في تشكيل الحكومة الإسرائيلية
نتنياهو اوفى بكل تعهداته وغانتس خرق كل التزاماته
بقلم : راسم عبيدات
التوقيع على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الذي جرى يوم الإثنين 20/4/2020 بين تحالف اليمين واليمين المتطرف بشقيه الديني والعلماني بقيادة نتنياهو وتحالف ازرق ابيض برئاسة غانتس الذي نجح نتنياهو في تفكيك تحالفه، قبل ان يجعله يوافق على تشكيل حكومة تناوبية معه وتحت إمرته،هي بالإسم حكومة طوارىء او وحدة وطنية،ولكنها حكومة نتنياهو بإمتياز، فنتنياهو تعهد لناخبيه ان يبقى رئيساً للحكومة، ومارس الإبتزاز والتهديد بحق القضاة والمحكمة العليا الإسرائيلية،وهدد بالعصيان المدني اذا ما قررت المحكمة حرمانه من تولي رئاسة الحكومة بسبب التهم الموجهة له بالرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة، وكان نتنياهو قد طلب من رئيس الكنيست الليكودي أدلشتاين بعدم تنفيذ قرار المحكمة العليا،بالعمل على تشكيل لجان الكنيست،من أجل طرح مشروع قرار مقدم من تحالف ازرق أبيض،لمنع تولي نتنياهو لرئاسة الوزراء بسبب تهم الفساد بحقه.
نتنياهو أثبت بأنه ملك اسرائيل بلا منازع،ولا يوجد له منافس حقيقي من بين كل المكونات والمركبات السياسية بمختلف مشاربها السياسية حتى من داخل الليكود نفسه، ونجح نتنياهو في سحق كل خصومه،ولم يسمح بأي تمرد عليه من داخل الليكود او من تحالف قوى اليمين، وكل من حاول معارضته أقصاه.هم نتنياهو كان بالأساس منصباً على إزاحة صلاحيات المحكمة العليا عن كاهله وتهديد زعامته، ولذلك ضمن تحالفه مع غانتس حرص على سيطرة اليمين على لجنة تعيين القضاة، وبالتالي قدرة غانتس على تحريك قوانين وتشريعها ضد نتنياهو، لم تعد قائمة…نتنياهو تعهد لجمهوره الإنتخابي،بأن يبقى رئيساً للوزراء وتعهد للمستوطنين، بأن يكثف الإستيطان ويشرعن الضم والتهويد في الضفة الغربية، ولذلك كان واحد من بنود اتفاق الشراكة مع غانتس،البدء بسريان اعلان السيادة على اجزاء واسعة من الضفة الغربية في بداية تموز القادم، وطبعاً ليس من يقرر بهذا الشأن بشكل منفرد سواء نتنياهو او غانتس، بل هذا يحتاج الى موافقة ترامب،الذي ستكون موافقته على الضم،جزءا من حملته للإنتخابات الرئاسية القادمة، وكذلك نتنياهو لم يتخل عن حلفائه من اليمين الديني، ووجه ضربة قاصمة الى ليبرمان ولبيد،فلم يجر في الإتفاق الحكومي،وضع بند او نص او ملحق ينص على تجنيد اليهود الحرديم للجيش، فهؤلاء حلفاء استراتيجيين لنتنياهو لا يمكنه التضحية بهم حتى عندما كانوا السبب المباشر في انتشار جائحة ” كورونا” في دولة الإحتلال، بسبب عدم التزامهم بعدم الصلاة وأداء الطقوس التلمودية والتوراتية في الكنس واجراءات العزل والحجر وعدم فتح المحال التجارية وغيرها، وعدم إقامة الإحتفالات الجماعية والأعراس،،رغم خطورة كل ما قاموا به،استخدم معهم نتنياهو القفزات الحريرية، فهو يدرك ان اتخاذ مواقف متشددة اتجاههم، قد تدفع بهم الى الخروج من تحالفه،أو عدم منحه الثقة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة….