ماذا ينتظرنا بموازنة عام 2021

11 يناير 2021آخر تحديث :
ماذا ينتظرنا بموازنة عام 2021
ماذا ينتظرنا بموازنة عام 2021

بقلم : الدكتور سعيد صبري- مستشار اقتصادي دولي- وشريك وممثل اقليمي لصندوق المبادرات- فاستر كابتل- بدبي

هل سنشهد عاماً جديداً بموازنة طوارىء كسابقتها ؟ وهل ستتمحور بنود موازنة الطوارىء: بمساعدة الفقراء ، ودعم النظام الصحي ، وتوفير رواتب الموظفين ودعم الأجهزة الأمنية فحسب ؟

يعتبر بناء الموازنة العامة للدولة أحد مكونات النضوج المؤسساتي لدى الدول ، كما ان وجود ميزانيات لدى الجهات الرسمية عبارة عن تثمين” للحكم الرشيد” فالتوجه الاستراتيجي لوجود الموازنات يسند وجود فعالية ورؤية ونجاعة واضحة بالأداء في القطاع الحكومي للدول.

وتبلغ الموازنة الفلسطينية للسنوات الماضية بين 4.5 مليارات دولار سنويا بالمتوسط، منها 85 % مصدرها الإيرادات الضريبية والجمارك ورسوم المعاملات الحكومية بحسب بيانات سابقة لوزارة المالية ، اما التقديرات الحكومية لقيمة الخسائر الإجمالية للاقتصاد الفلسطيني، تبلغ 3.8 مليارات دولار بسبب كورونا،والتي ستتضرر منها مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية الفلسطينية .

فقد تراجعت المنح والمساعدات المالية من الدول العربية للميزانية الفلسطينية بنسبة 81.5 % على أساس سنوي خلال أول ثمانية شهور من العام الماضي، حيث تشير تقارير صادرة عن وزارة المالية ان إجمالي الدعم العربي للموازنة منذ مطلع 2020 حتى آب/أغسطس الماضي قد وصل الى 38.93 مليون دولار ، وكان الدعم المقدم من الدول العربية في عام 2019 قد وصل الى 211 مليون دولار على شكل منح ومساعدات مالية ، ويترافق تراجع الدعم العربي مع ضغوطات مالية تواجه حكومة الدكتور محمد اشتية، بفعل تراجع الإيرادات المالية نتيجة تفشي فيروس كورونا، وأزمة أموال الضرائب (مقاصَة) مع الاحتلال الإسرائيلي، أفقدت الحكومة ثلثي مداخيلها منذ أيار/ مايو الفائت.

وتقول الحكومة الفلسطينية، إن المنح المالية (العربية والدولية) الموجهة لدعم الميزانية، تراجعت بأكثر من 55 % خلال السنوات الخمس الماضية، من متوسط سنوي 1.1 مليار دولار، إلى 500 مليون دولار في 2019 حاليا.

كما بلغ إجمالي موازنة السلطة الفلسطينية لعام 2017 نحو 4.460 مليار دولار أمريكي، منها الموازنة العامة و 452 مليون دولار للموازنة التطويرية.

وصدق الرئيس الفلسطيني على موازنة جديدة لعام 2018 بإجمالي موازنة عام قدرها 5.8 مليار دولار، خصص أكثر من ربعها للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية بينما توقعت الحكومة الفلسطينية تسجيل عجز مالي بقيمة 1.4 مليار دولار في موازنة 2020 (بدأت مطلع يناير 2020)، مدفوعة بالتبعات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا محليا.

اما مدينة القدس المحتلة:-

تتضمن مصادر الدخل الرئيسية في القدس السياحة وتجارة المفرق وورش العمل الصغير ومنذ أكثر من 22 عاما ، ،لا يزال الوضع الاقتصادي في هذه المدينة يشهد تدهوراً مطرداً بسبب فرض الإغلاق المشدد عليها وعزلها عن بقية مناطق الضفة الغربية بصورة تامة. وما يزيد من حدة انخفاض وتيرة النشاط الاقتصادي في القدس سياسة السلطات الإسرائيلية في مصادرة أراضي المواطنين، والهيمنة على المصادر المائية، وفرض قيود جمة على ترخيص المصالح التجارية والمنشآت الصناعية وارتفاع أثمان الأراضي والعقـارات. ومـن بـين الأمور التي تلقي بظلالها القاتمة على الوضع الاقتصادي بالمدينة الإعتماد الضخم على سوق العمالة الإسرائيلية، والذي يزيد بدوره من ارتفاع أجور العمـال فـي مـشاريع الأعمـال من إمكانيات توسيع نطاق الاقتصاد الفلسطيني وتنميته، بالإضافة إلى هجرة العمال الذين يتمتعون بقدر كبير من المهارات والتعليم. كما ترزح القدس الفلسطينية المحتلة تحـت رحمة البنوك الإسرائيلية التي تحرم اقتصادها من جمع الموارد المالية التي تُستثمر في القطاعات الإنتاجية، ما يتسبب في إجبار العديد من المواطنين على تشغيل مصالحهم ومنـشآتهم خارج حدود المدينة.

تمكين الشباب

إعداد برامج متنوعة وحديثة لتعزيز دور الشباب في المجتمع من خلال زيادة مشاركتهم في النشاطات الإقتصادية وتوفير الفرص المناسبة للفئه العمريه:18-29 بالمشاركة السياسية والاقتصادية وذلك بتطوير مهاراتهم الإدارية والمهنية منها ، ويجب العمل على مجموعة هدف لا تقل عن 20 الف شاب وشابه لتأهيلهم ، كما يجب ان تتمثل البرامج القادمة والتى تحمل أهدافا رئيسية في توفير فرص عمل بما يتناسق مع إحتياجات السوق المحلية، والعمل على إعداد قانون فلسطيني للشباب وإنفاذه بحيث يلبى إحتياجات الشباب وبحمى حقوقهم.

التنمية والاستثمار

يجب توفير الدعم الذي تحتاجه المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من خلال مجموعة من النشاطات التي تمكن المواطنين من الحصول على القروض والخدمات المالية وتـوفير الفرص المتساوية التي تمكن المعنيين من تعلم إدارة المشاريع، وذلك من أجل ضمان مساهمتهما التامة في النمو المستدام للقطاع الخاص وتجديد خدماته.

فماذا ينتظرنا من موازنة لعام 2021 ، وهل ستؤثر جائحة كورونا على الموازنة العامة الفلسطينية ؟ وهل القدس ستكون حاضرة؟ وهل ستركز النسبة الأكبر نحو القطاع الصحي الفلسطيني وتعزيزة؟ بالإضافة الى الأجهزة الأمنية التي تحظى على حصة الأسد من الموازنات حسب ما قد أشارت الأرقام والتقارير السابقة الصادرة من وزارة المالية الفلسطينية، حيث حصلت الأجهزة الأمنية على ما يقارب 22% من الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية خلال الأعوام الماضية .

اقتراحات لبناء موازنة عام 2021 فاعلة:-

اولاً:- العمل على إعداد موازنة عامة للسلطة الفلسطينية ، وعدم اللجوء الى إعداد “موازنة طوارىء”، ومأسسة الإجراءات الحديثة المتبعة في تحضير الموازنات بهدف مساندة تنفيذ منهجية إطار الإنفاق متوسط الأمد من خلال تحديث أنظمة الإدارة المالية وإجراءاته

ثانياً:- تطوير الرأسمال البشري والمادي من خلال تقديم الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والتدريب المهني والصحة والإسكان، والعمل على تعزيـز نمو مؤسسات القطاع الخاص بحيث تصبح مصدراً مستداماً من مصادر فرص العمل، وعنصراً من العناصر الحيويـة لتحقيـق النمو الاقتصادي

ثالثا:- تنمية الرأسمال الاجتماعي الفلسطيني والمحافظة عليه وحماية الميراث والثقافة الفلسطينية من أجل تعزيـز التماسـك والتـرابط الاجتماعي وتعزيز الحكم المحلي كونه يعتبر مساهماً رئيسياً في تطوير الحكم

رابعا :- ترشيد المصاريف في السلطة الوطنية الفلسطينية، ما يؤدي إلى تقليص التكاليف، خاصة تقليص حجم فاتورة الرواتب وذلك لتحقيق الاستقرار المالي.

خامسا:- القدس يجب ان تتضمن الموازنة العامة الفلسطينية دعما لكافة القطاعات الإقتصادية والإجتماعية بالمدينة المحتلة، العمل الحثيث من قبل وزارة القدس مع كافة الأطراف من مؤسسات إقتصادية وإجتماعية وصحية لإيجاد الوسائل لدعم الوجود المقدسي بالمدينة.

سادسا:- على سلطة النقد الفلسطينية البدء ببرامج لتحفيز الاقتصاد ، بالعمل نحو تطوير برامج تستهدف تعزيز المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة ، ببرامج مشتركة مع البنوك والقطاع الخاص وبدعم الحكومة وذلك برصد مبلغ من الحكومة دوري وعلى شكل قروض وبفائدة صفرية لتحفيز الاقتصاد وتحديداً القطاعات :- كالزراعة ، والصناعة في كافة مناطق فلسطين.

بناء وطنٍ فاعل بحاجة الى جهود وطنية مثابره، تعمل من أجل “حكم رشيد”، تخدم من غير كلل، تعمل بصمت ويدها ممدودة نحو التعاون مع الجميع ، فلنعمل معاً لبناء فلسطين.