بقلم \ أسيل الأخرس
أثار قانون المجلس الأعلى للإعلام ضجة سادت الوسط الصحفي، مسببا حالة من الاستياء من بنود وصفوها بالمجحفة بحق حرية الصحافة والإعلام.
هذا القانون الذي نسبه مجلس الوزراء في كانون الأول الماضي، ورفعه إلى الرئيس محمود عباس للمصادقة عليه وإقراره، كان يأمل منه الصحفيون أن يساهم في حرية الصحافة، ويحرر القلم.
ويرى الخبير في الإعلام القضائي ماجد العاروري أن المجلس بشكله المقر يتعارض مع الهدف من إنشائه، بقوله: يدل القانون على أننا أخذنا من المجتمعات الديمقراطية الاسم فقط واكتفينا به، والمضمون فيه من الدول غير الديمقراطية.
وأضاف العاروري أن الأنظمة الديمقراطية تتعامل مع المجلس الأعلى بغية تحرير الإعلام من سيطرة الحكومة، معتبرا أن مجموعة المواد الواردة في القانون تدل على أن الاشراف والسيطرة سيكون مكرسا بشكل أكبر مما كانت تمارسه وزارة الإعلام.
وأشار إلى “أن القانون لا يرقى ليكون قانونا، ويشكل خطوة للوراء عما جاء في قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني المعمول به عام 1995، ويتضح منه أنه فصّل ليلائم أشخاص بعينهم، ولم يتم دراسته وبحثه بشكل معمق، حيث أن البنود الواردة فيه تؤثر سلبا على مستوى الحريات الإعلامية في فلسطين”.
ويشير العاروري إلى أن القانون اشتمل على بعض المصطلحات غير الدقيقة، كما لم يحدد الصلاحيات على وسائل الإعلام المحلية أو العالمية، واستخدام مصطلحات تصنف كمصطلحات فضفاضة تتيح للحكومة التدخل في عمل وسائل الإعلام، واستخدامها بشكل سيئ، وتوجيهه إلى قضايا محدودة تخدم الرؤيا السياسية للحكومة.
وأشار إلى أن المجلس بحسب القانون أنيط به توحيد الأطر القانونية الناظمة لقطاع الإعلام، متجاوزا أي عمل قانوني يكون من صلاحيات المجلس التشريعي فقط.
واعتبر أن القانون تراجع عن بعض ما جاء في القانون الأساسي الذي كفل حق الأشخاص في إنشاء وسيلة إعلام، وسمح للمجلس بسحب التراخيص من وسائل الإعلام، مشيرا إلى أنه “لا يمكننا مطالبة أي مستثمر أو حزب سياسي ألا يستخدم وسائل الإعلام لخدمة مصالحه، كما جاء في قانون المجلس”.
ولفت إلى أن هناك بعض الصلاحيات التي فوض بها وزير الإعلام بموجب قانون المطبوعات، لم يعالجها القانون، ولم يتم التطرق لمصير وزارة الإعلام، أو قرار بحل الوزارة.
من جهته، قال وزير العدل علي أبو دياك:” إن عدم قدرة وزارة الإعلام على القيام بمهامها استدعى إقرار قانون المجلس الأعلى للإعلام”، مشيرا إلى أن الوزارة غابت عن تشكيل الحكومات السابقة، ولم تتضمن في التشكيلات ادراج وزير للإعلام، حيث أنها تعتبر من الناحية الدستورية غير موجودة.
وأضاف أن هذا القانون سينفذ بموجب أنظمة تصدر عن مجلس الوزراء، موضحا أنه ذهب للعموميات، وناقش المواد الأساسية لتنظيم قطاع الإعلام، من خلال تفويض القانون لمجلس الوزراء لإصدار الأنظمة التنفيذية التفصيلية اللازمة لتنفيذ كافة مواد القانون، بناء على ما يقدمه مجلس إدارة المجلس، تاركا هامشا لمجلس الاعلام لتنظيم العمل الإعلامي في فلسطين.
ولفت إلى أن القانون يدعو إلى نقل صلاحيات الوزير والوزارة الواردة في قانون المطبوعات إلى المجلس، معتبرا أن الأنظمة التنفيذية للقانون من شأنها أن تجعل المجلس نموذجيا.
من جانبه، يقول عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين عمر نزال:” اتفقت اللجنة على مشروع القانون قبل أكثر من عامين، وكان من المفترض أن يرفع إلى الرئيس، ولكن تم تعليق الموضوع، دون ايضاح الأسباب، كما فوجئنا بالإعلان عنه بشكل مغاير عما اتفقنا عليه”.
وأضاف نزال: بدأ النقاش والعمل على إعداد القانون في العام 2012، ودعينا كنقابة للصحفيين للمشاركة باللجنة المكلفة بإنشائه من النقابة، ومجلس الوزراء، ووزارة الاعلام، وخبراء إعلاميين.
وتابع: كانت الفكرة الأساسية من إنشاء المجلس خلق مناخ ديمقراطي بعيد عن الوزارة، ونطمح لنكون هيئة أهلية مستقلة عن الحكومة، والمؤسسات الرسمية، حيث كان ممكنا أن يحقق استقلالية أعلى لوسائل الإعلام.
وأشار إلى أن تبعية الموازنة والتقارير التي ترفع للرئيس، ولمجلس الوزراء، وتعيين رئيس مجلس الادارة والأمين العام يدل على التبعية المباشرة للمجلس إلى صناع القرار، وعدم تحقيق الهدف منه، ورفع مستوى حرية الإعلام.
ولفت إلى أن القانون يمنح بعض الصلاحيات التي فيها تكريس للسلطة، والتدخل في حرية الاعلام، كحقه في سحب التراخيص، والذي يعتبر مخالفا للقانون الأساسي الذي يمنح الحق لأي مواطن في إنشاء وسائل إعلام.
واعتبر نزال أن عدم توضيح بعض النقاط الخاصة بأسس اختيار الأعضاء، والنظام الداخلي للمجلس، وارتفاع عدد ممثلي المؤسسات الحكومية ستجعل منه مؤسسة حكومية بامتياز، عاجزة عن توفير مناخ لحرية الإعلام.
وبين أن القانون سن بعض البنود التي ستسبب بعض الاشكاليات، معتبرا أن منصب الأمين العام سيعرقل عمل المجلس، محققا تعددية رؤوس خاصة، ولا يحق له التصويت على قرارات مجلس الإدارة.
وكانت نقابة الصحفيين أصدرت بيانا يوم أمس، عبرت فيه عن رفضها ومعها كل الجسم الصحفي، وممثلين عن المؤسسات الاعلامية، ومؤسسات حقوق الانسان لقانون المجلس الأعلى للإعلام بصيغته الحالية.
وطالبت النقابة بعدم إنفاذ القانون، وإعادة نقاشه من جديد، أو اعتماد مشروع القانون بصيغته التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف المختلفة عام 2013.
وكان حقوقيون واعلاميون شاركوا في لقاء نظمه مؤخرا المركز الفلسطيني للتنمية وحريات الاعلام “مدى” حول قانون المجلس الأعلى للإعلام، أوصوا بضرورة عدم نشر القانون في الجريدة الرسمية، وإصدار قرار من الرئيس بسحبه قبل بدء نفاذه، نظرا لما يتضمنه من عيوب وثغرات تنسف جوهر فكرة انشائه، وتفرغها من محتواها، لما يتضمنه من مخالفات أساسية للقانون الأساسي، واحتوائه على بنود تشكل مساسا بالحريات الصحفية. india pharmacy mastercard.