الأقصى ما زال في دائرة الاستهداف!

25 أغسطس 2020آخر تحديث :
الأقصى ما زال في دائرة الاستهداف!
الأقصى ما زال في دائرة الاستهداف!

بقلم: راسم عبيدات

ما زال الأقصى مستهدفاً بعد مرور واحد وخمسين عاماً على جريمة حرقه من قبل متطرف صهيوني من أصول استرالية يدعى مايكل روهان، وهو ما طال منبر صلاح الدين التاريخي. إحراق كانت تعتقد رئيسة وزراء الإحتلال أنذاك غولدا مائير بأنه سيحرك كل مشاعر وعواطف الأمة العربية – الإسلامية، وبان جيوشها ستزحف على القدس لتحريرها، وهي كما قالت لم تنم طوال الليل خوفاً على مصير دولتها من زحف مرتقب للجيوش العربية والإسلامية، ولكنها اكتشفت بأن ذلك ليس سوى مجرد وهم، فهذه جيوش نمور من ورق، جيوش للزينة والاستعراضات تحمل على اكتافها وصدورها رتباً ونياشين لم تنلها لا في ساحات العز ولا ساحات الشرف.

المهم ان الاستهداف الصهيوني للأقصى لم يتوقف وعلى مدار الساعة .. فقد ارتكب الصهاينة بحقه وبحق المصلين فيه أكثر من مجزرة، وواصلوا الحفريات حوله وأسفله وخاصة في القسم الغربي منه، بما يهدد أساساته بالسقوط والانهيار في أي هزة أرضية قد تحدث او اختراق طائرات صهيونية لحاجز الصوت فوقه، وأقيمت من حوله الكنس والمباني التلمودية والتوراتية، وكذلك المشاريع والمخططات الاستيطانية بالقرب منه من اجل أن يبدو المشهد تلمودياً توراتياً صهيونياً وليس عربياً اسلاميا، وبالذات ما يسمى بمشروع ” بيت شتراوس”.

حكومة الاحتلال وجماعاتها التلمودية والتوراتية وبدعم من هرم سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، اعتبرت بأن الأقصى يمثل ما يسمونه بـ”جبل الهيكل” وهو أقدس مكان لهم على حد زعمهم، ولذلك بنوا خططهم ومشاريعهم على أساس التهويد الكلي له، حيث التقسيم الزماني والذي نجحوا في فرضه كواقع في الأقصى ومن بعد ذلك انتقلوا الى محاولات فرض التقسيم المكاني، حيث جرت السيطرة على جزء من مقبرة باب الرحمة وتم تحويله الى مسارات تلمودية وحدائق توراتية، واستخدامه من اجل حفر قواعد ضخمة لأعمدة خرسانية تستخدم في إقامة ما يسمونه بالقطار الطائر -“التلفريك”- الذي يشرف علىز ويظهر كل ما يجري في الأقصى، وكذلك القسم المستولى عليه من مقبرة باب الرحمة يخلق تواصلاً جغرافياً مع القبور والقصور الأموية، وكذلك مع ساحة حائط البراق التي جرى توسيعها، لكي يؤدي فيها أكبر عدد ممكن من الجماعات التلمودية والتوراتية طقوسهم وصلواتهم في تلك الساحة. والمخطط يشمل السيطرة على كامل القسم الشرقي من المسجد الأقصى منطقة باب الرحمة، ثلث مساحة المسجد الأقصى، من أجل ايجاد موطىء قدم لهم هناك ،بما يمكنهم من الانتقال خطوة اخرى على طريق إقامة هيكلهم المزعوم.

باب الرحمة منعت حكومة الإحتلال إعادة فتحه حيث جرى اغلاقه منذ عام 2003، ومنعت إعادة استخدامه كمصلى وجزء أساسي من المسجد الأقصى، تحت حج وذرائع بأن هذا المكان يستخدم من قبل منظمة ” إرهابية”، وهو مقر استخدم من قبل لجنة العلوم والتراث، واستمر اغلاقه حتى شباط/2019، حيث قامت الجماهير المقدسية مع اهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني48 – عبر هبة شعبية عارمة بإعادة فتحه من جديد، ولكن الاحتلال لم يسلم بذلك، وبقي يمنع الصلاة فيه ويعتقل كل من يؤدي الصلوات فيه ويبعده عن الأقصى والبلدة القديمة والقدس، ومن بعد ذلك عاودت شرطة الاحتلال إبلاغ مجلس دائرة الأوقاف الإسلامي بقرار محكمة الاحتلال في حزيران من العام الحالي بإعادة اغلاق باب الرحمة…فالهدف واضح الإستيلاء عليه لإقامة كنيس يهودي فيه،تمهيداً لمخطط إقامة الهيكل المزعوم. الإقتحامات للأقصى وبمشاركة حاخامات واعضاء كنيست ووزراء للأقصى تكثفت، وأصبحت الجماعات التلمودية تقيم طقوساً وصلوات تلمودية في ساحاته، والبعض منهم يقيم طقوس زواج، وليصل الأمر حد رفع العلم الصهيوني من قبل البعض منهم واعتلاء قبة الصخرة المشرفة .

ولكن كل ذلك لم يجعل المقدسيين يستسلمون ويرفعون الراية البيضاء، فهم يعتبرون الأقصى والمقدسات خطا احمر لا يجوز العبث به، وهدف العدو الصهيوني من الحرب المعلنة عليه، تحويل الصراع من صراع وجودي سياسي وطني الى صراع ديني، يستدعى تدخلاً دولياً ينشيء له حقوقاً في المسجد الأقصى، ولذلك نشهد عمليات اقتحام واسعة للأقصى و”بروفات” نفخ بالبوق واتخاذ عقوبات كبيرة ومجحفة وظالمة،بحق كل من يتصدون للمقتحمين للأقصى من جماعات تلمودية وتوراتية، عقوبات أصبحت تطال رجال دين وعلماء، ولمدد طويلة تصل الى ستة شهور قابلة للتجديد. ولم يعد الاكتفاء بعقوبات الاعتقال او الإبعاد عن الأقصى، فقط بل الإبعاد عن البلدة القديمة والقدس وفرض الغرامات الباهظة، وهذا يترافق مع حملة تنكيل وقمع بحق حراس الأقصى وسدنته وموظفيه ومسؤوليه،حيث الاعتقال والضرب والإبعاد،وكذلك منع الأوقاف الإسلامية من إجراء أي عملية اعمار او ترميم في الأقصى ، وفقط للتذكير نقول انه من بداية هذا العام كان هناك اكثر من 261 عملية إبعاد، إبعاد عن الأقصى (223) عملية إبعاد،عن البلدة القديمة (28) عملية إبعاد عن القدس (10) عمليات إبعاد، في حين عمليات الاقتحامات زادت عن 6500 عملية اقتحام منذ بداية العام.

الحرب على الأقصى مستمرة ومتواصلة،والهدف واضح التقدم نحو مشروع إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد القبلي،في البداية دون هدم القبة،على أن يجري هدمها لاحقاً عندما تتوفر الظروف المؤاتية لذلك، فالمحتل يعتقد انه في ظل حالة الانهيار للنظام الرسمي العربي المنهار” الذي نشهد تزاحمه واستماتته على تطبيع علاقاته العلنية والشرعية مع المحتل الصهيوني، سيتمكن من تحقيق أهدافه ومخططاته في التقسيم المكاني للأقصى، ولكن هذا المحتل خبر إرادة المقدسيين جيداً، وهو يعرف أنه رغم كل ما يملكه من إمكانيات وقدرات، لكنها لن تنجح في كسر إرادة المقدسيين وتحطيم معنوياتهم، فهم من أفشلوا وهزموا مشروع البوابات الألكترونية على بوابات المسجد الأقصى في تموز/2017،وهم من أعادوا فتح باب الرحمة في هبة شباط /2019 ، وهم يدركون أيضاً بأن الحرب على قدسهم ومقدساتهم وفي المقدمة منها المسجد الأقصى لن تتوقف،ولذلك لسان حالهم يقول مشاريع ومخططات الاحتلال بحق القدس والأقصى لن تمر،وسنبقى الأوفياء والدرع الحامي والمدافع عن وجودنا ومحاولات طردنا وتهجيرنا من مدينة القدس، ولن نسمح بأن يتحول أقصانا الى مرتع للجماعات التلمودية والتوراتية،فهذا الأقصى عربي – إسلامي بكل مصاطبه وقبابه وساحاته ومصلياته وبمساحته المعروفة 144 دونماً،لا يشاركنا في ملكيته أحد.