وفي المقابل وجدنا غانتس،الذي نجح نتنياهو في تصويره أمام حلفائه بأنه انتهازي ومتسلق، وكل ما كان يطلقه من شعارات وتعهدات والتزامات،كانت كذبة كبرى،سقطت أمام المنصب ولذلك وجدنا انه قدم مصالحه الخاصة، على أي مصالح أخرى، فهو على سبيل المثال لا الحصر تعهد بعدم الإنضمام الى حكومة برئاسة نتنياهو المتهم بالفساد …وأيضاً كان هناك تعهدات شفوية قدمت للقائمة المشتركة وللسلطة الفلسطينية واطراف عربية بالعمل على تعديل قانون القومية،أي اشتراط الضم بالموافقة الدولية….وفي الملموس وجدنا انهخرق كل التزاماته لكي يكون نائبا لرئيس الوزراء في حكومة يرأسها نتنياهو،على امل ان يتولى رئاسة الوزراء بعد عام ونصف، انتهاء مدة ولاية نتنياهو، وهناك شك كبير رغم كل الإتفاقيات،ان يقبل نتنياهو بالتخلي عن المنصب لغانتس….غانتس بإختصار كتب صك البراءة لنتنياهو، ولعب دورا كبيرا في تحطيم هيبة القضاء واضعاف الديمقراطية، وكذلك كشف زيف الشعارات التي تحدث فيها عن القيم والمبادىء وعدم القبول بتولي رئاسة الوزراء لشخص متهم بالفساد، فهو شرعن الفساد والقبول به،وشكل حاميا ومدافعا عنه بقبوله العمل تحت رئاسة نتنياهو للحكومة المتهم بثلاث تهم خطيرة، وقبل بحكومة مكونة من 36 وزيراً .
نتنياهو كما هو دائماً الخبير في توظيف الأزمات لصالحه، فعمل على توظيف جائحة ” كورونا” لصالحه، ومارس ضغوطا كبيرة على غانتس من اجل تشكيل حكومة طوارىء، لأن جائحة “كورونا” تفتك بأرواح الإسرائيليين وتشكل تهديدا جديا للإقتصاد الإسرائيلي، وان الوقت ليس وقت انتخابات،ومع موازاة هذا الطرح كان نتنياهو يعمل على تفكيك تحالف غانتس، ويسعى لتشكيل حكومة يمينية ضيقة، من خلال ممارسة الضغوط على اعضاء من تحالف أزرق أبيض وحزب العمل، من أجل منحه الثقة لتشكيل الحكومة والمشاركة فيها، وغانتس بات يدرك بعد أن سقط في فخ نتنياهو، بانه اذا لم يشارك في حكومة وحده مع نتنياهو، فإن حظوظ حزبه ” مناعة” اسرائيل في جولة انتخابية رابعة، لن تمكنه من الحصول على مقاعد، للعب دور رئيسي في تشكيل الحكومة او وضع “فيتو” على تولي نتنياهو لرئاسة الحكومة،حيث أن إستطلاعات الرأي تنبأت بالحصول تحالف قوى اليمين بشقية الديني والعلماني من تحالف نتنياهو بدون حزب ” اسرائيل بيتنو” بزعامة ليبرمان على 40 مقعداً،ولذلك وجد بأن من مصلحته الخاصة،التي غلفها بالأوضاع الصعبة التي تمر بها الدولة، والتي تحتاج الى توحد كل الجهود من اجل مجابهة انتشار جائحة ” كورونا”، إقامة حكومة شراكة ووحدة مع نتنياهو، والذي كان يصر على القول بانه لن يشارك في حكومة يرأسها نتنياهو.
نتنياهو ملك لإسرائيل بإمتياز، واكثر شخصية تمتلك ” كريزما” في العلاقات العامة و”الببروغندا” وإدارة الأزمات والإستفادة منها، وهو صاحب اطول فترة حكم في دولة الإحتلال، ونتنياهو الذي كان يامل بأن تقوم أمريكا بضرب ايران وتدمير برنامجها النووي، ربما قد يغادر الحياة السياسية دون ان يتمكن من تحقيق هذا الهدف، ولكنه لن يتنازل عن فكرة الضم والتهويد،وإنهاء فكرة ما يسمى بحل الدولتين، وسيعمل على تعميق التطرف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، وسيحول دولة الإحتلال الى دولة تختنق بعنصريتها،وترفض الإعتراف بحقوق الاخر، والتي تنظر له على انه يشكل خطر وجوديا عليها، لا بد من التخلص منه بكافة الطرق.