بقلم: الدكتور محمد صالح المسفر
نجحت إسرائيل في تحويل شعار الأرض مقابل السلام إلى السلام مقابل السلام. زيارات الحاخامات إلى الدول العربية مهدت الطريق إلى تحقيق أهداف تل أبيب.
انهيار في الجبهة العربية الخلفية لصالح الكيان الصهيوني في فلسطين، إذ قامت دولة الإمارات بفتح ثغرة واسعة في الخليج لصالح اسرائيل، وذلك بتوقيع ما سمي بـ”معاهدة السلام” بين طرفين ليس بينهما حرب، وأمعنا في التسمية بالقول معاهدة “السلام مقابل السلام والسلام مقابل الاقتصاد”، وهكذا
راحوا يصدرون تبريرات لم تكن مقبولة ولن تكون مقنعة تحت اي ذريعة كانت.
في مؤتمر مدريد عام 1991 برئاسة الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي في ذلك الزمان وضعا شعارا لذلك المؤتمر وهو “الارض مقابل السلام”، بمعنى انسحاب اسرائيل الى حدود ما قبل الخامس من حزيران عام 1967م، الى جانب امور اخرى. شامير رئيس وزراء اسرائيل في حينه اجرى تعديلا جوهريا على شعار المؤتمر المطروح، وقال “السلام مقابل السلام”، وهو يعني الاستسلام العربي والفلسطيني للمشروع الصهيوني في الشرق الاوسط وليس فلسطين فقط.
اي انه بعد 29 عاما تبنت دولة الامارات بقيادة محمد بن زايد المشروع الليكودي “السلام مقابل السلام” الذي قال به اسحاق شامير في مدريد 1991م.
يا للهول دولة عربية مسلمة تتبنى مشروعا صهيونيا ليكوديا مضادا لحركة التاريخ!
ملك البحرين حمد بن عيسى رغم علاقاته مع اللوبي الصهيوني في امريكا وكذلك القيادات الاسرائيلية المعروفة لكل المتخصصين في الشأن العربي الاسرائيلي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، الا انه لم يستطع المجاهرة بتلك العلاقات رغم تسريب معلومة من هنا وهناك عن تلك الاتصالات.
في عام 2019 الملك حمد بن عيسى استضاف في قصره بالمنامة الحاخام الاكبر لاسرائيل شلوم عمار، وقبل ذلك في عام 2018 وجهت دعوة خاصة الى حاخام المعبد اليهودي في مدينة همبتون في ولاية نيويورك مارك شناير، واصطحب معه وفدا يهوديا كبيرا الى البحرين، وولي عهده حضر احتفالات ومهرجانات يهودية في كليفورنيا، ووزير خارجيته خالد آل خليفة لا تخفى اتصالاته مع الصهاينة في نيويورك وواشنطن خلال دورات الجمعية العامة التي يحضرها كل عام.
الملك حمد بن عيسى اجتمع مع الحاخام مارفن عاير عميد مركز سيمون فنزنتال في كاليفورنيا، وكذلك المدير المساعد للمركز الحاخام ابراهام كوبر اللذين اجتمعا بالملك في المنامة عام 2017 وقد رويا لوسائل الاعلام ان ملك البحرين عبر لهما عن رفضه المطلق للمقاطعة العربية لاسرائيل، وانه على استعداد لكسرها.
إذاً لا جديد فيما فعلت البحرين مؤخرا من التطبيع مع اسرائيل، وتبادل التمثيل الدبلوماسي مع الكيان الصهيوني،. الملك حمد بن عيسى نرجسي يحب الظهور بين الكبار وهذه فرصة، والحق انه سيكون ظهور المهزومين التابعين.
ملك البحرين يعتقد ان الاموال اليهودية ستنصب عليه كالمطر، وهو يعلم او لا يعلم ان اسرائيل لا تقيم للبحرين وزنا، فهي نتوء بري في وسط البحر ليس لها ثقل استراتيجي يعتد به، كما كانت في سالف الأزمان وهي ولاية تابعة لامارة الدمام في المملكة السعودية.
السؤال الذي يُطرح في اوساط العامة والنخب الخليجية والعربية عامة: ما رد السلطة والفصائل الفلسطينية الواجب اتخاذه لسد الثغرات في الصف العربي والحيلولة دون المزيد من هذا الخذلان؟ شجب، ادانة، احتجاجات، مظاهرات، مناشدات، لم تعد مجدية على الاطلاق.
ما الرد العملي الحاسم والمؤثر لمواجهة احتفالات حديقة البيت الابيض في واشنطن بحضور المطبعين العرب الصغار وبعض ممثلي الحكومات شبه العربية وآخرين؟ الرأي عندي ان ينتقل
الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية واعضاء مكتبه الى غزة واعلان انتهاء القطيعة بين غزة ورام الله، والعودة الى ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، والغاء اتفاق اوسلو وما نتج عنه، لأن الاسرائيليين قد الغوا ذلك الاتفاق عمليا من جانب واحد، وعلى محمود عباس ان يلقي خطابه المتوقع القاؤه في نيويورك في الجمعية العامة من غزة.
قد تمنعه مصر من الوصول الى غزة، وعلى ذلك يلقي خطابه من المقاطعة في رام الله، وسوف يسمعه العالم وسوف يكون له رد فعل دولي كبير، انه سيغطي على مهرجان محمد بن زايد وحمد بن عيسى ملك البحرين ونتنياهو وترامب، شرط ان يصوغ الخطاب مجموعة من المشتغلين بالسياسة والتاريخ والقانون الدولي وعلم الاجتماع.
إنه موقف تاريخي ردا على الادعاءات الصهيو خليجية بأن ما فعلوه هو حدث تاريخي يشاد به، فهل يفعلها الرئيس محمود عباس؟
سيرمض مسامعنا بعض الاعراب بخطاباتهم الرنانة خلال انعقاد دورة الجمعية العامة للامم المتحدة وحتى نهاية شهر ايلول الحالي، بما فعلوا من اجل حفظ السلم والامن الدوليين، واحلال السلام في الشرق الاوسط، بتوقيع معاهدات سلام مع اسرائيل. وسيتناولون مشكلة الشعب الفلسطيني على استحياء فقط من اجل حفظ ماء الوجه بعد ان سكبوه ليس على ارض طاهرة.
آخر القول: العرب والمسلمون عامة ينتظرون قرار سلطة الرذيس محمود عباس في هذا الشأن، وإلا لن تقوم للشعب الفلسطيني قائمة بعد اليوم، والجاني هو السلطة الفلسطينية في رام الله، ولا أستثني جريمة الملوك والأمراء الصغار.
عن “الشرق” القطرية