عاصفة مثالية: التأثير الإنساني للأزمات الصحية والاقتصادية والسياسية المتزامنة على اللاجئين الفلسطينيين

بقلم:غوين لويس/مدير عمليات الانروا في الضفة الغربية

في كانون الاول الماضي ، انضمت بريطانيا العظمى إلى الدول الأعضاء الأخرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت بأغلبية ساحقة لتمديد ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). مرة أخرى، أعادت المملكة المتحدة ودول العالم التأكيد على دور الوكالة كمصدر حيوي للاستقرار في منطقة تزخر بالصراعات المستمرة.

هناك أكثر من 500.000 طفل من لاجئي فلسطين يرتادون مدارس الأونروا، 50٪ منهم من الفتيات. وقد حصل أكثر من 3.5 مليون لاجئ على خدمات الرعاية الصحية الأولية في 144 مركز صحي تابع للوكالة؛ وهناك حوالي 1.5 مليون من اللاجئين المتضررين من النزاع والإغلاق والاحتلال ممن يتلقون مساعدات إنسانية عاجلة.

تعمل الأونروا- بصفتها مؤسسة تعمل على توفير خدمات إنسانية وإنمائية فعالة من حيث التكلفة والابتكار- على تقديم خدمات حيوية عالية الجودة للاجئين الفلسطينيين، بانتظار حل عادل ودائم لمحنتهم. حيث تقدم الأونروا خدماتها في أقاليم عملها الخمسة: الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) وغزة والأردن ولبنان وسوريا.

الاستجابة لفيروس كورونا

لقد أسفرت تجربة الأونروا الطويلة في مناطق الصراع عن نتائج منقذة للحياة عندما تفشت جائحة كورونا- سواء في المخيمات المكتظة بالسكان، أو في غزة التي ترزح تحت الإغلاق؛ حيث تمكنت تدابير الوقاية الفورية من الحد من الانتشار السريع للفيروس.

وفي غضون أيام قليلة فقط، تحولت برامج الأونروا بسرعة لاستيعاب المتطلبات الصحية الجديدة: فقد تم تقديم الاستشارات الطبية عن طريق الهاتف وإيصال الطعام والدواء مباشرة إلى منازل الناس، وقدم الأخصائيون الاجتماعيون الدعم النفسي والاجتماعي للأسر الضعيفة عبر الهاتف، وانتقلت مدارسنا بنجاح إلى تقنية التعلم عن بعد.

بفضل موظفي الأونروا البالغ عددهم حوالي 30،000، معظمهم من اللاجئين أنفسهم، تمكنت الأونروا من تكييف خدماتها لمواجهة التحدي. وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والدول المضيفة لنا، أسفرت جهود الأونروا عن تخفيف انتشار الوباء بشكل أنقذ أرواح الكثيرين.

ولكن إلى جانب المخاطر الصحية المباشرة لفيروس كورونا التي ساعدت الأونروا في تخفيفها إلى حد كبير، فإن التداعيات الاقتصادية الطويلة الأمد للوباء وما نجم عن ذلك من إغلاق للأعمال الصغيرة وفقدان للوظائف في كافة المناطق الفلسطينية، تطرح مجموعة أخرى من التحديات الخطيرة.

وكما قال أحد سكان مخيم الدهيشة في الضفة الغربية، وهو أب لخمسة أطفال: “ربما تجنبنا كورونا، لكنني فقدت وظيفتي ولا أعرف كيف أطعم أطفالي”.

الاحتلال مستمر، حتى في ظل جائحة عالمية

وفي الضفة الغربية، فإن الأزمة الصحية والاقتصادية يقابلها في الخلفية التوتر والعنف المستمران بسبب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية واستمرار التوسع الاستيطاني. وتلوح الآن، منذ بداية العام أزمة سياسية جديدة في الأفق بسبب التهديد بالضم.

وهذا يثير مخاوف إنسانية خطيرة: حيث قتل ثلاثة أطفال في الضفة الغربية منذ بداية العام، وسجل ارتفاع كبير في العنف والاشتباكات بعد كشف الإدارة الأمريكية عن خطة ” السلام من أجل الرخاء “.

على الرغم من أنه لم يتضح بعد نطاق الخطة، أو ما إذا سيتم الإعلان عن الضم في 1 يوليو، فمن المرجح أن تواجه هذه الخطة مقاومة قوية وعداء مفتوح من قبل الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة ضد كل من الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية.

أزمة الضم

وخلاصة القول، فإن المجتمع الذي لا يزال يعاني من أزمة فيروس كورونا ويواجه عدم اليقين الاقتصادي الهائل، فمن المحتمل أن يضطر أيضًا إلى مواجهة التحديات المتزايدة في الوصول إلى الخدمات الصحية في القدس الشرقية، وتصاريح العمل، وزيادة في نسبة العنف المحلي وحالات هدم المنازل والتشرد. بالنسبة للطلاب الملتحقين بمدارس الأونروا، قد يضطرون لعبور نقطة تفتيش جديدة للوصول إلى المدرسة، أو سيحتاجون إلى تصريح جديد للوصول إلى هناك.

فيروس كورونا هو جائحة عالمية عملنا جميعًا لمنعها، حيث يتم إنشاء مجموعات الدعم والتحفيز الاقتصادي للتخفيف من التدهور الاقتصادي وفقدان سبل العيش التي تواجهها الأسر في جميع أنحاء العالم.

قد يحتاج لاجئو فلسطين أيضًا إلى التعامل مع أزمة أخرى قد تعني فقدان الأرض وسبل العيش وتدمير الممتلكات والتسبب بفقدان المنازل.

قد يضع الضم نهاية لأملهم في دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياه

ستواصل الأونروا تطويع طرق عملها لمواجهة الأزمات في جميع أنحاء المنطقة، وستبذل قصارى جهدها لتأمين الأموال الكافية للحفاظ على خدماتها، ودعم المبادرات الإنسانية والإنعاشية، وتوفير شبكة أمان اجتماعي لأكثر الفئات ضعفا.

في هذه الأوقات الصعبة، يعتبر الموقف الموحد لمنع وتجنب أزمة أخرى قد تعصف بلاجئي فلسطين، أمرًا ملحًا لغرس بصيص أملٍ للعائلات وجيل جديد من الأطفال. كانت الأونروا مصدرا رئيسيا للثبات والاستقرار لملايين اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة لأكثر من سبعة عقود. أصبح من الملح الآن -أكثر من أي وقت مضى- طمأنة لاجئي فلسطين بأنهم ليسوا وحدهم، ويشمل ذلك أيضا ضمان قدرة الأونروا على الوفاء بولايتها.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …