حديث القدس
قلنا وما زلنا نقول بأن التطبيع العربي مع دولة الاحتلال قبل ان يتم الاعتراف بحقوق شعبنا الوطنية الثابتة في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، سيعزز ويضاعف من انتهاكات هذه الدولة التي لا تعترف لا بالقوانين ولا الاعراف ولا القرارات الدولية خاصة قرارات مجلس الامن التي تعتبر الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام ١٩٦٧م، اراض محتلة وان على دولة الاحتلال الانسحاب منها ليتسنى للجانب الفلسطيني اقامة دولته عليها كما نصت القرارات الدولية وكذلك اللجنة الرباعية الدولية.
فقبل يومين فقط من توقيع دولتي الامارات والبحرين على اتفاق التطبيع المرفوض فلسطينياً والذي يتناقض مع المبادرة العربية ويعتبر خروجاً عنها، رغم تصريحات قادة الدولتين بأنهم «ملتزمون» بها فقد صادقت الحكومة الاحتلالية على اقامة (٩٨٠) وحدة استيطانية جديدة جنوب بيت لحم في مستعمرة افرات المقامة على اراضي المواطنين الفلسطينيين.
كما باشر مستوطنون أمس الاول بعمليات تجريف لإقامة تجمع استيطاني جديد جنوب جنين، وتعود الاراضي التي يتم تجريفها لقريتي ظهر المالح وزبدة وبلدة يعبد.
ان ذلك يدل على ان الاحتلال حتى لو اعترفت به وطبعت معه وجميع الدول العربية فإن سياساته القائمة على التوسع والضم والتهويد والأسرلة، والمس بالمقدسات وفي مقدمتها وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك الذي تحاول دولة الاحتلال تقسيمه مكانياً بعد أن قسمته زمانياً، كما حصل ويحصل بالحرم الابراهيمي في الخليل.
وان كان صحيحاً كما يقولون بأن اتفاقيتي التطبيع، اشترطتا على دولة الاحتلال تأجيل ضم الاغوار وشمال البحر الميت، فإن نفي رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لذلك، وما يجري على الارض من بناء استيطاني، وعمليات تجريف وتوسيع مستوطنات يشير الى ان ما قيل مجرد ذر للرماد في العيون، وفقط لتبرير عمليات التطبيع بعد ان تم اظهارها للعلن.
ان على الدول العربية وخاصة على دولتي الامارات والبحرين معرفة حقيقة ان دولة الاحتلال ماضية في سياساتها ليس فقط تجاه دولة فلسطين الرازحة تحت الاحتلال وانما هدفها هو تحقيق الحلم الصهيوني بأن «أرضك يا اسرائيل من النيل الى الفرات».
فالاطماع الاحتلالية تتعدى فلسطين الى بقية العالم العربي، وان عمليات التطبيع معها تسهل عليها تحقيق هذا الحلم الصهيوني، الذي يبدأ بالهيمنة على اقتصاد المنطقة، وصولاً الى الاستيلاء على الارض العربية لإقامة دولتهم التي يحلمون بها على كامل التراب العربي.
لذا فإن التطبيع مع هذه الدول القائمة على انقاض شعبنا، لن تجدي نفعاً، ولن تكون نتائجه الا لصالح دولة الاحتلال وعلى حساب الشعوب العربية وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني.
ورغم كل هذه الظروف المجافية فإن شعبنا سيواصل مسيرته الوطنية وصولاً الى تحقيق اهدافه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني المحتل عام ١٩٦٧م، تجسيداً للرؤية الدولية وتحقيقاً لقرارات الشرعية الدولية، التي تتجاهلها دولة الاحتلال بدعم مطلق من الولايات المتحدة الاميركية خاصة ادارة الرئيس ترامب.
فالتطبيع لن يزيد دولة الاحتلال الا التغول لتصبح أكثر نهماً وتطرفاً وعنصرية وغطرسة.