في اليوم الـ358 للحرب على غزة شنت إسرائيل غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية، مما تسبب في تدمير مبانٍ واشتعال حرائق تقول التقارير ان اسرائيل استخدمت في هجماتها على بيروت وسائل قتالية وقنابل ضخمة مما يؤدي الى إحداث إضرار وخيمة بالبيئة كما حدث في قطاع غزة .
ويتزامن ذلك التحضير لإنطلاق مؤتمر “كوب29” في دولة اذربيجان ، مع حالة من الغليان غير المسبوق، سواءً على صعيد القضايا المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة -وهو ما عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ، بأن “عصر الاحتباس الحراري قد انتهى وحل عصر الغليان العالمي”- أم على صعيد تزايد حدة الصراعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط والعالم، على غرار المواجهات العسكرية التي برزت خلال العام الجاري في السودان، والحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، فضلاً عن استمرار التأثيرات والتداعيات الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا. وهذه الحالة من الغليان والتصعيد، أثارت مزيداً من التساؤلات حول تأثير الحروب في قضايا المناخ، والمكانة التي تحتلها هذه النقاشات على أجندة المجتمع الدولي.
مديرة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية عبير البطمة تقول :
- فلسطين تعاني من الجفاف وقلة الأمطار بسبب التغير المناخي ودرجات الحرارة ترتفع بشكل كبير جداً في الصيف وتنخفض جداً في الشتاء.
- هناك انخفاض في كثافة هطول الأمطار خلال الـ 14 عاما الماضية، والتغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار لها تأثير على المحاصيل الزراعية
- إسرائيل تحد من موارد المياه في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الفلسطينية، ويجب الحصول على إذن من إسرائيل من أجل أنشطة مثل حفر آبار المياه في المنطقة
قالت مديرة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية عبير البطمة، إن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، أضيفت إلى آثار أزمة المناخ العالمية والجفاف، ما يضاعف عجز التصدي للتغير المناخي، ويؤدي لعواقب بيئية خطيرة على المدى البعيد.
جاء ذلك في حوار معها ، حول الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة المتواصلة ، وتأثيرها على مواجهة غزة للتغير المناخي.
وسقط آلاف المدنيين في غزة مع مواصلة إسرائيل هجماتها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأدى الدمار الذي شهدته المنطقة إلى تسليط الضوء على الكارثة البيئية والصحية العامة.
ويواجه سكان غزة، الذين تأثروا سلباً بتغير المناخ لسنوات عديدة، صعوبات في الوصول إلى موارد المياه، خاصة بسبب الهجمات الإسرائيلية.
*معاناة الجفاف
وتعليقا على حالة الحرب الحالية، قالت البطمة إن “فلسطين تعاني من الجفاف وقلة الأمطار بسبب التغير المناخي، كما أن درجات الحرارة ترتفع بشكل كبير جداً في الصيف وتنخفض جداً في الشتاء”.
وأشارت إلى أن “وجود انخفاض في كثافة هطول الأمطار خلال الـ 14 عاما الماضية، وأن التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار لها تأثير على المحاصيل الزراعية ومستويات المياه الجوفية”.
وأكدت أن “إسرائيل تحد من موارد المياه في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الفلسطينية، ويجب الحصول على إذن منها من أجل أنشطة مثل حفر آبار المياه في المنطقة وبناء محطة معالجة، وأغلب هذه الطلبات مرفوضة”.
وتابعت قائلة “إسرائيل تسمح بدخول كمية قليلة جدًا من الوقود إلى قطاع غزة الواقع تحت الحصار، وبما أنه لا يمكن تلبية احتياجات الطاقة لمرافق معالجة المياه، فإن هذه المرافق لا يمكن أن تعمل دائمًا، وهذا يعني أن مياه الصرف الصحي يتم تصريفها في البحر دون معالجة”.
وتطرقت إلى مخاطر ذلك بالقول “نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحي إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، فإن 96 بالمئة من المياه في المنطقة لا تستوفي معايير المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى ذلك بنت حكومة الاحتلال سد على الحدود الشرقية لغزة، وفتحوا السد بشكل مفاجئ مما أدى إلى غمر الأراضي الزراعية، وتدمير جزء كبير من المنطقة”.
*أزمة المناخ والسياسة
البطمة تحدثت عن تراكم وتأثير الأزمات بالقول “أزمة المناخ ليست طبيعية فحسب، بل سياسية أيضا في فلسطين، عندما يجتمع التغير المناخي مع الهجمات الإسرائيلية، تتقلص الأراضي الزراعية.
وأردفت: “وعندما يقترن التغير المناخي بالهجمات الإسرائيلية، تجف الأراضي الزراعية لعدم توفر المياه لري المحاصيل المزروعة هناك، وبالتالي يتوقف الناس عن زراعة أراضيهم”.
وزادت “إنتاج القمح تأثر بشكل خاص بهذا الوضع وهناك انخفاضا بنسبة 10 بالمئة في إنتاج القمح بين 2010 و2020”.
