بقلم: حمادة فراعنة
نعم أمننا الوطني له الأولوية على ما عداه، من أجل الأردن ومن أجل فلسطين، فالترابط بينهما ليس رغبة ذاتية اختيارية لدى هذا أو ذاك، لدوافع قومية أو إسلامية أو يسارية عابرة للافكار ووجهات النظر، رغم أن دوافعها مشروعة ومقبولة، ولكن الترابط يتجاوز أصحاب الأجندات القومية والإسلامية واليسارية، إلى ترابط عمق المصالح الوطنية، مصالح الوجود الوطني لشعبين شقيقين ارتبطت مصالحهما معاً، مع الحفاظ على التكافؤ والندية في الهوية الوطنية لكليهما، وكل منهما يُكمل الآخر لا يُلغيه، ولا يتطور أحدهما على حساب الآخر، بل أن كليهما نقيض للمشروع الاستعماري التوسعي العبري الإسرائيلي بفكرته الصهيونية، ففلسطين نقيض للمستعمرة الإسرائيلية وجوداً وأرضاً وهوية وبشراً، والأردن ليست بديلاً لفلسطين، ولن يكون، بل هو رافعة وسنداً ودعماً لفلسطين، وليس مجرد امتداد جغرافي لها، كي يكون وعاء وأداة وعنواناً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الأردن وعلى حسابه، كما يسعى اليمين العبري السياسي المتطرف، والديني اليهودي المتشدد.
لقد نجح المشروع الاستعماري التوسعي العبري الإسرائيلي، في رمي القضية الفلسطينية وعنوانها الأبرز من اللاجئين الذين يمثلون نصف الشعب الفلسطيني، نجح في رمي قضيتهم إلى لبنان وسوريا والأردن عام 1948، ووقع التباين وتضارب المصالح بين الفلسطينيين من طرف والأردنيين والسوريين واللبنانيين من طرف آخر، حتى نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات وقائد الانتفاضة خليل الوزير أبو جهاد بنقل الصراع والعنوان والحدث إلى أرض فلسطين، لا خارجها، بأدوات فلسطينية، ضد عدو الشعب الفلسطيني، حيث لا عدو له سوى: المستعمرة الإسرائيلية التي تحتل أرض الفلسطينيين، وتصادر حقوقهم، وتنتهك كرامتهم.
يتجاوز عدد الفلسطينيين على كامل أرض وطنهم 6.5 مليون نسمة: 2 مليون في قطاع غزة، 3 ملايين في الضفة الفلسطينية مع القدس، ومليون ونصف في مناطق 48 في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، مما يعني بقراءة بسيطة وواضحة وجلية أن المستعمرة الإسرائيلية نجحت في احتلال كامل خارطة فلسطين من البحر إلى النهر، ولكنها فشلت في طرد كل الشعب الفلسطيني عن أرض وطنه، ولما كان الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يقوم على مفردتين هما: 1- الأرض، 2- البشر، فقد نجحت في الأولى، وتكون قد فشلت استراتيجياً في تحقيق الثانية، ولهذا يشكل العامل البشري السكاني الديمغرافي أبرز اهتمامات المستعمرة الإسرائيلية، واهتماماتها تقوم الآن على ثلاثة عناوين استراتيجية هي:
1- الحفاظ على السيطرة والاحتلال للأرض من البحر حتى النهر.
2- تثبيت الاستيطان، وزيادة عدد المستوطنين المستعمرين في القدس والضفة الفلسطينية ليصلوا إلى مليون أي ثلث عدد سكان الضفة مع القدس.
3- تقليص عدد سكان الضفة والقدس من الفلسطينيين عبر جعل الأرض طاردة لأهلها من خلال الإفقار والتضييق والحرمان من التنمية وفرص الحياة الطبيعية، والدفع بهم باتجاه مشروعين: الأول ترحيلهم إلى الأردن بالانتقال التدريجي لتعذر طردهم التعسفي وترحيلهم القسري، والثاني ربط مصيرهم مع قطاع غزة لجعل غزة هي مشروع الدولة الفلسطينية وعاصمتها، وتثبيت إقامتهم كأجانب يفتقدون حقوق المواطنة لدى المستعمرة الإسرائيلية أسوة بمواطني القدس حالياً حيث يفتقدون حقوق المواطنة ولديهم إقامة مؤقتة في القدس.
السؤال ما هو الدور الأردني؟ ما هو البرنامج الأردني لحماية أمننا الوطني من محاولات المستعمرة لطرد وإبعاد الفلسطينيين إلى الأردن؟