أظهرت نتائج مباريات المراحل الأربع التي أقيمت في الدوري الألماني لكرة القدم (البوندسليغا)، منذ عودة المنافسات منتصف مايو (أيار) الماضي أن أفضلية صاحب الأرض لم تعد ذات أهمية. وشهد البوندسليغا منذ استئناف نشاطه بعد أكثر من شهرين من التوقف نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد 37 مباراة (36 من المراحل 26 وحتى 29 ومباراة مؤجلة من المرحلة 24)، ولم تنجح الفرق المضيفة بالفوز غير في ثماني مباريات. وقال مدير نادي بوروسيا دورتموند ولاعبه السابق سيباستيان كيهل، الذي يعتمد فريقه كثيرا على تشجيع أنصاره في «الجدار الأصفر» على ملعب «سيغنال إيدونا بارك» الذي يتسع لـ82 ألف متفرج: «إنه جنون، لم نكن نتوقع ذلك لهذه الدرجة». وفي إحصاء للموسمين الماضيين من الدوري الألماني انتهت 45 بالمائة من المباريات بفوز صاحب الأرض، لكن هذا الرقم انخفض بعد أزمة «كوفيد-19» إلى 21 بالمائة.
ورأى المدرب الهولندي لفريق ليفركوزن بيتر بوش أن هذه النتائج لم تكن من باب الصدفة، «الجمهور يساعد فريقه دائما، وعندما تلعب خارج ملعبك بدون متفرجين، فمن الواضح أن الأمر يصبح أسهل». ونجح فريق بوش منذ الاستئناف في الفوز ثلاث مرات خارج ملعبه، وخسر على أرضه مرة واحدة (1-4 أمام فولفسبورغ).
من جانبه اعتبر المدير الرياضي لفريق لايبزيغ ماركوس كروستش «أن (حضور الجمهور) يصب خاصة في مصلحة الفرق التي تستمد قوتها من النشوة والمشجعين وأجواء الملعب. الآن هناك شعور بأن الفرق التي لديها النوعية الأفضل من الألعاب الفردية تفوز في أكثر المرات». ويظهر أونيون برلين كمثال حي، حيث حقق نقطة واحدة في مباراتين خاضهما على أرضه، فيما حصد ثلاث نقاط خارج ملعبه. واعترف المدير الرياضي لفريق العاصمة أوليفر روهنيرت بأنه «لا ينبغي لنا أن نستخدمه (غياب الجمهور) كحجة، لا أستطيع أن أقول على مدار السنة إن أجواء ملعب (ألتي فورستيري) رائعة، والآن بأنه لا يلعب أي دور».
ويمكن شطب اسم بايرن ميونيخ من لائحة الفرق التي تضررت من غياب جماهيرها، بعد فوزه بالمباريات الأربع. وأكد هذا الانطباع الدولي السابق ستيفان رويتر، مدير نادي أوغسبورغ بقوله: «إن الأندية الصغيرة مثلنا هي التي تعيش بعاطفة وشغف وحماس».
أكدت دراسة أجرتها مجموعة من الباحثين ترأسها البروفسور جيمس ريد من جامعة ريدينغ الإنجليزية آثار اللعب بدون حضور الجمهور. وقد أحصت المجموعة نتائج 192 مباراة أقيمت بدون جمهور منذ عام 2002: حيث فاز أصحاب الملعب بنسبة 36 بالمائة فقط، في حين بلغ المتوسط في أوروبا خلال هذه الفترة 46 بالمائة. لكن خبراء إحصاء آخرين في كرة القدم يدعون إلى عدم التسرع في الاستنتاجات.
النتائج على مدى المراحل الأربع فقط ليست حاسمة، لأن عشوائية جدول المباريات تلعب دورا هاما جدا، وقال مدير معهد العلوم والتدريب والمعلوماتية الرياضية في مدينة كولن الألمانية دانيال ميمرت: «إنها لقطة في لحظة معينة، ولكن هناك العديد من العوامل المخلة بالنظام القائم». ورأى أن أهمية الجمهور كثيرا ما تكون مبالغا فيها. معتبرا أنه يمكن للملعب الذي يعج بالمشجعين تحفيز الفريق وكذلك يمكنه أن يسبب المزيد من الضغط، اعتمادا على ما إذا كان الفريق فائزا أو في وضع سيئ.
واعتبر ميمرت أن ميزة اللعب على أرضك مؤثرة أكثر بسبب العادات والسيطرة البيئية، «الأطفال في المنزل هم أكثر عدوانية، وأكثر هيمنة. وهذا لا يختلف بالنسبة للاعبي كرة القدم». والدوري الألماني هو على أي حال بطولة تحب تحدي المنطق. فخلال المرحلة السادسة التي لعبت في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، سجل ثمانية انتصارات خارج الديار وانتهت المباراة التاسعة بالتعادل! رقم قياسي تاريخي، على الرغم من أن المدرجات كانت ممتلئة.