بقلم : د. أسعد عبد الرحمن
بين الأعوام 2009 – 2013 كان النقاش الصاخب في القيادة السياسية والأمنية في “إسرائيل” خاصة بين رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) ورؤساء الأجهزة الأمنية بشأن ضرورة تنفيذ هجوم إسرائيلي على منشآت نووية في إيران من عدمه. لكن هذا الأمر فشل لمعارضات في القيادة الأمنية الإسرائيلية، وأساسا لوجود رئيس أمريكي هو (باراك أوباما) كان يسعى لتوقيع اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وهو ما حدث في العام 2015.
اليوم، ومع وجود الرئيس (ترامب) الذي يستعد لانتخابات رئاسية جديدة في ظل أزمات وتداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، والاحتجاجات الواسعة التي اندلعت بعد مقتل (جورج فلويد) من قبل شرطي أبيض، وتصدر المرشح الديمقراطي (جو بايدن) الانتخابات، بفارق يتجاوز الـ10 نقاط، كما تشير استطلاعات الرأي، يبحث (ترامب) عن مكاسب يضيفها إلى رصيده للفوز بالإنتخابات. بالمقابل، يتعرض (نتنياهو) لهجوم الكثيرين ويسعى لإجراء انتخابات جديدة في آذار/ مارس 2021، لتحقيق هدفين أولهما: حلمه بضرب إيران التي يعتبرها العدو رقم واحد “لإسرائيل”، وثانيهما تنفيذ مخطط الضم لأراضي في الضفة الغربية. وفي هذا السياق، يأتي الإنفجار البارز في منشأة نطنز النووية الإيرانية ضمن سلسلة انفجارات وحرائق فرعية حدثت في إيران مؤخرا أصيب فيها حسب التقارير منشأة لإنتاج الصواريخ وعيادة ومصنع ومحطة لتوليد الطاقة، في مناطق مختلفة وبعيدة في أرجاء الدولة.
بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير أعده مراسلون أمنيون بارزون للصحيفة هم (دافيد سانغر) و(إيريك شميط) و(رونين برغمان): “شبه خبراء هجوم نطنز، لناحية التأثير والتخطيط، بعملية القرصنة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على المنشأة النووية ذاتها عام 2009، والتي يعتقد بأنها “أعادت البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء عبر تدمير قرابة 1000 جهاز طرد مركزي”. وفي هذا الإطار، ربطت الصحيفة بين التمديد لرئيس الموساد (يوسي كوهين) الذي يعتبر “مخضرما في العمليات الإيرانية”، وكان (“لاعباً رئيسياً” في الهجمات السيبرانية على إيران عام 2009، بالإضافة إلى قيام الموساد تحت قيادته بالسيطرة على الأرشيف النووي الإيراني عام 2018 واغتيال عدد من العلماء النوويين الإيرانيين) وبين علاقة (كوهين) الوطيدة مع وزير الخارجية الأمريكية (مايك بومبيو) الذي سبق ورأس (سي آي إيه).
يتفق حبراء كثيرون، على أن هناك اليوم تنسيقا أمريكيا – إسرائيليا مشتركا، ضمن “إستراتيجية هجومية جديدة” لمواجهة إيران، تتضمن ضربات سرية لإعاقة المنشآت النووية الإيرانية. وللدلالة على التصعيد تجاه إيران، لخص المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران (بريان هوك) الأمر قائلا: “رأينا تاريخيا أن الخجل والضعف يستدعيان مزيدا من العدوانية الإيرانية”. غير أن الاستراتيجية الأمريكية – الإسرائيلية الجديدة، كما يرى خبراء، محفوفة بالمخاطر وقد تجعل البرنامج النووي الإيراني أكثر سرية وبالتالي أكثر صعوبة في اكتشافه، فيما قد لا ينجح (ترامب) و(نتنياهو) في تحقيق أهدافهما منها، في وقت يتوقع أن نشهد مزيدا من تطبيق هذه الاستراتيجية خلال الفترة القادمة في ظل تصاعد العقوبات ضد إيران.