بقلم : أمل عبدالملك
شهد النصفُ الأوّل من عام 2020 أحداثًا كثيرة ولعلّ أبرزَها فيروسُ كورونا «كوفيد-19» الذي اجتاح العالم كلَّه وشلّ الحركة الإنسانية والتنموية في العالم، ومع الأيام تعوّدنا على الأخبار ولزمنا البيت بانتظار الفرج من الله، والوصول إلى لَقاح مضاد لهذا الفيروس اللعين. ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان مع دخول شهر رمضانَ الفضيل، شهر العبادة والكرم والتقّرب إلى الله وإعلاء راية الإسلام وتوحيد الصف الإسلامي لمقاومة الغزو الصهيونيّ والذي لعقود طويلة كان يدسّ السمّ بالعسل ويسعى لتسطيح الفكر العربي الإسلامي ويغتصب آلآراء كطبيعته في اغتصاب الأراضي الفلسطينية والعربية، وبعد كل الخطط السياسية والاقتصادية والإعلامية وبعد الدعم الدائم من أمريكا المُهيمنة على قرارات العالم خاصة بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل رغم رفض غالبية قادة العالم قرارَ الرئيس الأمريكي ترامب، إلاّ أنّ إسرائيل فازت بمخططاتها وتحقّق الفوز ليس في فلسطين وحسب، بل تسلّلت للإعلام العربي والخليجي تحديدًا.
وشهد رمضانُ 2020 أوّل عمل درامي، للأسف، خليجي يُلمّع صورة الإسرائيليّين ويؤصل دور التطبيع الذي تسعى إليه إسرائيل العدو منذ مئات السنين، ولم يكن مسلسل أمّ هارون هو العمل الوحيد هذا العام، بل السمّ اندسّ أيضًا في عمل آخر يُبثّ على نفس القناة التي من الواضح أنها تُنفّذ أجندة التطبيع، وتحاول أن تغيّر الصورة النمطية للإسرائيليين التي تربيّنا عليها، وتظهرهم بصورة طيبة وإيجابية قد يتأثّر بها الجيلُ الجديد الذي لم يتربَّ على أهمية القضية الفلسطينية ولم يحييِّ العلم وبصوت عالٍ يردد عاشت فلسطين حرة في الطابور الصباحيّ، الجيل الجديد الذي لم يدرس التاريخ العربي كما يجب، ولم يتابع أطفال الحجارة، ولم يشاهد تساقط الأطفال الشهداء برصاص إسرائيليّ وحرقة قلوب الأمهات، لأنه مُنشغل ببرامج اكتشاف المواهب والأغاني والأعمال الغربية المُعربة التي سعت تلك القنوات إلى تكثيف بثّها حتى لا تترك مجالًا للشباب العربي أن يعي ما يدور حوله، فخدّرتهم إلى أن أتت اللحظة المناسبة التي ظهرت بمثل هذه الأعمال الجريئة والتي تخدم الأهداف الإسرائيلية.
وما أحزنني التعليقات التي ترد من هذه الفئة من الشباب الذين لا تعنيهم القضية الفلسطينية تحت صور المُمثلين في تلك الأعمال التي لم تراعِ حرمة الشهر، وشغلت الرأي العام بها، فكم من الإعجاب في أداء المُمثلين وتحيّتهم على العمل المشين للعروبة والإسلام، وتردّد سؤال كيف لمُمثلين كويتيين أن يُشاركوا في مثل هذا العمل رغم موقف دولة الكويت الصريح من القضية الفلسطينية، وعدم السماح بكل ما يمسّ القضايا العربية؟ ولعلّ أكبر دليل قرار وزير الإعلام الذي صدر بأمر أميريّ من أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله، وتمّ منع عرض العمل في القنوات الكويتية، واتخاذ ما يلزم من نقابات الفنانين، وللأسف المادة هي التي تحرّك بعض الفنانين الذين لا يهمّهم مبدأ ولا قضايا عربية وإسلامية.و
أعتقد أنّ هذا العمل سيظلّ وصمة عار في مسيرتهم الفنية التي قد تكون انتهت عند البعض، وفقدوا احترامهم ومصداقيتهم، فطالما كان الفنّ رسالة، والمُمثلون في هذا العمل أوصلوا رسالة تخدم إسرائيل ضد المسلمين والإنسانية.
ولم تكتفِ الهجمة على فلسطين في ذلك بل بدأ بعض المُغرّدين والمحسوبين على الصحافة والإعلام برفع راية إسرائيل وتأييدها على ما تقوم به من سلب للأراضي الفلسطينية بل وتحفيزها على أن تقوم بأكثر من ذلك ضدّ فلسطين، لا أعلم كم من الآلاف استسلموا ليتبنوا تلك الأفكار، وبعد أن كنّا نرى العلم الإسرائيلي يُداس ويُحرق أصبح العلم الفلسطيني الذي طالما غطى جثمان الشهداء يُهان!!
– ليتفكّر البعض في الآية الكريمة: «وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ».
– كان الله في عون فلسطين وشعبها المناضل، كنّا نأمل أن نشهد تحريرها، ولكن لم يتحقق الحلمُ بعد!
عن “الراية” القطرية