نحو كسر سياسة الاعتقال الاداري

حديث القدس

لا شك أن الارادة الفولاذية التي تمتع بها الأسير ماهر الأخرس باستمراره في الإضراب عن الطعام لمدة 103 أيام، ورفضه إنهاء اضرابه الا بعد تراجع سلطات الاحتلال، عن جزء من مواقفها بتعهدها بعدم اعتقاله إداريا مجددا وإطلاق سراحه بتاريخ 26/11، أي عند انتهاء فترة اعتقاله الاداري التي كانت مرشحة للتجديد، لا شك أن ذلك يشكل انجازا بحد ذاته على الرغم من رفض الاحتلال شرعنة ذلك الاعتقال الاداري كعادتها في شرعنة جرائم الاحتلال ومحاولة إلباسها ثوبا قانونيا

كما أن تضامن الحركة الأسيرة وتحركها لنصرة الأسير الأخرس، والفعاليات الشعبية سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو في الداخل الفلسطيني والشتات وكذلك الحراك الرسمي وجهود النواب العرب في الداخل، كل ذلك عكس حالة من الوحدة الفلسطينية وأسهم ايضا في تحقيق هذا الإنجاز، وهو ما يشكل درسا حقيقيا لمدى فاعلية الدعم الشعبي والرسمي للأسرى.

ومما لا شك فيه، ان الانجاز المهم ايضا هو تحريك ملف الاعتقال الاداري مجددا، في خطوة نوعية كسرت سياسة الاعتقال الاداري الى درجة ان كتابا ونشطاء حقوقيين ومحليين اسرائيليين دعوا جهارا الى إطلاق سراح الأخرس والتوقف عن اللجوء لسياسة الاعتقال الاداري التي تبيح الاعتقال دون محاكمة، ودون توجيه تهم معينة، عدا عن تسليط الضوء على هذه السياسة الاسرائيلية في المحافل الدولية.

هذا الاضراب والصمود الاسطوري للأسير الأخرس وما سبقه من إضرابات مماثلة، وحركة التضامن المحلية، رغم بعض القصورات فيها، يشكل خطوة مهمة نحو كسر وإنهاء سياسة الاعتقال الاداري المجحفة الذي عانى منه الاف الفلسطينيين وعائلاتهم والذي يتناقض مع القانون الدولي خاصة وأن اسرائيل تلجأ له كسياسة ممنهجة وليس في حالات استثنائية نادرة، علما أنه لاتوجددولة ديمقراطية واحدة في العالم تستخدم هذا الاسلوب الذي تنتهجه اسرائيل استنادا لقوانين الانتداب البريطاني البائدة.

إن ما يجب أن يقال هنا، إن المعركة التي خاضها الأسير ماهر الأخرس، وما تحقق من إنجاز على طريق كسر سياسة الاعتقال الاداري تنطوي على الكثير من الدروس والعبر، التي يجب أن تكون موضع دراسة لكل الأطر والمؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى وللجهات الشعبية والرسمية وللأسرى أنفسهم، للاستفادة منها في تطوير مراحل النضال القادمة لصالح الحركة الأسيرة عموما، وفي مواجهة كافة الممارسات التعسفية للاحتلال ضد الأسرى وفي التصدي لسياسة الاعتقال الاداري.

كما أن ما يجب أن يقال إن شعبنا «يريد الحياة ما استطاع اليها سبيلا»، كما قال الشاعر الكبير الراحل محمود درويش، وهذه الحياة هي حياة الحرية والكرامة، وهو ما يناضل من أجله كل أسير فلسطيني وكل فلسطيني، وبالتالي فإن من الحكمة إدارة معارك الأسرى ببعد نظر وروية، لأننا حريصون على حياة كل أسير، والاضرابات عن الطعام وما يتخللها من آلام تستهدف بالأساس الضغط على هذا الاحتلال، وكسر عنجهيته وسياساته ومراكمة الانجازات التي يحققها الأسرى بصمودهم ونضالهم والتفاف شعبهم ودعمه وصولا الى إنهاء سياسة الاعتقال الاداري وإلزام الاحتلال بالتعامل مع الأسرى كأسرى حرب، وفي المحصلة إطلاق سراحهم من سجون ومعتقلات الاحتلال.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …