انهاء الانقسام وتمتين الجبهة الداخلية أولاً

حديث القدس

لا يختلف اثنان في فلسطين على ان تراجع الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية يعود لعدة أسباب في مقدمتها الخلل الذاتي في ساحتنا الداخلية، بعد ان فشلت القوى والفصائل الفلسطينية على مدى سنوات طويلة في انهاء الانقسام المأساوي الذي لا يزال مستمرا حتى اللحظة بالرغم من الخطوات الجزئية التي جرت مؤخراً تحت شعار التقدم نحو انهاء الانقسام، هذا على الرغم من التحديات الخطيرة الماثلة أمام شعبنا وقضيته.

ولذلك نقول ان كافة القوى والفصائل تتحمل مسؤولية هذا الفشل وبالتالي المسؤولية عن تداعيات تراجع القضية عربياً ودولياً، وهرولة بعض الانظمة العربية نحو التطبيع مع دولة الاحتلال رغم احتلالها غير المشروع وانتهاكاتها الجسيمة في الاراضي المحتلة واستمرارها في تنفيذ مخططات تهويد القدس والمساس بالاقصى والمقدسات عموماً.

ونقول ايضاً انه ما كان لهذه الهرولة العربية نحو التطبيع ولا للأصوات التي تنطلق من بعض العواصم العربية التي تهاجم الفلسطينيين وتكيل لهم الاتهامات زوراً وبهتاناً ان تتم لو كانت جبهتنا الفلسطينية الداخلية موحدة وقوية كما كانت عليه قبل الانقسام، وما كان هذا الاحتلال ليستطيع اختراق الصفوف العربية لو وقف شعبنا موحداً بكل قواه وواصل نضاله المشروع باستراتيجية واحدة وصوت واحد مدوٍ يطالب بحريته واستقلاله، ويكشف للعالم اجمع حقيقة ما يرتكبه الاحتلال ومستعمروه من جرائم يومية في الاراضي المحتلة.

بالامس اجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا وأصدرت بياناً شاملاً حذرت فيه من امكانية قيام اي دولة عربية اخرى بالتطبيع مع الاحتلال ورفضها لكل أشكال التطبيع وتمسكها بمبادرة السلام العربية التي بقيت حبراً على ورق، وناقشت ملف الانقسام ورحبت «بما جرى من توحيد الجهود لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي على الارض من كل فصائل العمل الوطني والاسلامي»، مشيرة الى «التحضيرات الجارية لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني»، والسؤال الذي يطرح بهذا الشأن هو : هل تكفي الخطوات الجزئية التي جرت حتى الآن لانهاء هذا الانقسام؟ وما هي العقبات الرئيسية التي تحول دون ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني؟ وهي أسئلة مشروعة يطرحها كل مواطن في الوقت الذي تتصاعد فيه الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال وحليفته ادارة ترامب وبعض الخارجين عن مواقف الاجماع العربي ضد شعبنا وحقوقه، وفي الوقت الذي لم تتقدم فيه اي من خيارات طرفي الانقسام نحو تحقيق اهداف شعبنا في الحرية والاستقلال.

ان ما يجب ان يقال هنا ان على كافة القوى الفلسطينية ان تدرك ان حرية شعبنا واستقلاله واحباط كل المخططات المعادية لا يمكن ان يتم عبر بيانات الشجب والاستنكار أو إعلانات النوايا أو الحديث عن اننا في الطريق الى انهاء الانقسام، بل ان حرية شعبنا تُنتزع اذا ما استعدنا الوحدة وتشكلت جبهة فلسطينية واحدة تحشد كل القوى في اطارها على قاعدة الثوابت الوطنية وبرنامج نضالي واضح المعالم يستند الى ارادة شعبنا وصموده الاسطوري واستعداده لمواصلة نضاله المشروع في الوطن والشتات على اساس برنامج اجماع وطني تتبناه كافة القوى وتلتزم بالعمل بموجبه، وعندها فقط يمكن وقف هذا التراجع المؤسف والتقدم نحو انتزاع حريتنا واستقلالنا، فالمطلوب اليوم انهاء الانقسام فوراً وتمتين جبهتنا الداخلية اولاً وهو ما سيثبت للاحتلال وللعالم اجمع ان شعبنا وقواه وقادته ماضون قدماً نحو تحقيق اهدافنا المشروعة وان شعبنا العظيم لن يسمح لكائن من كان بالمساس بحقوقه أو التطاول على تضحياته ونضاله أو محاولة القفز عن فلسطين شعبا وتمثيلاً وحقوقاً.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …