المسجد الأقصى، ما زالت تلك الصرخة المدوية مفاعيلها باقية وتتصاعد في ظل ما تتعرض له قدسنا ومقدساتنا من حرب شاملة وجودية يشنها المحتل على شعبنا في كل مناحي وشؤون وتفاصيل حياته اليومية من اجل حسم السيطرة والسيادة على المدينة.

منذ الصرخة المدوية التي أطلقها الراحل الكبير الإمام الخميني قبل إثنين وأربعين عاماً من أجل القدس، جرت في النهر مياه كثيرة، وبم يعدالعرب والمسلمون موحدين حول قضية القدس، ولم تعد المدينة المقدسة بوصلتهم ولا قضيتهم الأولى،حيث العديد من دول النظام الرسمي العربي لم تكتف بتغييب قضية القدس بل قامت بشرعنة علاقاتها التطبيعية مع دولة الاحتلال، كتعبير عن حالة الانهيار التي عصفت بهذا النظام العربي، والذي حدثت تغيرات كبيرة في بنيته ودوره ووظيفته، ولينتقل من نظام يرفع شعارات ” لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف” مع دولة الاحتلال ، لاءات قمة الخرطوم، الى نظام يقول بـ” الصلح والتفاوض والاعتراف” بدولة الاحتلال، وليزيد عليها الهرولة التطبيعية وإقامة التحالفات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية معها، الإمارات والبحرين والسودان والمغرب نموذجاً.

الإيرانيون مطلقو هذه الدعوة والصرخة، تحتل القدس الأولوية في استراتيجيتهم، وهم ينطلقون في دعمهم لشعبنا الفلسطيني ولقضيته الوطنية العادلة ولمقاومته، من منطلقات مبدئية، وتعبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن مواقفها هذه بكل علنية ووضوح، رغم ما تتعرض له من حصار ظالم ومؤامرات من قبل أمريكا والصهيونية العالمية والاستعمار الغربي والعديد من المشيخات العربية الخليجية، ولم تغير موقفها ولم تحد بوصلتها عن القدس.

ما يميز الذكرى لهذا العام انها تأتي في ظروف وتعقيدات كبيرة تتعرض فيها قضيتنا الفلسطينية لمخاطر الشطب والتصفية لها بكل أبعادها وتكريس الموقف الصهيوني على الأرض من قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والأمن والحدود والرواية، في ظل متغيرات فلسطينية وعربية ودولية استفاد منها المحتل، في تنفيذ مخططاته ومشاريعه، فالحالة الفلسطينية ضعيفة ومتشظية ومنقسمة على ذاتها، ومن بعد صدور قرار الرئيس عباس بتأجيل مفتوح للانتخابات التشريعية في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، نعتقد بأن الأمور الداخلية الفلسطينية ذاهبة نحو المزيد من الانقسام والمخاطر الكبيرة سياسياً ووطنياً وقانونياً وديمقراطياً على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية ،وكذلك في الجانب العربي حيث النظام الرسمي العربي يزداد انحداراً وخضوعاً للإرادة والإملاءات والاشتراطات الأمرو صهيونية، ولا يتورع عن دعم مشاريع ومخططات الاحتلال في تهويد المدينة وتقسيم أقصاها مكانياً.

كذلك المحتل استفاد من مفاعيل صفقة القرن الأمريكية التي طرحتها الإدارة الأمريكية المتصهينة السابقة، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس والإعتراف بالمدينة كعاصمة لدولة الاحتلال وشرعنتها للاستيطان ومنتوجات المستوطنات في الضفة الغربية في حرب مباشرة شاركت فيها أمريكا إلى جانب دولة الاحتلال على شعبنا وقضيتنا وحقوقنا وأرضنا.

رغم كل ما تملكه دولة الاحتلال من إمكانيات وطاقات وقدرات عسكرية، لكنها لم تعد قادرة على فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، هذا الشعب المتسلح بإرادته والذي بات يستند الى مقاومة في قطاع غزة، تُسند وتحمي الهبات الشعبية للمقدسيين وتفرض معادلات ردع مع المحتل، تمنع وتلجم غروره و”توحشه” و”تغوله” وغطرسته وعدوانه على القدس والمقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى،كما حصل في هبة ساحة باب العامود الأخيرة، وكذلك هناك تغيرات جيوسياسية استراتيجية تحدث في المنطقة والإقليم والعالم، تؤشر الى تصاعد وتنامي قوة وقدرات محور المقاومة الذي يتعاطى مع المقاومة الفلسطينية كجزء من محور ،لا يسمح بتصفيتها والعدوان عليها، وعالمياً نشهد تراجع وانكفاء المشروع الأمريكي في المنطقة، ولم تعد أمريكا قدر العالم ولا شرطيه المتحكم بمصيره، بل هي تمنى بالهزائم ويراكم محور المقاومة المزيد من الإنجازات والانتصارات، فها هي أمريكا صاغرة تعود للاتفاق النووي مع طهران وتستجيب لشروطها برفع العقوبات المجحفة والظالمة عنها، قبل عودة طهران للالتزام بالاتفاق النووي، وتسحب قواتها من افغانستان بعد عشرين عاماً وخسارة 2500 جندي قتلى و24 ألف جندي جرحى وصرف ما يعادل 2 تريليون دولار في هذه الحرب الخاسرة، وكذلك حروبها وعقوباتها الظالمة على سوريا ولبنان واليمن لن تحقق لها أي انتصار، بل هي تتكبد المزيد من الخسائر.

وكذلك لا ننسى بأن وجود قوى عسكرية واقتصادية كبرى كروسيا والصين، خلق قطبية تعددية جديدة في العالم، فوجود تحالف آسيوي كبير روسي – صيني- ايراني من شأنه أن يوقف العربدة والهيمنة الأمريكية على العالم.

رغم كل حالة الانهيار لهذا النظام الرسمي العربي، الا اننا على ثقة بان الجماهير العربية والإسلامية، لن تخون لا مبادئها ولا قيمها،وستبقى القدس حية في ذاكرتها ووجدانها وضميرها، فالقدس يفترض ان توحد الكل العربي والإسلامي، بغض النظر عن الخلافات والتباينات، رغم كل الظروف المجافية، وما تتعرض له طهران وحلف المقاومة من حرب شاملة من قبل امريكا وحلفائها الصهاينة والعرب المنهارين وقوى الاستعمار الغربي متمثلة بالعقوبات الجائرة والحصار الاقتصادي والمالي، والتهديدات العسكرية،إلا اننا على ثقة بأن الصرخة المدوية التي أطلقها الإمام الراحل الكبير الخميني، سيتردد صداها بشكل كبير عند الجماهير العربية والإسلامية، وكذلك الأحزاب والقوى التي لم تفقد اتجاه البوصلة، والتي رغم انتشار جائحة “كورنا” ستخرج لأحياء يوم القدس العالمي بالمسيرات والمظاهرات الشعبية التي ستنطلق لنصرة القدس، كما ان هذه الجماهير بخروجها ستؤكد، بان القدس ستبقى البوصلة وجوهر وعنوان الصراع مع المحتل، وانه مهما أمعن المحتل في تهويدها وأسرلتها، ومحاولة تغيير مشهدها وطابعها العروبي الإسلامي، فهو لن ينجح في شطب الوجود العربي الفلسطيني فيها، وستبقى مآذنها وقباب كنائسها شامخة في قلب مدينة القدس.

الإمام الخميني أطلقها صرخة مدوية، حولوا صرخة هذا الإمام الى أفعال حقيقية، فالتاريخ لن يرحم احدا منكم في حال ضياع القدس، وبدل الأموال التي تصرفونها على تدمير بلدانكم، وقتل أبنائكم بها، يا ليتكم تصرفون الجزء اليسير منها لدعم صمود المقدسيين وبقائهم في قدسهم وعلى أرضهم.