كأن الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 والتي قامت إسرائيل بتوطين نحو 700 ألف مستوطن على أراضيها، بحاجة لكارثة من نوع آخر، تمثلت في تحويلها إلى مكب ضخم للنفايات الإسرائيلية السامة والخطيرة.
ويقول مسؤولون وخبراء فلسطينيون إن نحو 60٪ من النفايات الإسرائيلية المختلفة يتم التخلص منها في الأراضي الفلسطينية، ما يهدد السكان والمياه والتربة، في مخالفة صريحة للقانون الدولي، وقوانين حماية البيئة.
تقول عدالة الأتيرة رئيس سلطة البيئة الفلسطينية، إن إسرائيل تستخدم أراضينا لكب نفاياتها عامة، والخطرة خاصة.
وأوضحت أن نحو 98 مكبا للنفايات الإسرائيلية منتشرة في الضفة الغربية المحتلة، تستخدم لكب النفايات من داخل إسرائيل، بخلاف عشرات المكبات العشوائية تتخلص فيها المستوطنات من مخلفاتها.
وأضافت أن إسرائيل تتخلص من النفايات الخطرة كالزيوت المحروقة، والمخلفات الكيماوية، والإلكترونية، وغيرها، في الأرضي الفلسطينية، بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية.
وتشكل تلك النفايات تهديدا طويل الأمد على البيئة الفلسطينية من تربة ومياه وهواء، وحياة برية، بالإضافة إلى حياة المواطنين، بحسب المسؤولة الفلسطينية.
وقالت الأتيرة إن”الرقابة الإسرائيلية تبدي تشددا في كل ما يتعلق بمعالجة النفايات الخطرة داخل إسرائيل، الأمر الذي دفع إلى إخراجها للضفة الغربية”.
وأضافت “عدد كبير من المصانع الإسرائيلية انتقلت للعمل في المستوطنات بالضفة الغربية للتخلص من النفايات هناك”.
وأشارت رئيس سلطة البيئة، إلى أن السلطات الإسرائيلية حولت كسارة غربي نابلس شمالي الضفة الغربية لمكب عشوائي للنفايات.
وكشفت أن طواقم سلطة البيئة وبعد معاينة تلك النفايات تبين أنها مواد دهنية وجلاتين، ومواد كيماوية خطرة ومخلفات دباغة، مضيفة “هذا مكب واحد من عشرات المكبات”.
وتابعت أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي بنقل النفايات لأراض محتلة، وتخالف قواعد حماية البيئة.
وتسعى إسرائيل لتجميل صورتها أمام العالم، بإنشاء محطة لإعادة تدوير النفايات شرقي القدس، بحسب “الأتيرة”.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي رصد ميزانية بقيمة 1.4 مليار شيكل (نحو 377 مليون دولار) لمشروع إعادة تدوير النفايات والذي سيقام على أراض فلسطينية بالقدس المحتلة، بحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
** 200 ألف طن سنويا
من جانبه، قال وليد عساف، رئيسة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (تابعة لمنظمة التحرير) ، إن ملف مكبات النفايات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والكسارات، مدرجة ضمن ملف الاستيطان المقدم لمحكمة الجنايات الدولية.
وقال عساف إن “إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال تنتهك كل القوانين الدولية، بفعل الاحتلال والاستيطان، ولم تكتف بهذا الحد، بل حولت الضفة الغربية لمكب للنفايات بكل أنواعها، وخاصة الخطيرة”.
بدوره، أكد جورج كرزم مدير مركز معا التنموي (غير حكومي)، أن إسرائيل تتخلص من أكثر من 50٪ من نفاياتها في أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وقدر “كرزم” حجم النفايات الإسرائيلية في الضفة الغربية بنحو 200 ألف طن سنويا.
ولفت إلى أن غالبية النفايات تصنف من النوع السام والخطير، كالمخلفات الإلكترونية، والحمأة السامة (مخلفات إعادة تدوير مياه الصرف الصحي)، والمخلفات الطبية، والمواد الكيماوية وغيرها.
وقال “إسرائيل حولت الضفة الغربية منذ عقود لمكب نفايات”.
وأشار مدير مركز معا التنموي، إلى أن المواطن الفلسطيني والبيئة يتعرضون لخطر حقيقي، يتمثل بالغازات السامة الملوثة للهواء والمياه والتربة.
وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة “بيتسليم” (خاص)، في تقرير له نهاية العام 2017، إن 60٪ من الحمأة السامة الناتجة عن محطات معالجة المياه العادمة في إسرائيل تكب في الأغوار الفلسطينية شرقي الضفة.
وأشار التقرير إلى أن جزءا كبيرا من النفايات تدفن في الأراضي الفلسطينية بشكلها الخام، وجزء أخر يترك دون دفن.
وتسيطر إسرائيل على الأراضي المصنفة “ج” والتي تقدر بأكثر من 60٪ من مساحة الضفة الغربية، وفقا لاتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل، عام 1993.
وتشير تقديرات إسرائيلية إلى وجود نحو 430 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية؛ وهذا العدد لا يشمل 220 ألف مستوطن في مستوطنات مقامة على أراضي القدس الشرقية، يسكنون في 164مستوطنة، و116بؤرة استيطانية لا تعترف بها الحكومة الإسرائيلية.