اتهمت الولايات المتحدة الجمعة روسيا بأنها تسعى إلى جعل الأوكرانيين “يتجمدون” بردا هذا الشتاء بينما تقف عاجزة عن تحقيق انتصارات عسكرية، في وقت أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استمرار إجلاء السكان من منطقة خيرسون الجنوبية في مواجهة ضغوط قوات كييف.
ونددت أوكرانيا بما وصفته بأنه “ترحيل جماعي قسري” إلى أراضيها الواقعة شرقًا تحت السيطرة الروسية أو إلى روسيا نفسها.
من جانبه، ضاعف المجتمع الدولي المبادرات لمحاولة إجبار موسكو على وقف هجومها، بدءا من المستشار الألماني أولاف شولتس الذي طلب من الرئيس الصيني شي جينبينغ استخدام “نفوذه” للضغط على الكرملين، إلى مجموعة السبع التي كررت في مونستر بألمانيا دعمها الثابت لكييف.
اتفق وزراء خارجية الدول الصناعية السبع على إنشاء “آلية تنسيق” لمساعدة أوكرانيا على إصلاح منشآت توزيع الكهرباء والمياه التي تعرضت لقصف في الأسابيع الأخيرة و”الدفاع” عنها. كما يتعلق الأمر بتوفير مضخات مياه وسخانات وحاويات للإسكان ومراحيض وأسرّة وبطانيات أو خيام.
وقل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع مجموعة السبع إن روسيا تحاول التعويض عن هزائمها من خلال استهداف البنية التحتية الحيوية وإخضاع أوكرانيا عبر جعل سكانها “يتجمدون” بردا.
رغم ذلك، طمأن رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال مواطنيه قائلا الجمعة “نحن نستعد لجميع السيناريوهات.
نخزن معدات لإنتاج الطاقة في حال الطوارئ”.
وأضاف “اليوم، نحو نصف المباني في جميع أنحاء أوكرانيا لديها تدفئة، مدارس ورياض أطفال ومستشفيات ومبان سكنية… وفي كييف يتمتع حاليا 78 بالمئة من المباني بالتدفئة”.
وتابع المسؤول “هناك احتياطات كافية في مخازن الغاز تحت الأرض. تم جمع 14,5 مليار متر مكعب من الغاز. مع أخذ التسليمات الخارجية المتوقعة في الاعتبار، ستكون هذه كميات كافية للموسم” عندما يكون التسخين ضروريا.
وأردف رئيس الوزراء الأوكراني “تلقينا 700 مولد كهربائي من مانحين (أجانب). وسيسلموننا 900 مولد آخر قريبا”.
بدورها، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) اتخاذ إجراءات لتمكين المزارعين من الاستمرار في الإنتاج رغم النزاع.
– معارك في الشرق –
تواصلت بالتوازي المعارك “الأشد عنفا” وقد “تركزت هذا الأسبوع في دونباس (شرق)، في باخموت وسوليدار”، وفق ما أكد مساءً الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وأضاف “نحتفظ بمواقعنا”، مشيرا إلى وقوع خسائر الكبيرة في صفوف الروس.
وأكدت رئاسة أركان الجيش الأوكراني أن “المحتلين الروس أطلقوا خلال النهار ثلاثة صواريخ ونفذوا خمس غارات جوية وضربتَين براجمتي صواريخ” على مناطق لفيف (غرب) وخاركيف (شمال شرق) ودنيبروبتروفسك (وسط) وزابوريجيا (جنوب).
في مواجهة هذا الوضع، يواصل الغرب تقديم مساعدات عسكرية شاملة لأوكرانيا: ستمول الولايات المتحدة تحديث دبابات تي-72 وصواريخ هاوك أرض – جو ضمن برنامج دعم بقيمة تناهز 400 مليون دولار.
وقال جايك سوليفان، مستشار الرئيس الأميركي، في كييف بمقر الرئاسة الأوكرانية الجمعة “نحن ندرك الحاجة الشديدة لأنظمة الدفاع الجوي في هذا الوقت الحرج التي تمطر فيه روسيا والقوات الروسية صواريخ على البنى التحتية المدنية للبلاد”.
– ترحيل –
قال بوتين خلال حفل لمناسبة يوم الوحدة الوطنية الروسية في الساحة الحمراء في موسكو “من خلال إمداد أوكرانيا بالأسلحة باستمرار وإرسال مرتزقة إليها… يحقق (الغرب) أهدافه الجيوسياسية التي لا تمت بصلة الى مصالح الشعب الأوكراني”، مؤكدًا أن هذا يهدف أيضًا إلى “إضعاف روسيا وتفكيكها وتدميرها”.
وأضاف “أولئك الذين يعيشون حاليًا في خيرسون يجب إبعادهم عن مناطق القتال الأكثر خطورةً… ينبغي ألّا يُعاني السكان المدنيون من عمليات القصف أو هجوم أو هجوم مضاد أو غيرها”.
بدورها قالت الخارجية الأوكرانية إن “إدارة الاحتلال الروسي بدأت عمليات ترحيل جماعي قسرية لسكان هذه المنطقة” وإن “عمليات ترحيل مماثلة تجري في مقاطعات زابوريجيا (جنوب) ولوغانسك ودونيتسك (شرق) وكذلك في شبه جزيرة القرم”.
الأسبوع الماضي أعلن الروس نقل 70 ألفًا من سكان خيرسون ومنطقتها إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبر، حيث تسيطر موسكو بشكل أفضل على الوضع.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الجمعة أنه يجري إجلاء “أكثر من خمسة آلاف” مدني “يوميًا” من المنطقة.
– أبطال –
لكن في أرخانجيلسكي، وهي قرية في المنطقة سيطرت عليها القوات الأوكرانية مؤخرًا وما زالت تحمل آثار القتال العنيف – ملابس عسكرية روسية ملطخة بالدماء في الشوارع ودمار ورائحة الجثث المنبعثة من بعض المباني – قالت امرأة إن السكان رحبوا بالجنود الأوكرانيين كالأبطال.
وقالت تمارا بروبوكيف (59 عاما) والدموع في عينيها “عانقني الجنود بشدة إلى درجة أنني شعرت بأنهم أبنائي”.
وروى أناتولي ماسترينكو وأنتونينا فويتشكو أنهما ساعدا أكثر من 2000 مدني على الانتقال سرًا إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية تحت القنابل.
لكن في موسكو، قال الرئيس الروسي أمام مجموعة متطوّعين إن 318 ألف مجنّد سجلوا أسماءهم منذ إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في أيلول/سبتمبر.
وقد تجاوز العدد هدف تجنيد 300 ألف شخص لأن “المتطوّعين ظلوا يأتون”، وفق قوله. ومن بين هؤلاء، يشارك 49 ألفًا في القتال.
لكن أقارب جنود روس قالوا لفرانس برس إن التعبئة اتسمت “بالفوضى”. وقالت تاتيانا التي تم تجنيد ابن أختها في كراسنوجورسك “كل ما يُعرض على التلفزيون كلام فارغ”.
منذ إعلان التعبئة، فرّ عشرات آلاف الرجال من البلاد. ووصفهم الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف الجمعة بأنهم “خونة جبناء ومنشقون جشعون”.
في الأثناء، أعلنت مجموعة فاغنر الروسية الجمعة شبه العسكرية الموجودة في أوكرانيا افتتاح أول مقر لها في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية.