أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بأن بلدة كفر عقب الواقعة شمالي القدس، والتي تعد أكبر منطقة حضرية في المدينة المقدسة، تفتقر إلى المياه الجارية، ويبدو أن لا أحد يهتم.
وقالت في تحقيق صحفي إن سكان البلدة لا يحصلون على المياه سوى بضع ساعات فقط في الأسبوع، ولا يمكنهم غسل الملابس أو الأرضيات، ويضطرون إلى التوقف عن الاستحمام.
وأضافت أن المياه الجارية لا تزال مقطوعة في كفر عقب، وهي منطقة مترامية الأطراف في شمال القدس الشرقية يقطنها أكثر من 100 ألف نسمة، ويعد المواطن الذي تتوفر في منزله مياه جارية لأكثر من يوم واحد في الأسبوع محظوظا.
ويحصل عشرات الآلاف الآخرين على الماء لمدة 4 إلى 9 ساعات فقط في الأسبوع، وفق التحقيق الذي أجراه الصحفي بالصحيفة اليسارية الإسرائيلية نير حسون.
تدهور مستمر
وأكد حسون أن الوضع المستمر منذ شهرين آخذ في التدهور، مضيفا أن من كانوا يحصلون على الماء يومين في الأسبوع، تقلصت المدة ليوم واحد ولبضع ساعات فقط.
ويعاني مستشفى القدس للولادة في كفر عقب بالقدس الشرقية هو الآخر من انقطاع المياه الجارية. ونقلت هآرتس عن مدير المستشفى تقي القيسي القول إنهم يضطرون للتأكد باستمرار من كمية المياه المتبقية، “ونحن نحصل الآن على المياه يوما أو يومين في الأسبوع، ومع ذلك، فإن المياه لا تصل إلى الطابق العلوي لعدم وجود ضغط كاف في الأنابيب”.
وتعقب الصحيفة على تصريح القيسي بالقول إن إدارة المستشفى تضطر، في ظل الافتقار لإمدادات مياه منتظمة، إلى إنفاق أموال كثيرة أسبوعيا على صهاريج المياه لضمان قدرة الأمهات الجدد على الاستحمام بعد الولادة.
ويقول القيسي إن مختلف الوكالات الحكومية على علم بالأزمة، بما في ذلك وزارة الصحة وبلدية القدس، ولم يعرض أي منها المساعدة.
صورة قاتمة
ورسم تحقيق هآرتس صورة قاتمة عن الأوضاع في كفر عقب، التي تعد رسميا جزءا من القدس، ومعظم سكانها من العرب الذين يحملون بطاقات هوية إسرائيلية. ومع ذلك، فإن السلطات تهمل المنطقة بشكل شبه كامل.
ولا يزال العديد من الشوارع غير معبدة، وتنهار أنظمة الصرف كل شتاء، مما يؤدي إلى غمر المنازل والشوارع. ووفق الصحيفة، فإن البلدة تفتقر أيضا إلى مركز للشرطة أو فنيين أو مقدمي خدمات، كما لا يوجد فيها ملعب واحد أو مساحة خضراء لعشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون هناك.
وتغص الشوارع بمياه الصرف الصحي التي تتجمع في شكل برك، وشكا السكان من أن الطاقم المسؤول عن فتح المجاري لا يعمل إلا لبعض الوقت لأنه يحتاج أيضا إلى الماء لتشغيل المعدات.
ولمعالجة النقص، بدأ السكان اشتراء المياه من الصهاريج التي يديرها رجال أعمال مستقلون، حيث تتراوح تكلفة ملء حاويتين كبيرتين سعة 3 آلاف لتر ما بين 300 و350 شيكل (85 و95 دولارا)، حسب ارتفاع المبنى.
الهاتف والإنترنت والكلاب الضالة
وصرح القيسي بأن خدمات الهاتف والإنترنت انقطعت في الآونة الأخيرة عن المستشفى لمدة أسبوعين، ولم يتمكن الموظفون من العمل إلا باستخدام الهواتف المحمولة.
وأردف أن قطعان الكلاب الضالة تتجول في المنطقة، ويعيش السكان في أحياء تعاني من ضعف البنية التحتية ومن ظروف معيشية صعبة، ويعتمدون في كسب الرزق على حاجز قلنديا في عبورهم للوصول إلى مقار العمل ومؤسسات التعليم في المدينة المقدسة. كما أن الطريق المؤدية إلى نقطة التفتيش تتناثر فيها الكتل الخرسانية المحترقة والقمامة والأتربة.
تدهور شديد
ورغم أن كفر عقب ليست بذلك المكان البائس حيث تنتصب فيها المباني الشاهقة، والعديد من سكانها من الطبقة الوسطى، فإن الظروف المعيشية فيها تدهورت بشدة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كما عرض التحقيق الصحفي لهآرتس.
وتسببت الأزمة -طبقا للتحقيق الصحفي- في تعطيل الحياة بشكل كبير في المنطقة، وألغت المدارس المخيمات الصيفية، وأصبح المرضى ينقلون إلى مستشفيات داخل القدس خوفا من نقص المياه.
ويظهر التأثير بشكل أكبر في الحياة اليومية، حيث يتجنب السكان الاستحمام وغسل الأرضيات وتشغيل الغسالات وحتى تنظيف المراحيض.ففي غضون الأسابيع القليلة الأولى من اندلاع الحرب، أغلقت إسرائيل نقطة تفتيش قلنديا، ومن ثم لم يستطع المرضى وتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات والعمال الوصول إلى المستشفيات ودور العلم وأماكن العمل في أنحاء القدس الأخرى.
المصدر : هآرتس