evecare para el acne. إذا ارتدت فتاة الحجاب، تنهال عليها التبريكات، وعبارات مثل “أنت أجمل بالحجاب.. يليق بك”، لكن ماذا يحصل حين تخلعه عن رأسها؟ الصحفية رحمة حجة تطرح أسئلة على بعض الفتيات لمعرفة أسباب ارتدائه وخلعه.
اطلّع راديو 24 إف أم على تجارب العديد من الشابّات، اللواتي شاركن تجاربهن، من خلال الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بأسباب ارتداء وخلعه، وردّة فعل العائلة والمجتمع في الحالتين، بين أرض الواقع ومواقع التواصل الاجتماعي، وغير ذلك، مما سيأتي في هذا التقرير.
“غير محجبة سهلة المنال”
تقول سلوى حماد (28 عامًا) من سلفيت، التي ارتدت الحجاب لمدة تسع سنوات، إنها ارتدته حين كان عمرها 15 عامًا، بسبب ضغوطات كثيرة. وتوضح لـ24 إف أم: “كل البنات في عمري ارتدينه آنذاك، وأنا الوحيدة غير المحجبة خارج دوام المدرسة المختلطة، حيث كان لزامًا علينا ارتداؤه داخلها، وبسبب ذلك، تعرضت للكثير من المضايقات من أولاد صفي والصفوف الأعلى، تتمثل برسائل حب، إذ أخذوا فكرة عنّي بأنني سهلة المنال لعدم ارتدائي الحجاب”.
وتضيف: “بعض آباء زميلاتي في الصف منعوهن من التحدث معي، بالإضافة إلى مضايقات عائلية، مثل أن عمّي جاء لزيارتنا من الأردن، وأراد في حينه الخروج لزيارة بعض الأقارب، ورفض أن أرافقه، فيما طلب أستاذ اللغة الإنجليزية مني مغادرة قاعة الدروس الخصوصية خارج أسوار المدرسة، لأنني لا أضع الحجاب، واشترطه عليّ إذا أردتُ العودة”.
لم تستطع سلوى “المقاومة” وحيدة وسط هذه الضغوطات، الشيء الذي أجبرها على ارتداء الحجاب “أمي كانت مع الحجاب وأبي وقف محايدًا”.
وتقول مريم داغر (24 عامًا) من رام الله، إنها ارتدت الحجاب في سن الرابعة عشرة، بعد تعرّضها “لضغوطات عائلية، مفادها أن الفتاة غير المحجبة يُنظر لها على أنها بلا أخلاق ويحق لأي شاب التمعّن في جسدها؛ فهي تختار عرضه بمجرد عدم تغطية شعرها”. لكن ارتداء مريم للحجاب لم يتجاوز شهورًا قليلة، فخلعته، إلا أن “الكلام المتكرر عن غير المحجبات” قادها لارتدائه في سن الثامنة عشرة، وبدأت “تُقنع نفسها بأنه فرض ديني” حسب قولها، حتى حدث التحوّل الأخير عام 2014.
وعن نفسها، تختصر أريج (22 عامًا) القول، بأنها ارتدت الحجاب قبل 10 أعوام لرغبتها في “الاندماج مع زميلات المدرسة لأن غالبيتهن محجبات”، مشيرة إلى أن عائلتها لم تجبرها عليه.
من جهتها، تقول “ن.م” التي فضّلت عدم ذكر اسمها، وعُمرها 25 عامًا: “ارتديته عن قناعة وخلعته عن قناعة”، موضحة “كنت مقتنعة بفرضية الحجاب ثم شعرت بالضيق منه وقرأت عنه فوجدت اختلاف الفقهاء حوله، لأقرر تحكيم عقلي بعد أن قرأت الكثير من القراءات ومشاهدة حوارات جدلية، وكانت النتيجة بأنه ليس فرضًا دينيًا، بالتالي خلعته”.
كما تشاركنا “ك.ع” وفضلت عدم ذكر اسمها أيضًا، وعمرها 23 عامًا، بقولها: “ارتديت الحجاب حين كنت في السابعة عشرة من عمري، بتأثير معلمة الدين، التي كانت تُشعرني أنني من فئة (الآخرين)، أي الفتيات اللاتي لا يرتدين الحجاب، وسيذهبن حتمًا إلى النار، ويُعلقن من شُعورهن يوم القيامة، ولأن جميع زميلاتي في الصف ارتدينه، كان موقفي ضعيفا ولا أملك الثقافة التي تمكنني من الدفاع عن فكرتي”.
وتقول “س.و” التي فضّلت عدم ذكر اسمها، وعمرها 22 عامًا، إنها لا تتذكر في أي سن ارتدت الحجاب لكنها كانت آنذاك طالبة في المدرسة، وخلعته، أو كما تفضّل كلمة “تركته” وهي في السنة الجامعية الثانية، ولا تعرف سبب ارتدائه، إنما تعرف جيدًا سبب تركها له.
وعن ردّة فعل الأهل والمعارف والأصدقاء لقاء ارتداء الحجاب، كانت إجابات الشابّات كالآتي:
سلوى: “رضى عني داخل العائلة، حتى إن عمّتي اشترت لي الكثير من الملابس الطويلة ومجموعة كبيرة من الحجابات، ورأته أمي خيارًا صائبًا وأبي كان محايدًا”.
مريم: “وجدتُ دعمًا من أهلي وإخوتي، والجيران تفاجؤوا وأحبوا الأمر، والأصدقاء دعموني”.
أريج: “تقبلته عائلتي”.
“ن.م”: “تأييد من أهلي، وقالوا إن هذا خياري الشخصي ولا علاقة لهم به، مع النصيحة بارتدائه لأنه عفة وسترة”.
“ك.ع”: “أهلي دعموا فكرة الحجاب، باستثناء أبي الذي ينتمي لحزب يساري”.
“س.و”: “زميلاتي المحجبات في الصف والبنات أحببن فكرة أن أنضم لهن وألا يشعرن بأننا متساويات وهنّ لسن مظلومات بالحجاب”.
“حبيبي تركني وحين عاد..”
“لماذا خلعتِ الحجاب وما ردّة فعل الأهل والأصدقاء والمجتمع المحيط بكِ؟” هذا كان سؤال 24FM لجميع الشابّات اللاتي شاركننا تجاربهن، فماذا كانت الإجابات؟
تقول سلوى: “خلعت الحجاب لأنني لا أحبه ولا يعبر عني ولم أتعامل مع نفسي بارتياح أثناء ارتدائه، إذ شعرتُ يأنه يقيّدني ويجعلني فتاةً بشعة ظاهريًا”.
وتعرّضت سلوى لردود فعل سلبية جدًا بعد خلعه، موضحةً “عمتي لم تتحدث معي وحتى الآن أعلم أنها تكرهني ودائمًا تُسمعني عبارات مثل (الله يهديكي.. أنا مش راضية عنك)، كما أن أمي خاصمتني لما يزيد عن أربعة شهور دون أي كلمة معي، حتى وصل بها منعي من استخدام الغسالة في بيتنا لأنها اشترتها أو أن أتناول من الطعام الذي تُعدّه”.
وتواصل سلوى الحديث قائلة: “فرضت أمي الكثير من الضغوطات كمنعي من المبيت خارج البيت أو التأخر في العودة إليه لأي سبب كان، وغير ذلك، ولكن انتهت المقاطعة المتبادلة بيني وأهل بيتي، لتعود العلاقة بيني وأمي أقوى مما كان وهي تدافع عني الآن إذا ما حاول أحد التكلم عني بسوء، كما ساندني إخوتي وهذا له دور كبير في إصراري وتمسكي بموقفي”.
وفي عام 2012، بدأت مريم تشعر بالضيق من الحجاب، ليصبح هاجس البحث في الدين لديها هاجسًا، فقرأت واستمعت للعديد من المفكرين وعلماء المسلمين وإلى عدد من المناظرات والجدالات بين هؤلاء العلماء حول فرض ارتداء الحجاب من عدمه، لتصل بعدها إلى قناعة، وفق ما تقول إن “الحجاب ليس فرضًا بل عادة اجتماعية”.
أهل مريم دعموها، مع تحذير والدها من العواقب، ونُصحها بأن تكون قوية أمام ردود الفعل، وتضيف: “الجيران لاموا جامعتي ظنًا أن محيط الجامعه والمنهاج والأساتذة يقفون وراء قراري، وفيما دعمني أصدقائي، خاب ظن صديقتي المقربة، بي، وحاولت جهدها إقناعي بالعودة إلى الحجاب وأشركت أهلها في إقناعي”.
ويعود قرار خلع الحجاب بالنسبة لأريج، إلى أن “مفهوم الحجاب والغرض منه لم يعد بالنسبة لها أمرًا مقنعًا”.
أهلها تقبّلوا قرارها، وكذلك أصدقاؤها، مع العديد من نظرات الاستغراب والهمس إلى الإشارة بالإصبع عليها، لكن ذلك لم يؤثر على أريج، حسبما تؤكد، لأن “سعادتها تطفو فوق هذه السلبية”.
في ذات السياق، شعرت صديقات “ن.م” بالغيرة وتمنين لو استطعن أن يخلعنه كذلك، وفق قولها، مضيفةً “في النهاية الجميع احترم قراري”.
فيما تقول “ك.ع” إن التحدّي الأقوى كان بالنسبة لها “السير في الشارع”، وفيه تعرضت لكلمات “قاسية” من نساء القرية التي تعيش فيها، كما أصيبت بعض صديقاتها بالإحباط لدرجة الابتعاد عنها، لكنها “لم تكترث لأن أهلها في النهاية دعموها”.
وغير ذلك، تركها الشاب الذي أحبته وأحبّها، وتقول “ك.ع” عنه: “الآن بعد ثلاثة أعوام عاد يدّق بابي لكنني أغلقته في وجهه”، مضيفة “كانت تجربة صعبة لكنها جميلة جدًا كشفت لي ما خفي عني من مشاعر مزورة وسطحية حولي”.