وأشارت بطمة إلى أن “الهجمات الاسرائيلية في الشرق الأوسط الأخيرة ستكون لها آثار بيئية خطيرة على المدى الطويل، سنرى هذه الآثار على التربة والمياه والموائل البحرية والهواء، والأهم من ذلك على صحة الإنسان”.
وبينت أن “إسرائيل قطعت المياه ونفدت الموارد في غزة من المياه الصالحة للشرب، يعتمد الناس على المياه المالحة للشرب، وبذلك يعيش الفلسطينيون تحت تهديدين: الاحتلال الإسرائيلي وتغير المناخ”.
وأكملت “لا يمكننا مكافحة آثار تغير المناخ طالما أن إسرائيل لديها قيود، ونحن كفلسطينيين نحاول إيجاد حلول مختلفة للتكيف مع تغير المناخ، ولدينا الحق في الحصول على المياه من مواردنا المائية الخاصة”.
وختمت بالقول “نكافح من أجل تحقيق ذلك، وعلى الرغم من كل هذه القيود، سنواصل العمل لإيجاد حلول، نحن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق العدالة المناخية في فلسطين، ولكن لا يوجد مناخ للعدالة في ظل الاحتلال”.
*دراسات تحذر من الجفاف
وفق دراسة تحمل عنوان “إعادة هيكلة لجنة المياه الإسرائيلية الفلسطينية” أعدت من قبل خبراء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في 2019، وطاعلت عليها الأناضول، فإن متوسط هطول الأمطار السنوي في المنطقة (الشرق الأوسط) سينخفض بنسبة 10 إلى 30 بالمئة بحلول 2100.
وفي نفس الفترة، سترتفع درجات الحرارة سترتفع بمقدار 3 إلى 5 درجات، وهذا سيزيد من حرارة المنطقة، ولوحظ أنه يمكن أن يؤثر على الإنتاجية الزراعية والإمدادات الغذائية، مما يسبب عدم استقرار الأسعار ونقص الغذاء.
وفي دراسة أخرى بعنوان “خيارات واستراتيجيات التخطيط للمناخ والأمن المائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة” نشرها العام الماضي أكاديميون من جامعة الأمم المتحدة، تم التأكيد على أن الأراضي الفلسطينية توصف بأنها منطقة تعاني من الحرارة والجفاف وندرة المياه معرضة للخطر.
وذكرت الدراسة أن الاحتياجات المائية تتم تلبيتها إلى حد كبير من طبقات المياه الجوفية الجبلية والساحلية وحوض نهر الأردن، لكن معظم هذه الموارد تقع تحت سيطرة إسرائيل، وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 80 بالمئة من حوض نهر الأردن سوف يجف في غضون بضعة عقود.
*تأثير الصراعات
وأشارت الدراسة إلى أن الصراعات المستمرة في المنطقة قد تؤدي بشكل مباشر وغير مباشر إلى تفاقم الجفاف، وتعطيل استمرارية الأنشطة الزراعية والحيوانية، وتسبب زيادة في الحشرات المختلفة والطفيليات الضارة.
وبحسب الخبراء الذين أجروا البحث، تستهدف إسرائيل على وجه التحديد محطات توليد الطاقة وأنظمة تنقية المياه وموارد المياه في غزة، ونتيجة لذلك، يتم تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيًا مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يشكل تهديدات خطيرة على الصحة العامة.
وبينما تذكر منظمة الصحة العالمية أن الحد الأدنى لكمية المياه اللازمة للشخص الواحد يوميا هي 100 لتر، فإن هذا الرقم ينخفض إلى 45 لترا في غزة، و50 لترا في القدس والضفة الغربية، و20 لترا في بعض المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
مقابل ذلك يستهلك المواطن الإسرائيلي العادي 369.5 لترًا من الماء يوميًا، ونتيجة لكل ذلك، فإن 660 ألف فلسطيني يعيشون في القدس والضفة الغربية، لا يحصلون على ما يكفي من المياه، في حين يعاني مليون شخص في غزة من ندرة المياه.
وأوضحت الدراسة أن ندرة المياه في غزة دفعت الناس إلى شراء المزيد من المياه من الشركات الخاصة، وحاول 97 بالمئة من السكان تلبية احتياجاتهم من المياه من صهاريج المياه الخاصة غير المنظمة ومحطات المعالجة الصغيرة غير الرسمية.
وأكدت الدراسة أن 64 بالمئة من السكان يعيشون في فقر، وأن مياه الشرب أصبحت باهظة الثمن، حيث أن الأسر تنفق ثلث دخلها، وفي بعض الفترات نصف دخلها، على المياه.
ومنذ بدء المواجهة الراهنة، في 7 أكتوبر الجاري، قطعت إسرائيل عن سكان غزة إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء.
و يتعرض قطاع غزة المحاصر منذ 2006، لغارات جوية إسرائيلية مكثفة في إطار عملية عسكرية سماها “السيوف الحديدية” دمرت أحياء بكاملها، وأسقطت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين.