رجل أعمال سوداني ينظم رحلة إلى إسرائيل لكسر الحاجز النفسي وتسريع التطبيع

16 أكتوبر 2020آخر تحديث :
رجل أعمال سوداني ينظم رحلة إلى إسرائيل لكسر الحاجز النفسي وتسريع التطبيع

يستعد رجل الأعمال السوداني أبو القاسم برطم لتنظيم رحلة تثير جدلاً إلى اسرائيل، تضم أربعين سودانياً من مختلف فئات المجتمع لتعجيل التطبيع بين بلاده والدولة العبرية.

في فناء منزله الذي تشبه واجهته البيت الأبيض مقر الرئاسة الأميركية، يقول برطم (54 عاماً) الذي يعمل في مجالي الزراعة والنقل لوكالة فرانس برس “سيكون معنا أساتذة جامعات وعمال ومزارعون وفنانون ورياضيون وبعض أتباع الطرق الصوفية”.

ولا يقيم السودان علاقات مع إسرائيل التي وقعت في أيلول/سبتمبر اتفاقين تاريخيين لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين.

وتثير هذه الرحلة استغراباً في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا بسبب انقسام المواقف حول مسألة التطبيع مع اسرائيل، سواء بين الأحزاب السياسية أو داخل المجتمع المدني وحتى الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة في السودان عقب اسقاط الرئيس عمر البشير في نيسان/أبريل 2019.

ويؤكد برطم، وهو أب لعشرة أطفال، أنه سينفق 160 ألف دولار على الرحلة المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر لمدة خمسة أيام.

وحول الهدف من الزيارة، يوضح برطم وهو يرتدي زيا سودانيا تقليديا عبارة عن جلباب ابيض وعمامة أن “هناك حاجزاً نفسياً بين السودانيين العاديين واسرائيل، خلقه أصحاب الفكر الإسلامي أو اليساري أو القومي العربي ولابد من كسر هذا الحاجز النفسي”.

ويؤكد برطم انه لم يسبق له أن زار إسرائيل وأنه لا يجري اتصالات مع سلطات هذا البلد.

لكنه يشير إلى أن لا شيء يمنعه من زيارة اإسرائيل، بعدما شُطبت عبارة “يسمح لحامله بالسفر الي جميع البلدان عدا اسرائيل” من جواز السفر السوداني قبل 15 عاماً.

وفي استطلاع للرأي أعده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أيد 13 % من السودانيين فقط إقامة علاقات دبلوماسية بين السودان وإسرائيل، فيما عارض هذه الخطوة 79 %.

ولا يظهر برطم اهتماماً حثيثاً بالقضية الفلسطينية، ويقول: “أنا أهتم بمصالح بلدي وأرى أن عداءنا مع اسرائيل قد أضر بنا.. بلدنا غني بالموارد الطبيعية ومع ذلك أصبحنا نتسول”.

ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمة عائدة بجزء منها إلى العقوبات المفروضة على هذا البلد المدرج على القائمة الأميركية ” للدول الراعية للارهاب” منذ العام 1993 بسبب علاقة البلاد بمنظمات اسلامية مثل القاعدة التي اقام زعيمها السابق اسامه بن لادن في البلاد بين العامين 1992 و1996، مما حرم الخرطوم من الاستثمارات الخارجية ووضعها في عزلة.

ويقول رجل الأعمال السوداني “أعتقد أن التطبيع سيفتح لبلادنا آفاق الاستثمار الغربي والحصول على التقنية الغربية، صحيح اسرائيل دولة صغيرة ولكن يؤثر مواطنوها تأثيراً كبيراً على الاقتصاد الغربي في أوروبا والولايات المتحدة”.

وفي حين يرى العسكريون في السودان أن الأمر يحقق مصلحة البلاد، يتخذ المدنيون في الحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، موقفا أكثر حذرا.

ففي شباط/فبراير الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في أوغندا.

ومطلع الشهر الحالي، أكد الفريق محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس لقناة سودانية “إسرائيل دولة متقدمة، والعالم كله يعمل معها.. من أجل تنميتنا نحتاج إلى إسرائيل”.

وتريد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يحذو السودان حذو الامارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد زار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الخرطوم لهذه الغاية في آب/اغسطس.

إلا أن حمدوك، أكد حرصه بعد لقاء بومبيو على الفصل بين “ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب والتطبيع مع اسرائيل”.

وشدد في نهاية أيلول/سبتمبر على أن “القضية (التطبيع) معقدة ولها العديد من الآثار وتتطلب مناقشة داخل مجتمعنا”.

وقد أثارت تصريحات حمدوك سخط برطم ما جعله يتهم الحكومة الانتقالية بغياب الرؤية.

ويعارض التطبيع أيضا مجمع الفقه الاسلامي أعلى سلطة دينية اسلامية في البلاد.

وقال الأمين العام للمجمع عادل حسن حمزة لوكالة فرانس برس “بحضور 40 عضواً من اعضاء المجمع البالغ عددهم 50، أصدرنا فتوى بعدم جواز التطبيع مع اسرائيل لأنها دولة محتلة للأراضي الفلسطينية (..) أعتقد أن الحكومة ستلتزم بهذه الفتوى”.

لكن برطم يرى أن زيارته ستساعد على بناء الثقة بين الناس وهو مصمم على المضي قدما بها.

ويؤكد “مسألة التطبيع مع اسرائيل قضية سياسية وليست دينية.. أعلم أن رحلتي ستثير ردود فعل سلبية ولكن هذا لا يخيفني”.