تبدأ سنة 2021 في ظل مؤشرات قاتمة مع تخطي الولايات المتحدة الجمعة عتبة 20 مليون إصابة مثبتة بفيروس كورونا المستجد فيما تسجل حملات التلقيح تباطؤا في العديد من الدول منذرة بتأخر الانفراج المرتقب في العام الجديد.
ولا يبدي وباء كوفيد-19 أي بوادر تراجع في انتشاره على امتداد أكبر قوة في العالم التي تسجل أعلى حصيلة وفيات جراء الفيروس تخطت 346,400 وفاة.
وكانت حصيلة الولايات المتحدة بلغت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر عشرة ملايين إصابة، وتسارعت منذ ذلك الحين وتيرة الإصابات الجديدة إلى أن تخطى العدد الإجمالي الأحد 19 مليون إصابة، أي ما يوازي عدد سكان ولاية نيويورك برمتها.
وما ساهم في هذا التسارع الحاد في تفشي الوباء منذ الخريف إقبال ملايين الأميركيين على السفر لتمضية عيد الشكر مع عائلاتهم في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، واحتفالات أعياد رأس السنة، وذلك بالرغم من دعوة السلطات المواطنين مرارا وتكرارا للزوم منازلهم.
من جهة أخرى، خفتت الآمال في القضاء أخيرا على المرض بعدما تم التوصل إلى لقاحات ضده، إزاء بطء حملات التلقيح في الولايات المتحدة بسبب صعوبات لوجستية واستنفاد المستشفيات طاقاتها.
ولم تشمل عمليات توزيع الجرعة الأولى من اللقاح سوى 2,8 مليون أميركي حتى الجمعة، بعيدا عن الهدف الذي حددته إدارة الرئيس دونالد ترامب بتلقيح 20 مليون شخص بحلول نهاية العام.
وندد الرئيس المنتخب جو بايدن بهذا التأخير، مبديا تصميمه على تسريع الوتيرة. وأعلن الجمعة “لنكن واضحين، إدارة بايدن-هاريس لن توفر جهدا ليتم تلقيح الناس”.
وقال الرئيس الديموقراطي الذي سيتولى مهماته رسميا في 20 كانون الثاني/يناير “إنني أكثر تفاؤلا من أي وقت مضى… لدينا الفرق الأكثر فعالية في العالم”.
وتتعرض حملات التلقيح لانتقادات أيضا في أوروبا حيث ندد أطباء ألمان بعدم إعطاء الأولوية في التحصين للفرق الطبية، فيما تتركز الانتقادات في فرنسا على بطء الحملة.
وتكمن بعض الصعوبات في العدد المتدني نسبيا من اللقاحات التي طلبها الاتحاد الأوروبي لدوله الأعضاء الـ27، وتأخره حتى تشرين الثاني/نوفمبر لتوقيع العقد فيما سبقته العديد من الدول الأخرى.
وأوضحت شركة “بايونتيك” الألمانية أنها تعتزم تكثيف إنتاج اللقاح الذي طورته بالاشتراك مع مختبرات فايزر الأميركية للتعويض عن “النقص” في غياب لقاحات أخرى حصلت على الضوء الأخضر.
وفي هذه الأثناء، أسفر الوباء عن وفاة ما لا يقل عن 1,820,970 شخصا في العالم من أصل أكثر من 83 مليون إصابة، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس الجمعة قرابة الساعة 20,30 ت غ استنادا إلى أرقام رسمية.
وفي ظل هذه الأوضاع، بقيت الاحتفالات برأس السنة خافتة هذا العام وتركزت بشكل أساسي على الإنترنت. وفي باريس، كانت جادة الشانزيليزيه مقفرة في حين تغص عادة بآلاف المحتفلين ليلة 31 كانون الأول/ديسمبر، باستثناء بعض السيارات أو الدراجات النارية النادرة.
وتم الالتزام بصورة عامة منع التجول المفروض في فرنسا، باستثناء بعض السهرات السرية، ولا سيما احتفال ضخم شارك فيه نحو 2500 شخص قدموا من كل أنحاء فرنسا وبعضهم حتى من الخارج في منطقة بروتانيه في غرب فرنسا.
وفي نيويورك حيث تغص ساحة تايمز سكوير عادة بالناس الذين يودعون العام بشكل احتفالي، كان حيّ مانهاتن مقفرا، في حين ألغت البرازيل احتفالات ريو دي جانيرو السنوية، أضخم احتفالات برأس السنة في العالم.
وبالرغم من كل تدابير الحيطة، تخشى دول عديدة فورة في الإصابات بعد الاحتفالات.
في روسيا، اعترف الرئيس فلاديمير بوتين في خطاب ألقاه لمناسبة العام الجديد بأن الموجة الثانية من الوباء تضرب البلاد بشدة. وقال “للأسف، لم نقض على الوباء بالكامل بعد. تستمر المعركة بلا هوادة”.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فسعى إلى الطمأنة مبديا “أمله” للعام 2021 بسبب اللقاح، محذرا في الوقت نفسه بأن الأشهر الأولى من السنة ستكون “صعبة” وبأن مفاعيل الوباء ستستمر “حتى الربيع على أقل تقدير”.
وفي مواجهة التفشي المتسارع للفيروس، سبّقت الحكومة الفرنسية ساعة بدء منع التجول الليلي من 20,00 إلى 18,00 ت غ وأوضح الناطق باسم الحكومة غابريال أتال “أن الفيروس يواصل التفشي في فرنسا… لكن بوتيرة متفاوتة بين المناطق”.
وما يزيد من المخاوف أن السلالة الجديدة للفيروس التي ظهرت في بريطانيا وتعتبر أسرع انتشارا من الفيروس الأصل، تواصل تفشيها في العالم.
ورصدت أولى الإصابات بالفيروس المتحور هذا الأسبوع في الولايات المتحدة وتحديدا في ولايات كولورادو وكاليفورنيا وأخيرا فلوريدا. لكن خبير الأمراض المعدية الأميركي الشهر أنطوني فاوتشي أكد أن هذا “ليس مفاجئا” ولا مقلقا، معتبرا أنه وصل أيضا إلى “ولايات أخرى على الأرجح”.
كما أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة الجمعة رصد الفيروس المتحور في تركيا لدى 15 شخصا سافروا أخيرا إلى المملكة المتحدة. وعلقت الرحلات الآتية من بريطانيا حتى إشعار آخر.