سباق بلدوزر الاستيطان والتطبيع وسلحفاة إنهاء الانقسام..!

14 أكتوبر 2020آخر تحديث :
سباق بلدوزر الاستيطان والتطبيع وسلحفاة إنهاء الانقسام..!
سباق بلدوزر الاستيطان والتطبيع وسلحفاة إنهاء الانقسام..!

بقلم: نبيل عمرو

لا أحد يوافق على أي تطبيع وبأي مستوىً بين أي دولة عربية وإسلامية مع إسرائيل، هذه حقيقة يفترض ان نكون قد انتهينا منها فور اعلان خطوات التطبيع بين إسرائيل والامارات والبحرين.

ولكي لا يقال ان المواقف من التطبيع انتقائية أي بمعنى رفض تطبيع والتغاضي عن آخر، فقد أعلنت القيادة الفلسطينية ان ما اتخذته من مواقف إزاء الامارات والبحرين سيستنسخ حرفيا على أي دولة تقدم على تطبيع مماثل، أي ان الرفض صار مبدئيا ولا مجال للتراجع عنه.

اذا لا خوف و لا شكوك ولا لزوم للتشكيك والتخويف فكل رقاب المطبعين تحت المقصلة الديبلوماسية، ولا عفو عن مطبع بعد الان.

الى هنا والامر محسوم رسميا وشعبيا، ولكن هل هذا كل شيء؟ هل السياسة محصورة بين كلمتي نعم ولا؟ او هل تكفي نعم للايجابي واعتبارها سياسة، ولا للسلبي واعتبارها نهجا؟

تعالوا نتحاسب…

لنبدأ بتسجيل بديهية لا خلاف عليها، وهي ان قيادة شعب وقضية تتحدد فاعليتها ليس بالتعليقات والبيانات، وانما بما تنجزه من حقائق على ارضها أولا ثم على ارض الخصم، ثم على مستوى العالم، الذي شئنا ام ابينا فهو الحكم بيننا وبين خصمنا ودعمه لنا احد مقومات قوتنا.

منذ انطلق البلاغ رقم واحد لتصفية القضية الفلسطينية أي في عهد الرئيس دونالد ترامب، صاحب نظرية حل القضية بتصفيتها، والحالة الفلسطينية مسمرة عند كلمة لا، وكأن هنالك من كان سيقول نعم لطرح تصفوي كهذا، كلمة لا لمبادرة ترامب لم نقلها وحدنا بل قالها معنا ” قبلنا او بعدنا” اكثر من ثلاثة ارباع العالم، بما في ذلك اكثر من نصف أمريكا، وقفنا وراء لائنا، ومضى ترامب ونتنياهو في اعمالهما دون فتور او ابطاء، ودلوني على عدد من اعداد صحفنا اليومية لا يزخر بأخبار البناء الاستيطاني اليومي على ارضنا، ناهيك عن الاهانات المقصودة للحط من قيمة السلطة امام أهلها، بالاعتقالات والاقتحامات والاهانات الصارخة لابناءنا من رجال الامن على مرأى ومسمع المواطنين.

صحيح اننا لو قلنا نعم لمبادرة ترامب لما رفضها احد ولكن الصحيح اكثر ان اللا الفلسطينية ظلت عارية عن أي فعل مقنع، حتى التظاهرات الشعبية التي قدمت للعالم على انها مقدمة أولية لانتفاضة سلمية شاملة ستقض مضاجع المحتلين، وتجعلهم يفكرون الف مرة قبل القيام باي خطوات ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه تحت عنوان ” لنجعل الاحتلال مكلفا” بدت امام العالم ضعيفة متناثرة متقطعة الاوصال، خصوصا بعد البلاغ رقم واحد الذي ظل يتيما ووحيدا دون الثاني.

لقد دخل على الادبيات الفلسطينية مصطلح مفاده “كلما ظهر تحد امام الفلسطينيين يصعدون من نغمة المصالحة، وانهاء الانقسام ” غير ان هذا المصطلح صار عرضة لأن يفقد صدقيته امام رحلات الحوار التي شملت وستشمل عواصم كثيرة.

حوار ثنائي يمهد لحوار شامل، حوار أمناء عامين ينتج وحدة وطنية، وحوار داخل كل فصيل ليبحث مخرجات الحوارات التي تمت، وحوار معمق بعد الحوار الذي تم سيجري اما في القاهرة من جديد او في موسكو او في أي عاصمة تدعو لحوار في فنادقها.

لو جمعنا عدد ساعات الحوار بمختلف انواعه واوقاته واماكنه، لزاد عن المائة الف ساعة، فبعد كل ذلك ماذا بقي للتحاور حوله، وهل بقي لدى المتحاورين طروحات تستغرق مائة الف ساعة أخرى.

اننا نشهد سباقا بين قاطرة الاحتلال المحملة بالاستيطان والتطبيع، والتي تسير بأقصى سرعتها، وبين سلحفاة انهاء الانقسام التي دخلت عامها الرابع عشر والسلحفاة لا تمشي ببطء، بل لا تمشي على الاطلاق.