ثبات قطر على نصرة فلسطين درس في الأخلاق والسياسة

26 سبتمبر 2020آخر تحديث :
ثبات قطر على نصرة فلسطين درس في الأخلاق والسياسة
ثبات قطر على نصرة فلسطين درس في الأخلاق والسياسة

بقلم: الدكتور أحمد القديدي

يا له من درس في الأخلاق السياسية، ويا لها من عبرة في الدبلوماسية القائمة على القيم والمبادئ، حين تؤكد دولة قطر في كل مناسبة ورغم الضغوط أنها انحازت إلى الشرعية الدولية وإلى أسس القانون الدولي ومنطوقه وبنود ميثاق الأمم المتحدة، حين أعلنت وما تزال وقوفها إلى جانب حق شعب عربي محتلة أرضه ومهدد وجوده ومحاصر من البعيد والقريب ومن العدو والصديق.

وهو ليس مجرد إعلان للتسويق الإعلامي والتمويه الدبلوماسي، بل جسدت قطر موقفها المشرف هذا على أرض الواقع، ويومياً يواصل السيد محمد العمادي مندوبها سعيه لتنفيذ توجيهات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله الذي ثابر على السير في نهج الطريق المستقيم، الذي سنته الدولة القطرية منذ أيام كسر الحصار المضروب عل قطاع غزة وزيارة صاحب السمو الأمير الوالد إلى أهل فلسطين هناك وانطلاق مشاريع إعادة إعمار القطاع بعد أن قصفته طائرات المحتلين عديد المرات و راح الشهداء بالآلاف تحت الأنقاض وأغلبهم أبرياء عزل وأطفال ونساء.

وحين انقطع الغوث الذي كانت تؤمنه منظمة (الأونروا) هب القطريون بكل شرائحهم لإعانة المنظمة وتعويضها ما خسرته حين قطعت الدول الكبرى عونها تحت ضغوط اللوبيات الصهيونية، ثم أسست قطر المدارس والمستشفيات وشيدت ما انهدم من البنية التحتية ودفعت رواتب الموظفين، واضطرت للتعامل مع المحاصرين في المعابر حتى يسمح للمعونات أن تتجاوز الحدود وتنفع الناس هناك وتعالج مرضاهم وتمدرس تلاميذهم وتمدهم بما يحتاجون من غذاء ولوازم التدفئة في الشتاء وتيسير وصول الطاقة والكهرباء للناس.

وبالطبع فإن رضا الضمير ورضا الله سبحانه كانا هما الغايتان الساميتان للأخوة القطرية – الفلسطينية دون منة أو تفاخر أو حتى إشهار وشهد قادة فلسطين لقطر المروءة والخير على لسان الرئيس محمود عباس، ومن القطاع على لسان كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية وقادة المنظمات الوطنية وكل هؤلاء رجال تمتعوا بفضيلة العرفان وأشادوا بالموقف القطري الجريء مثلا راقياً ودائماً و ناجعاً للعروبة الحقيقية والتضامن الإسلامي.

كما أعلن حضرة صاحب السمو أمير قطر بهذه المواقف النبيلة في كل المحافل الدولية والأممية، حتى أن الرئيس ترامب ذاته أشاد بإعانة قطر للمنظمات الأممية التي تساعد فلسطين بمناسبة الحوار الإستراتيجي بين واشنطن والدوحة، وقال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة إن قطر أصبحت دولة أممية ولم تتردد الحكومة القطرية في تأكيد مواقفها هذه في معابر اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة المنعقد هذه الأيام، حيث أكدت دولــــة قــطــر مــوقــفــهــا الــثــابــت مـن القضية الفلسطينية، والــذي ينص على إنـهـاء الاحـتـلال الإسرائيلي وإقـامـة دولـة فــلــســطــين وعــاصــمــتــهــا الـــقـــدس ضـمـن إطــار الـشـرعـيـة الـدولـيـة وقـــرارات مجلس الأمـن ذات الصلة مع منح كافة اللاجئين الفلسطينيين حـق الـعـودة، وهـو مـا تـرى دولــة قـطـر أنــه الـحـل الــجــذري والمـسـتـدام لــهــذا الــصــراع.

وقــالــت وزارة الـخـارجـيـة القطرية فـي بـيـان أصدرته يوم الأحد 20 ايلول الجاري: “إنـه لمن المـؤسف أن نرى بـض الحمـلات الإعلامـة المضللة التي تحاول خلط الـقـضايا وتـشـويـه صـورة دولة قطر على حساب الشعب الفلسطيني الــشـقـيـق وحـقـوقـه المـشـروعـة فــي هــذه اللحظة الفارقة من تاريخ الصراع”. من جانبه، أـاد السيد صائب عريقات أمين سر الـلجنة الـتنفـيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالأخوة القطرية الفلسطينية، وقـال – في تغريدة – “أثمن عالياً تأكيد موقف دولة قطر الشقيقة المساند لحقوق شعبنا والمعبر بحق عما يخالج ضمائر الأمة العربية والإسلامية”، وأنا أثمن ما كتبه المفكر العربي ياسر الزعاترة في صحيفة (عربي 21) هذا الأسبوع حين قال ما معناه:” تخدم أبواق التطبيع دولة قطر وتعزز موقفها بما تحيكه من أكاذيب في حق مخالفتها للتطبيع بلا ثمن”.

ولعلنا نستشف موقف حكومة نتنياهو من مواقف قطر المنادية بتطبيق القانون الدولي الذي أهمله مشروع صفقة القرن من خلال كاتب صهيوني معروف هو “إيال زيسر” الذي تحدث عن الأمر في تحليل له بصحيفة “إسرائيل اليوم” المقرّبة من نتنياهو، ونشره بتاريخ 14 من شهر ايلول الجاري حين كتب يقول إن “محاصِري قطر يمارسون التحريض والضغوط بدورهم حتى تلتحق قطر بالمطبعين كشرط لرفع الحصار، كما أنه من الطبيعي أن تكون هناك ضغوط إسرائيلية أمريكية شديدة على قطر كي تلتحق بركب التطبيع”. كل هذه المواقف المتباينة يعتقد المراقبون أنها لا تؤثر في الدبلوماسية القطرية المبنية على دعم الشرعية الأممية والقانون الدولي وثوابت نصرة الحقوق الفلسطينية.

وهنا يجدر التذكير بكلمة حضرة صاحب السمو التي تعتبر المنارة الهادية للسياسة الخارجية القطرية حين قال حفظه الله: “قطر لا توافق إلا على ما يوافق عليه الفلسطينيون”.

عن “الشرق” القطرية