وكذلك تقول “س.و” التي توصلت إلى إقناع أبيها بعد نقاش طويل مع أحد الشيوخ، وتقبلت عائلتها الأمر: “تمكنتُ من معرفة الحقيقي من المزيف وغربلة المحيطين بي باختصار”.
وظيفة ربيع حرية فرح يوم مشمس شمس
بعد أول صورة من دونه
مواقع التواصل الاجتماعي هي جزء مهم من إشهار وإعلان هذه اللحظة، أي خلع الحجاب، عبر نشر الصور من دونه، فكيف كانت ردود الناس على ذلك؟
تقول مريم، لـ24FM”: “أربع صديقات قمنَ بحذفي من حساباتهن في فيسبوك، فيما وصلتني رسالتان من صديقين تفيد أنهما لن يتحدثا مع فتاة غير مقتنعة بدينها، وأقفلوا حسابيهما (Block) في وجهي، كما استغل بعض الأقارب خلعي للحجاب بتأليف قصص غير أخلاقية عني”.
أما أريج، فكان جوابها “وصلتني بعض الرسائل الفيسبوكية والكثير من الأسئلة على موقع آسك إف أم تشير إلى أن الحجاب كان أفضل لي وأجمل والكثير منهم أرادوا معرفة سبب خلعي له، وبعض منهم تحدث بلهجة لاذعة والبعض الآخر بلهجة تنم عن احترام لكن من دون موافقتي قراري”.
في المقابل، لم تتعرض “ن. م” لردود فعل سيئة عبر مواقع التواصل، إنما مجرد استغراب، من خلعها الحجاب بعد ارتدائه مدة أربع سنوات.
مشاعر أولى وكلمة أخيرة
بين أول أيام ارتداء الحجاب، ونظيرتها عند خلعه، تبوح الشابات اللواتي حاورناهن، بمشاعرهن الخاصّة بين زمن الحجاب وبعده في حياتهن.
سلوى تتذكر فقط أنها لم تكن سعيدة حين ارتدت الحجاب، وفي كل يوم كانت تقف أمام المرآة لترتديه تقول في نفسها “أنا أجمل دونه”، لكنها في أول يوم خرجت به إلى العمل من دون حجاب شعرت بالسعادة الغامرة، وتشعر بحب واقتناع أكبر بنفيها. وتقول إنها أصبحت بعد خلع الحجاب “أحلى وأقوى”.
فيما تقول “ن.م” إنها لمّا ارتدت الحجاب شعرت بــ”العِفّة” أما حين خلعته بـ”الحريّة”، وهي الآن من دونه “سيدة نفسها”. وكان شعور مريم “غريبًا” حين ارتدت الحجاب، مضيفة “شعور ممزوج بين السعادة بتجربة جديدة وسيء بأنني أُجبرت على خوضها لأرضي المجتمع الذي يرى أن الأخلاق تُقاس بقطعة قماش على الرأس”. لكن حين خرجَت إلى العالم من دون حجاب شعرت مريم بالحرية والسعادة، ولم تكتف بالتعبير عن حياتها بكلمة واحدة، حيث قالت “أصبحتُ محبة لذاتي، ومستقلة وقوية ومتمردة على مجتمع يقمع المرأة لراحة الرجل”.
من ناحيتها، كانت أريج “متوترة بألا تظهرَ جميلة بالحجاب” وحين خلعته شعرت “براحة ورغبة في الانطلاق إلى الحياة، وثقة أكبر بالنفس”، وبكلمة واحدة عبّرت عن حياتها بعد خلعه “أجمَل”.
بينما تقول “س.و” إنها لا تتذكر مشاعرها حين ارتدت الحجاب أول يوم، لكنها بالتأكيد كانت “ساذجة”، وعن مشاعرها أول خروجها بعد خلعه “هواء نظيف.. أنا على طبيعتي، وفخورة بجرأتي، وجاهزة وواثقة أمام النظرات التي سأتعرض لها في الجامعة”، واختارت كلمة “حرّة” لتعكس حياتها بعد خلع الحجاب.
السؤال عن تجارب نساء خلعن الحجاب بعد سنوات طويلة من ارتدائه، أثار مصارحات عبر الرسائل الخاصة لمُعدّة التقرير، لنساء يرغبن في خلعه، لكنهن بانتظار الفرصة، أو اللحظة الحسم، ومنهن كانت “د.س” البالغة من العمر 25 عامًا.
وتقول “د.س” التي ترتدي الحجاب منذ 12 عامًا: “دخلت في نقاشات طويلة مع عائلتي من أجل التخلي عن الحجاب، لكنهم يرفضون للآن، رغم موافقة زوجي، حتى إن أمي هددتني بأن تغضب علي إذا خلعته (…) كل خوف عائلتي المتديّنة المحافظة هو المجتمع المحيط بها”.
الكاتبة: رحمة حجة – لإذاعة 24 إف أم