حديث القدس ..
لم يراهن أي فلسطيني على الانتخابات الاسرائيلية التي جرت أمس، والتي يتضح من نتائجها الأولية وجود أغلبية ساحقة للأحزاب الصهيونية المؤيدة للاحتلال والمتنكرة للحقوق المشروعة لشعبنا، سواء الأحزاب الصهيونية الموالية لنتنياهو أو تلك المعارضة له باستثناء حزب «ميرتس» الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير ولم يعد قادرا على التأثير في السياسة العامة الاسرائيلية، عدا عن ان الحملة الانتخابية منذ بدايتها حتى نهايتها لم تتناول موضوع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتجاهلت الأحزاب الصهيونية القضية الفلسطينية، بل تنافس قادتها على طرح المواقف اليمينية المتطرفة، بما في ذلك المواقف الداعمة للاستيطان والضم والرافضة لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وكان من أبرز ما يميز هذه الانتخابات قيام زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو بمغازلة فلسطينيي الداخل سعيا لكسب جزء من أصواتهم بعد تاريخ حافل له بالتحريض ضدهم وضد نوابهم في الكنيست، الى درجة انه اعتبر سن قانون القومية اليهودية الذي يستهدف اساسا فلسطينيي الداخل، اعتبر انه تم سنه في مواجهة لاجئي العمل الاجانب الى اسرائيل وهو تصريح ينطوي على تضليل ومحاولة خداع الناخبين العرب الذين اكتووا بنيران التمييز ضدهم من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
كما ان ما يميز هذه الانتخابات تراجع نسبة التصويت في الداخل الفلسطيني إثر انشقاق القائمة الموحدة (الاسلامية الجنوبية) عن القائمة المشتركة، وهو ما يلعب لصالح اليمين الاسرائيلي بقيادة الليكود الذي تحالف مع حزب «الصهيونية الدينية» الفاشي العنصري الذي يضم انصار كهانا، في الوقت الذي ادعى فيه نتنياهو انه يسعى للعمل لصالح الجمهور العربي الذي يحرض حلفاؤه ضده.
ومهما يكن من أمر على ضوء هذا الانقسام الحاد في الساحة السياسية الاسرائيلية بين الأحزاب الصهيونية الموالية لنتنياهو وتلك المعارضة له في رابع انتخابات في غضون عامين، فان ذلك يدلل ايضا على هشاشة النظام السياسي الاسرائيلي وعلى تقدم الأحزاب الدينية اليهودية واليمين الفاشي في مواجهة الصهيونية الليبرالية، وجميعها أحزاب معادية للشعب الفلسطيني وحقوقه.
ومن الواضح ان النتائج الأولية لهذه الانتخابات تشير الى عدم تمكن قطبيها من الحسم الواضح وصعوبة تشكيل ائتلاف حكومي مستقر.
واذا كان من الصحيح القول ان الانتخابات الاسرائيلية شأن داخلي اسرائيلي، إلا أن ما جرى من انقسام بين فلسطينيي الداخل يسهم في خدمة اليمين الاسرائيلي ومخططاته المعادية لشعبنا وحقوقه، تماما كما أسهم الانقسام الفلسطيني في خدمة الاحتلال الذي واصل تنفيذ مخططاته في الأراضي المحتلة دون إزعاج.
لذلك نقول ان رهاننا الوحيد يبقى على شعبنا وقواه وعلى وحدة فصائله في مواجهة التحديات التي يفرضها هذا الاحتلال. فهذا الصمود الفلسطيني لشعبنا وقيادته، وهذا التشبث بحقوق شعبنا المشروعة ورفض كل ما ينتقص منها، وهذه الوحدة الوطنية التي تلوح بشائرها في الأفق، تبقى الرهان الوحيد على حصانة وقوة ساحتنا الفلسطينية لانتزاع حقوقنا المشروعة أياً كانت الحكومة الاسرائيلية القادمة.