بدا أن يواكيم لوف غير قابل للسقوط، إذ تمكن من إنقاذ رأسه الاثنين من مقصلة إقالته من منصبه كمدرب للمنتخب الألماني الذي يقوده منذ العام 2006، حتى ولو على حساب الفشل في كأس أوروبا الصيف المقبل.
لم يكن مصير لوف (60 عاماً) محط نقاش كبير قبل السابع عشر من تشرين الثاني. لكن الهزيمة التاريخية أمام إسبانيا صفر-6 ذلك اليوم ضمن دوري الأمم الأوروبية، دقت جرس الإنذار في ألمانيا.
وطالبت الصحافة المحلية يومها بتنحي المدرب أو إقالته. حتى أن لاعبين سابقين أصبحوا مستشارين، تجرأوا على مهاجمة من كان لحقبة معينة معبود ألمانيا كنصف إله، خصوصاً بعد الظفر بمونديال العام 2014.
وفي مواجهة هذه الأزمة، دعا الاتحاد الألماني لكرة القدم هيئة الرئاسة المؤلفة من 14 عضواً للالتئام الجمعة، لتحديد مصير المدرب. حينها رأى كثيرون أن تلك المماطلة في المهلة الزمنية ليست إلا دعوة للوف كي يستقيل لتجنب إقالة مذلة.
لكن الاثنين، ومع تقديم موعد الاجتماع المرتقب، استدعى المسؤولون الخمسة الكبار في الاتحاد الألماني (اللجنة التوجيهية)، لوف إلى فرانكفورت، لتقديم حججه.
وبعد ساعات، أعلن الاتحاد الألماني أن لوف سيبقى مدرباً لمنتخب الـ”مانشافت” وسيقوده في كأس أوروبا 2020 المؤجلة إلى 2021 جراء تفشي وباء كورونا المستجد.
وأكد الاتحاد في بيان أن “رئاسة الاتحاد الألماني قررت بالإجماع خلال اجتماع عبر الفيديو الاثنين، أن تواصل مع المدرب يواكيم لوف الطريق الصعبة للتجديد التي بدأت في آذار 2019″، وذلك في ختام اجتماع قمة بين كبار المسؤولين والمدرب.
وانحازت هيئة الرئاسة إلى رأي “لجنة التوجيه ومدير المنتخبات الوطنية أوليفر بيرهوف”، وفق بيان الاتحاد.
والتقى المسؤولون الخمسة الكبار في الاتحاد صباح الاثنين مع لوف الذي بدا أنه تخطى نسبياً الهزيمة التاريخية في 17 تشرين الثاني بسداسية نظيفة أمام إسبانيا ضمن منافسات دوري الأمم الأوروبية، وهي الأقسى للماكينات منذ العام 1931.
وأوضح الاتحاد أنه “خلال هذا الاجتماع، أبلغ لوف المشاركين بتحليلاته ومفاهيمه ومشاريعه”، مضيفاً “خلص أعضاء اللجنة التوجيهية بالإجماع إلى أن الجودة العالية لعمل فريق المدربين، والعلاقة السليمة بين المدرب والفريق، والمفهوم الواضح للمسار المتبع حتى الآن والذي سيتواصل، هي حجج مبررة”.
ولفت الاتحاد إلى أنه “لا يمكن ولا ينبغي استخدام مباراة منفصلة كمقياس للأداء العام للمنتخب والمدرب”، في إشارة إلى الهزيمة في إسبانيا.
وتابع “يجب أن يبقى نظرنا منصباً إلى الاستعدادات لليورو العام المقبل. لدينا قناعة راسخة بأن يواكيم لوف وفريقه من المدربين سينجحون (…) رغم الوضع الصعب للجميع”.
إذا ها هو لوف يركب قطار كأس أوروبا، حيث أوقعت القرعة الـ”مانشافت” في مجموعة “الموت” إلى جانب فرنسا بطلة العالم، والبرتغال حاملة اللقب، والمجر، وهي إحدى الدول الـ12 المضيفة مع ألمانيا.
ولكن هل سيتمكن من مواصلة عمله بهدوء وسط معارضة من الرأي العام (84 في المئة من مشجعي كرة القدم الذين استطلعت آراؤهم الشهر الحالي طالبوا بتنحيه) والسخط من الصحافة؟
في كل الأحوال، لن تؤدي عملية الصيانة والتجديد حل المشاكل والخلافات بشكل سحري.
فهناك مسألة عودة أبطال العالم الثلاثة في 2014، توماس مولر وجيروم بواتنغ (بايرن ميونيخ) وماتس هوميلس (بوروسيا دورتموند)، بعدما أحالهم لوف إلى التقاعد دولياً في آذار/مارس 2019 على حساب تشكيلة من الجيل الجديد، وهم بالكاد بلغوا الثلاثين من العمر.
وهم مذاك الحين يتألقون في أنديتهم. وإذا ما كان المنتخب الألماني يملك هجوما جيداً (لوروا سانيه، سيرج غنابري، تيمو فيرنر من بين الأفضل في مراكزهم في أوروبا)، فإنه يفتقر بشدة إلى مدافعين رفيعي المستوى.
وأقر خبراء، كبطل العام في 1990 وحائز جائزة الكرة الذهبية لوثار ماتيوس، بعدم فهم سبب استبعاد بواتنغ وهوميلس “في المنتخب الوطني، نريد أن نرى الأفضل يلعب”.
ويفتقر المنتخب أيضاً إلى قادة لتحديد المسار في أوقات العاصفة، على غرار ما فعله توماس مولر مع بايرن عندما توج الفريق الألماني بدوري أبطال أوروبا في آب.
لكن يبدو أن بيان الاتحاد الألماني يمنح لوف تفويضاً مطلقاً بالتوجه إلى كأس أوروبا بقناعاته الخاصة، وقد أقنعهم بأن خياراته الحالية كانت الأكثر حكمة للاستعداد بشكل صحيح لكأس العالم 2022 في قطر، وأيضاً يورو 2024 الذي تستضيفه ألمانيا.