بقلم : نبيل عمرو
أحد الاخوة المهتمين أعاد نشر مقالة لي كتبتها قبل سنوات بعنوان ” كلمة سر فتح” والان وقد تغير ما تغير وبقي ما بقي فإنني استخدم العنوان القديم في معالجة جديدة، منوها الى انني ربما أكون اكثر من كتب عن فتح وتحدث باسمها وربما من اكثر من تولى مهام متعددة داخلها ثم في منظمة التحرير ثم السلطة الوطنية.
وكل ذلك الذي حدث على مدى سنوات طويلة يكفي لأن يكون مؤهلا معقولا للاجتهاد بتعريفها، بما في ذلك الاستدلال على كلمة او كلمات السر التي تتميز بها عن باقي الحركات والتشكيلات السياسية.
اول ما أبدأ به واراه الأهم، هو كيف يتعامل الافراد الذين اختاروا الانضواء تحت لوائها معها، فإذا ما أرادوا البقاء تحت مظلتها فعليهم ان يكونوا في تمام الجاهزية لقبول تنكيلها بهم، ولم يتسن ذلك الا اذا اعتنقوا شعار “ما نجده فيها لا نجده في غيرها” ذلك ان فتح التي تضم تحت لوائها وشعارها واسمها مئات الألوف وربما الملايين مليئة بكل أصناف البشر جهلة وعلماء، مناضلون شرفاء وانتهازيون، مقاتلون يصلون حد التضحية بالنفس عن طيب خاطر ومتسلقون على التضحيات متاجرون بها، محاربون ما تخلفوا عن معركة وكلها كانت عديمة التكافؤ مع الخصم ومتخلفون عن المعارك صاروا خبراء في تبرير تخلفهم وابتداع نظريات لتسويقه. ذات مرة تخلف قائد عسكري عن معركة وحين سُئل لماذا أجاب كيف لي ان اخوض معركة مع إسرائيل دون غطاء جوي!!.
لذا فقد وصفت فتح في آخر مقالة نشرت في صحيفة الشرق الأوسط بأنها حركة الشيء وعكسه في ذات الوقت.
ان اكثر من يتحدث عن الظواهر السلبية التي تعج بها حركة فتح هم أبناؤها عناصر وكوادر وقادة، وحين تسألهم مادام الامر كذلك فلم لا تغادروها اذا؟ يستذكر الكادر المتذمر مزايا حركته التي يشكو منها ويصل معها أخيرا الى خلاصة منطقية مفادها انه تحمل ما يراه ظلما واقعا عليه خوفا من ارتكاب الاثم الأكبر وهو مغادرتها والارتداد عنها والذهاب الى أي مكان آخر.
كثيرون غادروا اطاراتها واستقالوا من وظائفها الا ان أحدا منهم لم يذهب الى تشكيلات سياسية أخرى او اعلن تبرءه منها حتى لو اطلق النار عليها في اختلاف معها، وهذا حدث عدة مرات، الا ان التمسك بها كان لكونها حاضنة حياته الخاصة ومعالم تاريخه الوطني والشخصي.
غير ان فتح، أي قيادتها او صناع القرار باسمها لم يحسنوا الإفادة من هذه الميزة النادرة التي يتمتع بها الفتحاوي في تثبيت ولاءه وانتماءه، لهذا لم يخدم هذا الولاء المطلق على نحو يحوله الى دافع قوي للتطور والتجدد.
اليست فتح هي من خسر الانتخابات العامة في عقر دارها بعد ان فشلت في تحويل تفوقها العددي الى مقاعد في برلمان اسسته ثم خسرته، وحتى الان لم تُقرأ التجربة كما يجب ولم تتخذ الإجراءات الكفيلة لضمان عدم تكرارها.
اليست فتح من وصل الصراع الداخلي فيها حد التخوين والاستئصال والاقصاء والتهميش حتى صار مثار قلق ليس لأعضائها وانما لكل محبيها وهم موجودون بكثافة على مستوى العالم كله.
ثم اليست فتح وبعد ان وصلت الى ارض الوطن مؤسسة لسلطة قدمتها للناس على انها مقدمة لدولة حقيقية أضحت على مرمى خمس سنوات، هي ذاتها فتح الان القلقة من فشل في الانتخابات والباحثة عن روافع كي تتفادى ما حدث في العام 2006.
فتح… اسمها وتراثها مطبوعا على افئدة وارواح وعقول أهلها ومحبيها، الا ان هذا لم يعد يكفي بكل اسف ولم يعد يجنبها الخوف على نفسها من نفسها، وهذه كلمة سر هذا الزمن لإخفاق حدث رغم توفر كل عوامل تفاديه.