لماذا تُقتل الكلاب، هل هي سبب كورونا .. وما الحل؟

بقلم: طارق صدقة

في ظل الكارثة العالمية التي نعيشها جراء تفشي وباء كورونا، كثرت حوادث قتل الكلاب الضالة في الضفة الغربية، وبالأخص في محافظة رام لله والبيرة، وكأننا نريد أن ننتقم من الوباء في هذه الحيوانات الضعيفة، وكأننا ننساق وراء صيت انتشار الوباء في المدينة الصينية، عن طريق الحيوانات، أو هكذا نبرر أفعالنا.

هناك من يحب الحيوانات وهناك من يحمل قضيتها، والاثنان يعتبران أن الحيوانات كائنات حية مخلوقة مثلنا تماما، وليس من الضروري أن ننتمي لاحدى هاتين الفئتين اللتين تقدران بالفعل على امتلاكهم قلوبا رحيمة بيننا، لكي نتعاطف مع الحيوانات، ولكنا نرى الظلم في قتل كائن حي يتنفس مثلنا وينمو مثلنا ويشعر مثلنا، ويمتثل للقواعد والقوانين أكثر منا، ويشعر ويحب ويتحلى بمستوى من الأخلاق يفوقنا نحن البشر، دون أن يكون لنا أي تصرف يليق بإنسانيتنا.

الفرق الوحيد بيننا وبينهم أنهم لا يستطيعون الكلام، ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، وهذه الصفة جعلت الكثيرين يتجاهلونهم، ويعتبرون وجودهم هامشيا، بالرغم من أنهم عندما خلقوا كان لهم نفس الحق بالوجود مثلنا نحن البشر تماما، إن من يقتل كائنا حيا سيكون من السهل عليه أن يتجرأ على الاعتداء على الإنسان مستقبلا، وتاريخ الديانات التي نؤمن بها، زاخر بقصص الرحمة بالحيوانات، وربما كانت جائحة كورونا نقمة من الله على الظلم والظالمين، والمتكبرين على مخلوقات الله.

إن هذه الحيوانات لم تتعد على البشر إلا عندما خذلها البشر، وتصرف معها بوحشية وعنصرية، وحرمها بيوتها ومساحات وجودها في بيئتها وحرمها الطعام، إلا من حاويات القمامة، فتولد منها حيوانات مزعجة وأحيانا مفترسة، وهذا خطأ الإنسان، يحمله الحيوان الضعيف الذي لا حول له ولا قوة.

في لقاء هاتفي مع السيد أحمد صافي رئيس الجمعية الفلسطينية للرفق بالحيوان في رام الله، قال “أن البلديات ترضخ لشكاوى الناس، وتقوم بتوجيه من يقوم بقتل هذه الحيوانات بالسم وبالرصاص، وقد قامت الجمعية بتقديم شكوى لوزير الداخلية ووزير الحكم المحلي، وقد كان هنالك تجاوبا واضحا”.

إن حلول هذه المشكلة لا يشكل عبئاً كبيراً على البلديات والمجالس القروية، وكما نرى فإن الجمعية الفلسطينية للرفق بالحيوان متواجدة، وجاهزة للعطاء والمساهمة في حل هذه المشكلة، ولا ينقصنا إلا إرادة حقيقية للمبادرة في اقتلاع هذه الظاهرة من المجتمع، لقد أكد السيد صافي “أن تواجد الكلاب بين السكان هو بسبب البحث عن الطعام، وأنه باستطاعتنا أن نقدم لهم بقايا اللحوم الناتجة عن المسالخ ومتاجر اللحوم، ووضعها خارج المدن والقرى في مواقع محددة، بعيدا عن التجمعات السكانية، لتنتقل إليها الكلاب طواعية لتسكن جوعها”.

كما أعتقد أن استخدام مركبة كبيرة مخصصة للإمساك بالحيوانات الضالة، تعد بديلا للبلديات والمجالس القروية عن قتل الحيوانات، لتقوم بعد أي شكوى انزعاج من قبل الأهالي، بإرسال تلك المركبة التي ستقوم بواجبها بإمساك هذه الحيوانات، لإنقاذها وإطعامها وإعادة تهيأتها، ونقلها لمناطق الطعام خارج المدينة، ومن سيقوم بالعمل متطوعون يعملون في إطار الجمعية الفلسطينية للرفق بالحيوان، من أطباء بيطريين ومهتمين بالعناية بالحيوانات، وفق بروتوكولات تتبع النظم القياسية العالمية، بالإضافة لعطاء مجتمع كبير من محبي الحيوانات في سبيل حمايتهم ورعايتهم.

إن هذه الحيوانات جزءٌ من عالم مسخر لخدمة البشر، فلماذا يحمل البعض على الكلاب كل هذا الغل والحقد، دعونا نحترم وجود بعضنا في هذه الحياة، ودعونا نتقبل هذه الحيوانات الأليفة الرائعة، التي يمكننا الاستمتاع برؤيتها، بدلا من التوجم عند مقابلتها أو الخوف منها، ومحاربتها من دون مبرر، وكل عام والجميع بخير وسلامة بمناسبة الشهر الفضيل.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …