أميركا..البيضة السوداء!

بقلم: رشاد ابو داود

عندما يقول توماس فريدمان اشهر كتاب «نيويورك تايمز» : امريكا،لقد حطمناها، لقد ذهبت،قضي الامر، اين يمكن ان نجد قيادة تحافظ على الولايات المتحدة؟ فإن هذا يعني أمرين أولهما أن «الولايات المتحدة» الأميركية لن تعود متحدة، والثاني أن الدولة الأقوى في العالم لن تعود «دولة» واحدة وبالتالي لن تعود الأقوى.

يقول فريدمان في مقاله في الصحيفة الاميركية الاكثر مصداقية منذ عقود: انا الان في السادسة والستين، مخاوفي كلها باتت حقيقية، والأسوأ من ذلك، أنا لست متأكدا اننا سنكون قادرين على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة جديدة في تشرين الثاني 2020، او ان يكون لدينا انتقال سلمي للسلطة الرئاسية في كانون الثاني 2021. نحن على حافة الاتجاه نحو حرب اهلية ثقافية، فقط هذه المرة لسنا محظوظين، لان ابراهام لينكولن ليس رئيسنا.

لينكولن هو الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تولّى الرئاسة عام 1861، وهو من أصدر إعلان التحرير الذي حرّر العبيد داخل الكونفدرالية عام 1863 ويُعدّ واحداً من أبطال أمريكا وذلك بسبب دوره في المحافظة على الاتحاد خلال الحرب الأهلية وتحرير العبيد.

لقد فجرت حادثة مقتل جورج فلويد المواطن الاميركي الاسود خنقا تحت ركبة شرطي ابيض غضب ابناء جلدته من الاميركيين ومعهم المناهضون للعنصرية ما ادى الى تفجر مظاهرات الغضب في عدة ولايات. وكان الحادث سببا مباشرا للمظاهرات لكن السبب الرئيسي هو سياسة الرئيس ترامب الذي كشف عن نزعة عنصرية انعزالية منذ بداية رئاسته. فهو الذي صب جام عنصريته على المسلمين وحظر دخول رعايا ست دول اسلامية الى الولايات المتحدة بدعوى الارهاب. واكد على انعزالية بلاده برفع شعار «أميركا أولا» وبنى جدارا عازلا بين اميركا وجارتها المكسيك. وهو ايضا الذي شجع على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي.

جاءت جريمة قتل فلويد فيما كان ترامب غارقا في الفشل بمواجهة فيروس كورونا. ضربتان في الرأس الاشقر العنيد أوجعتاه لكنه حتى اللحظة لم يزل يكابر ويعتقد، مثل أي دكتاتور من العالم الثالث، انه اميركا واميركا هو فيما تنفرط مسبحة الاتحاد حبة حبة أو في طريقها للانفراط.

وكان لافتا المعارضة الشديدة لاوامره بانزال الجيش للشوارع لقمع المظاهرات من بعض الولايات وحتى من داخل حكومته. ما حدا به لاعلان أن» ولاية نيويورك خارج السيطرة تماما «. وهو الأمر الذي لم يحدث منذ تم توحيد الولايات الخمسين في دولة واحدة ومقاطعة هي واشنطن العاصمة الفيدرالية.

يتذكر فريدمان حادثة لها دلالتها على مؤشرات الانهيار الاميركي قائلا : في 9 تشرين الثاني 2016، في صباح اليوم التالي لانتخاباتنا الرئاسية الأخيرة، بدأ عمودي باستدعاء كلمات مهاجرة، صديقتي ليزلي غولدفاسر، التي جاءت إلى أميركا من زيمبابوي في الثمانينيات. أثناء حوار لي معها عن المشهد السياسي في أميركا، قالت لي ليزلي: «أنتم أيها الأميركيون تتعاملون مع بلدكم وكأنها كرة قدم, لكنها ليست كرة قدم. إنها بيضة قابلة للكسر.

لقد انكسرت البيضة او على وشك. ففريدمان ليس هاوي سياسة بل قيل انه كان وراء ما سمي بمبادرة السلام العربية عام 2002 اعتقادا منه بحل الدولتين لكن ترامب تطرف اكثر نحو الهاوية واصبح هو ونتنياهو مثل اعمى يقود ضريرا. ما يعني ان انهيار اميركا الداعم الاعمى لاسرائيل يستتبعه حكما اقتراب موعد زوال اسرائيل.

عن “الدستور” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …