بقلم: نضال محمد
بشكل استثنائي وغير معهود، فرض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على نفسه، الصمت، والتزم جانب الحذر في مواقفه وتصريحاته، بالنسبة لكل ما يتعلق بالانتخابات الأميركية وموقفه منها وتطلعاته من المرشحين، جو بايدن ودونالد ترامب.
ومع أن ترامب شكل لنتنياهو ودولة الاحتلال حليفًا لم تحلم بمثله، إلا أن ظروف رئيس الوزراء الإسرائيلي الداخلية من جهة، ومؤشرات الاستطلاعات الأميركية بشأن تراجع فرص فوز ترامب، فرضت على ما يبدو موقف الحذر في تصريحات نتنياهو، وعدم مسارعته للدعوة لصالح ترامب، خوفًا من أن تصحّ التوقعات، فيجد نتنياهو نفسه مع رئيس “غير مريح”، في أقل تعبير، على مستوى العلاقات بين الشخصين، ولكن ليس في سياق الموقف من دولة الاحتلال وأمنها.
ففي حال فاز ترامب، فإن الاتجاه الحالي في الإدارة الأميركية في تبني كامل المنطق والرواية الصهيونية، سيزيد زخمًا، وسيضاعف من الضغوط الأميركية على مزيد من الدول العربية، المرشحة للانضمام لقطار التطبيع، بدءًا من السعودية وسلطنة عُمان شرقًا وحتى المغرب غربًا. لكنّ سقوط ترامب قد يدفع باتجاه تغييرات في السياسة الأميركية قد لا تكون جوهرية بالضرورة، لكنها قد تعيد التوتر إلى العلاقات بين البيت الأبيض وبين ديوان نتنياهو. وقد تكون لها تداعيات في الحلبة السياسية الإسرائيلية في حال اتجهت إسرائيل لانتخابات جديدة.
وقد يبثّ سقوط ترامب روحًا وأملًا في صفوف معارضي نتنياهو خلال المعركة الانتخابية المقبلة، لكنه لن يكون العامل الأكثر أثرًا في تشكيل الخريطة الحزبية الإسرائيلية، ولا في نتائج الانتخابات الإسرائيلية، ما لم تحدث في إسرائيل نفسها اصطفافات جديدة، وما لم تطغ قضايا فشل مواجهة كورونا وتداعيات ذلك على الاقتصاد والمجتمع الإسرائيليين، على المعركة الانتخابية، وهو ما سيحاول نتنياهو تفاديه بكل ثمن.
لن يؤدي التغيير في الولايات المتحدة، في حال حدوثه فجر الرابع من تشرين الثاني المقبل، إلى تغيير داخلي في إسرائيل. فقد نجح نتنياهو عام 1996، بديماغوجيته القومية الشوفينية، في التغلب على خصمه شمعون بيرس، بالرغم حتى من التأييد المعلن لصالح بيرس من قبل الرئيس الأميركي بيل كلينتون، في ذلك الوقت. هذا كله يعني أنه لا فائدة ترجى، عربيًا وبالأساس فلسطينيًا، من التعويل على تغيير في الولايات المتحدة، ما لم يقدم الفلسطينيون على تغيير في حالة الانقسام الداخلية، التي تبدو “مستدامة”، بالرغم من الويلات التي جرتها على الشعب الفلسطيني.
عن “عرب ٤٨”