بقلم : نبيل عمرو
دون ديباجة او مقدمات نحتاج الى 132 عضواً للمجلس التشريعي المقرر انتخابه في أواخر مايو/ أيار القادم، التقديرات الأولية ما تزال تعطي للقطبين الكبيرين افضلية في الحصول على العدد الأكبر من المقاعد، ومع ان التقديرات ليست دقيقة تماما وهي تقريبية في الأساس، الا انها تجسد حالة موضوعية قوامها ان هوامش القطبين الكبيرين وان ضاقت على نحو اكثر مما كانت عليه من الاتساع في الانتخابات الثانية، الا انها تنظر للانتخابات بحذر بفعل تراجع سيطرة القطبين على جموع الناخبين، اما القوائم المستقلة فهي أساسا تتحرك داخل هوامش ضيقة اذا ما اعتبرنا ان النسبة المقدرة للفصيلين الكبيرين تزيد عن الستين بالمائة، الاربعون بالمائة الأكثر او الأقل قليلا ستتنافس عليها عدة قوائم، اليسار موحدا او متفرقا وناصر القدوة ومحمد دحلان وسلام فياض وحسن خريشة، وستضيق الهوامش اكثر اذا ما دخلت الى السباق قوائم أخرى يجري الحديث عنها دون بلورة نهائية قطاعية او عشائرية او تحت أي عنوان.
القوائم التي ستصل الى المجلس التشريعي لن يمتلك أي منها ما يؤهلها للتعامل كصاحبة اغلبية تشكل الحكومة باسمها وكيف ما تشاء مثلما حدث اكثر من مرة في انتاج الحكومات السابقة، غير ان الإيجابية في حالة زحام القوائم هو إمكانية حصولنا على مجلس تشريعي تعددي وليس احتكاري، وهذا ما يؤهل المجلس العتيد لأن ينتج مخرجات ساهمت فيها كتل وان كانت محدودة المقاعد الا انها لن تكون محدودة الاسهام في الحياة البرلمانية من كل جوانبها، سيكون الجميع مضطرا لحكومة ائتلافية تعكس تعددية القوى والاجتهادات داخل المجلس وحتى داخل الحكومة، فضلا عن ظهور دور نشط وفعال للجان المجلس التي تجسد المفاعل الحيوي لانتاج الأنشطة التشريعية والرقابية، وتمرير الموازنات التي لابد وان تضعها اللجنة المختصة المعززة بخبراء الاختصاص في هذا المجال، وتجربة المجلس التشريعي الأول جديرة بالاستذكار والتكرار.
رغم كورونا والسجالات القاسية التي شهدتها الساحة منذ صدور المراسيم وارتفاع نسبة المسجلين في قوائم الانتخاب، الا ان امرا إيجابيا بالغ الأهمية حدث في مجتمعنا، وهو رفع مستوى الجدل حول شأن جدي هو استعادة دور المواطنين في انتخاب ممثليهم وصناع السياسة التي تمثلهم داخليا وخارجيا، وتوديع حقبة المراسيم والقرارات الإدارية لتحل محلها حقبة المؤسسة المنتخبة الأكثر تأهيلا وشرعية وفاعلية.
الا ان اختبارا مفصليا فرضناه على انفسنا ويتعين ان ننجح فيه وهو اجراء الانتخابات العامة رغم كل المعوقات الحقيقية والمفتعلة فإن أجرينا انتخابات رغما عن كورونا ورغما عن كل من يضع العصي في دواليب عجلتنا الوطنية بما في ذلك إسرائيل، وضربنا مثلا في القدرة على جعلها انتخابات تحدٍ فسيكون ما عملناه فعلا بمثابة رصيد هام لشعبنا ومشروعه الوطني وهذا كفيل بتعزيز ثقة العالم بنا بعد ان نكون فزنا بجدارة في تعزيز ثقتنا بأنفسنا.