أحيانا ما نقع في براثن الاعتقاد أن كل شيء في الماضي كان أفضل وأسهل بكثير. ولكن هذه إحدى الحيل التي يلعبها المخ علينا، ولا سيما عندما نشعر أننا ضعفاء أو مثقلون بالأعباء .
غير أنه من الناحية الفعلية نادرا ما يكون هذا هو الحال وهو أن الأشياء كانت أفضل “بشكل موضوعي” في الماضي. ويشير علماء النفس إلى هذا النمط الخاطئ من التفكير بالماضي الوردي. وهذا تحيز إدراكي مدروس بشكل جيد. يحدث هذا لأننا عندما نفكر في الماضي، فمن المرجح أننا نفكر في الأشخاص والأحداث والأماكن والأشياء بشكل مجرد. وعندما نفكر في الأشياء بشكل مجرد فمن المرجح أننا نركز على العموميات الإيجابية بشكل عام وليس التفاصيل الجوهرية التي أحيانا ما تكون قاتمة، بحسب ما ذكره موقع “سيكولوجي توداي”.
ولنذكر هذا المثال وهو إذا تذكرت عطلة قضيتها مع أسرتك فلنقل قبل خمس سنوات، فمن المحتمل أنك سوف تتذكر الحوارات الممتعة والطعام الجيد الذي تناولته. ومن المرجح أنك لن تتذكر كم كانت الأريكة التي نمت عليها لخمسة أيام متتالية غير مريحة، ناهيك عن مدى التوتر الناجم عن قضاء الوقت مع أسرتك الممتدة لأسبوع كامل.
وبمعنى آخر، تزول التفاصيل السلبية من الأحداث الماضية من ذاكرتنا مع الوقت بينما تظل الأوجه الإيجابية. ومن الجيد أن هذا يحدث حيث أنه يبقينا في حالة ذهنية إيجابية في الحاضر. وإذا لم تعمل أدمغتنا على هذا النحو فسوف يكون هناك احتمال أقل أن نقوم بنفس العطلة العام التالي أو القيام بأنشطة أخرى مهمة لصحتنا النفسية.
وفي الواقع الأشخاص الذين يميلون لتذكر الخبرات السلبية أكثر من الإيجابية فمن المحتمل أنهم يعانون من اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب. وهذا يقود إلى أن الماضي الوردي هو تحيز معرفي ولكن مثل الكثير من التحيزات المعرفية، يخدم غرضا مهما.
من الجيد دائما التعامل مع مشاعر الحنين إلى الماضي بقدر صحي من التشكيك.
تشير أبحاث علم النفسي بشكل عام إلى أن أفضل أيامنا أمامنا وليست خلفنا. وتعقبت إحدى الدراسات منحنى التفاؤل لدى الأشخاص على مدار الوقت. ووجد الباحثون أن التفاؤل كان أقل في العشرينيات من العمر ثم ارتفع تدريجيا في عمر الثلاثين والأربعين ليصل إلى الذروة في الخمسينيات من العمر ثم يتراجع بعد ذلك!
وبمعنى آخر، هناك دليل جيد لقول إن أسعد الأيام في المستقبل. وحتى إذا لم تكن كذلك، فيظل من المهم افتراض ذلك. يجب أن يتجنب المرء النظر إلى الماضي بدرجة من الولع. ولكن من نفس المنطلق، يجب عدم استغلال الماضي كعذر لتكون غير سعيد في الحاضر.