فلسطين… الحق الذي سيعود لأهله !

17 يونيو 2020آخر تحديث :
فلسطين… الحق الذي سيعود لأهله !
فلسطين… الحق الذي سيعود لأهله !

بقلم: ابتسام آل سعد

سبحان الله ! ، ففي الوقت الذي كنا ننتقد فيه الهرولة العربية والإسلامية للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، وننتظر أن تستنكر رابطة العالم الإسلامي هذا الشبق الغريب بالتطبيع ، يخرج لنا الأمين العام للرابطة محمد العيسى ليثمن العلاقات المتنامية مع اليهود ، ويشيد بجهود الرابطة اليهودية الأمريكية في التقرب من المسلمين. وتأتي هذه الإشادة في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل نيتها ضم أجزاء من الضفة لدولتها المنزوعة من حق الفلسطينيين بدولتهم ، ورغبة رئيس الموساد الإسرائيلي الاتصال ببعض الدول العربية ، لجس النبض حول خطة حكومته لضم هذه الأجزاء لكيانه، وإبداء رغبته حتى بزيارة هذه القيادات العربية لتبادل وجهات النظر ، فماذا يحدث ؟! حقا ماذا يحدث ؟!

بعد خطاب العداء المستمر في لغة العرب الرسمية لإسرائيل ، بدأت تظهر لنا روح التودد الواضحة في هذا الخطاب ، وباتت جميع الكيانات العربية على اختلاف فئاتها وشخصياتها تظهر لنا مدى الترحيب بالتعايش العربي الإسرائيلي ، حتى خرج لنا العيسى بتلك المحبة التي تتجلى في عباراته تجاه يهود أمريكا ، بينما سبقه زميله عبدالرحمن السديس إمام الحرم المكي لبث مشاعر الحب تجاه واشنطن بعبارة ركيكة منه تقول love you ! واعتبار أن الولايات المتحدة هي منبع السلام لمنطقتنا بجانب السعودية ولك أن تصدق هذا أو لا تصدق! والأمر هنا لا يتعدى لغة التودد هذه تجاه إسرائيل أو أمريكا بصورة مبالغ فيها، وإنما أن يدخل شيوخ دين في هذه اللغة وهم الذين من المفترض يحملون على عاتقهم مهمة إيضاح التجاوزات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ، والذين يعدون لنا إخوة أو كما كنا نظن ذلك للأسف ! ، فما الذي حدث لتتغير لغة الانتقاد وعدم القبول لممارسات هذا الكيان الوحشية ضد أبرياء فلسطين ، لتصبح بتلك الليونة وفي أغلب الأحيان إلى ميوعة مقززة لا تقبلها النفس العربية الأصيلة ؟!

الشعوب العربية لا تزال ترى إسرائيل عدوة مغتصبة وقاتلة لعُزّل الشعب الفلسطيني ، ولا يمكن في أغلب فئات هذه الشعوب أن تقتنع بأن عليها أن تتقبل هذا الكيان وتتعايش معه ، فإن كانت أغلب الأجيال الحديثة تجهل القضية الأولى للعرب والمسلمين وهي قضية فلسطين كما نشأنا نحن على هذا المفهوم ، فإن لأجيال كثيرة ماضية تعرف جيدا ماذا تعني فلسطين للعرب ، وإن كان بعض العرب يتحسرون اليوم على خطة التعليم والتربية والنهج الذي سارت عليه سابقا في زرع فكرة أن إسرائيل عدوة في المقام الأول، فإن الفلسطينيين أنفسهم يعمقون هذا الإرث الوطني في نفوس كل مولود ومولودة لهم، ليس لأنهم لا يرغبون بمحاكاة الواقع الذي آلت إليه العلاقات العربية الإسرائيلية الآن، وإنما لأنهم أشد الناس معرفة وعلاقة مباشرة مع هؤلاء، وهم أنفسهم من يتضررون كل دقيقة منهم إما بمصادرة أراضيهم وبيوتهم، أو حرمانهم من أقل حقوقهم المعيشية، أو سلبهم حياتهم بطلقة رصاص قد تكون مراهنة فيما بينهم أو للمتعة.

فأين نحن من هذه الحياة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون كل لحظة مع كيان اغتصب أرضهم وحياتهم وحريتهم؟!

رغم أنني على يقين أن ثورات الربيع العربي المضادة ساهمت بلا شك في هذا التقارب لا سيما الحرب السورية والتي فتحت طرقا واضحة للتغلغل الإسرائيلي في عمق الوطن العربي الكبير، ناهيكم عن تشريع هذا التقارب من دولة تعد حامية للحرمين الشريفين وهي أقرب لهذا التقارب من أي دولة عربية أخرى، لأنه في الوقت الذي يُسجن فيها الداعي للحق الفلسطيني، فإن الذي بان يتغنى بعشقه للكيان الصهيوني، ويتواصل بصورة مباشرة مع رئيس هذا الكيان نتنياهو من قلب الرياض، فهو الآمن المطمئن في بلاده، ومثلها الإمارات التي لا تستحي من الجهر بعلاقاتها الوطيدة مع إسرائيل، في الوقت الذي لا يخفى دورها التدميري للقضية الفلسطينية والتخريب في معظم الدول العربية والإسلامية، ولذا إن كان هناك حق للفلسطينيين فهو لدى الله وحده، ولن يضيع لدى رب العباد هذا الحق الضائع بين عباده.

سينتصر الفلسطينيون ولو بعد حين، ونحن لهم داعون متأملون أن يأتي هذا النصر عاجلا غير آجل ، يارب.

عن “الشرق” القطرية