بقلم: المحامي علي أبوهلال
مع انتهاء موعد المهلة القانونية التي منحتها سلطات الاحتلال لهدم المنازل في سلون في القدس المحتلة، تتواصل الحملات الدولية، المساندة للتحركات الجماهيرية، لمنع هدم هذه المنازل في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد أطلق تحالف منظمات فلسطينية على الساحة الأميركية، حملة للضغط على الإدارة الأميركية واعضاء الكونغرس لمنع اسرائيل من هدم 16 منزلا في بلدة سلوان في القدس الشرقية المحتلة، وطالب بيان للمنظمات يوم الجمعة الماضي، من المؤسسات والمتضامنين بتنفيذ حملة اتصالات مع الحكومة الاميركية واعضاء الكونغرس، والقيام باحتجاجات في الشوارع للضغط من اجل وقف عمليات الهدم. وطالب البيان “بالتظاهر وبالاتصال الفوري بقيادة الحزب الديمقراطي والطلب منهم الضغط على إسرائيل لوقف عمليات الطرد هذه”. وأكد الاستمرار في الضغط على اعضاء الكونغرس حتى أثناء عطلتهم البرلمانية، لوقف عمليات تهجير الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية. وكانت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس قد قررت في الحادي عشر من الشهر الجاري تجميد هدم 17 منزلًا في حيّ البستان ببلدة سلوان في القدس، لمدة 6 شهور.
وأفاد الناطق باسم لجنة الدفاع عن حي البستان فخري أبو دياب، بأن محامي الحي استطاع استصدار القرار، بعد أن قدم للمحكمة المركزية قرارً بتجميد أوامر الهدم حتى 10-2-2022، أي لمدة 6 شهور.
جاء هذا القرار نتيجة الحراك الجماهيري النشط والفاعل من أهالي حي البستان وأهالي سلون في القدس المحتلة، ونتيجة للضغط الدولي المساند لهم، ووضوح موقف أهالي حي البستان بأنهم لا يريدون تجميد هدم تلك المنازل، بل إلغاء أوامر الهدم بشكل كامل، وتأتي المهلة التي أعطتها المحكمة بعد عشرة أيام من إرجاء المحكمة العليا الإسرائيلية البت في قرار تهجير عائلات من حي الشيخ جراح في القدس لصالح مستوطنين إسرائيليين.
لا شك أن قرارات سلطات الاحتلال والمحكمة المركزية الإسرائيلية القاضية بتحديد آجال ومهل لتنفيذ قرارات الهدم ليست جديدة، فقد اقتحمت قوات معززة من شرطة الاحتلال ترافقها جرافات بلدية الاحتلال في يوم الثلاثاء الموافق 29 حزيران/ يونيو الماضي، حي البستان في بلدة سلوان، وذلك مع انتهاء المهلة لهدم 17 منزلا بعد أن رفضت لجنة التنظيم والبناء منحها التراخيص.
وعلى الرغم من تهديدات الاحتلال المستمرة بتهجير عائلات حي البستان، وهدم منازلهم أو تغريمهم في حال لم يقوموا بهدمها بأنفسهم، إلا أنهم يصرون على مواجهة تلك التهديدات والبقاء في منازلهم ومحالهم التجارية مهما كلفهم الأمر من ثمن.
يمتد حي البستان على 70 دونما ويسكنه 1550 فلسطينيا مقدسيا، ومنذ عام 2005 تسعى سلطات الاحتلال لهدمه بحجّة بناء حديقة قوميّة مكانه، إلا أن أسر الحي ومن ورائهم المقدسيين خاضوا مواجهات مع قوات الاحتلال لمنع ذلك، وتخشى 86 عائلة يبلغ عدد أفرادها 725، من تنفيذ قرارات الاحتلال بإخلائهم قسرا من منازلهم لصالح جمعية “عطيريت كوهانيم” الاستيطانية. ما ينذر بجريمة بحق حي فلسطيني كامل، إضافة لحي بطن الهوى القريب من البستان أيضا، علما أن حيي البستان وبطن الهوى لا يبعدان عن المسجد الأقصى سوى 300 متر. ويذكر أن سلطات الاحتلال تمنع الأهالي من البناء في 86% من مساحة سلوان، والبالغة 6540 دونمًا.
ان قرارات تجميد هدم المنازل لفترة محدودة أو منح مالكيها الفلسطينيين مهل جديدة لتنفيذ عمليات الهدم، لا ينهي المشكلة ولا يلبي حقوق ومطالب أصحاب هذه المنازل من الفلسطينيين، الذين يسكنون هذه المنازل ويقيمون فيها بصورة شرعية، منذ فترة طويلة تمتد إلى ما قبل وجود قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأتي هذه القرارات من قبل سلطات الاحتلال للمناورة والمراوغة، نتيجة الضغوطات التي تمارس على سلطات الاحتلال، بفعل التحركات الجماهيرية المناهضة لإجراءات هدم المنازل غير القانونية التي تمارسها سلطات الاحتلال من جهة، ونتيجة للضغوطات الدولية التي تمارس على حكومة الاحتلال لوقف هدم هذه المنازل، كونها مخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الانسان.
إن استمرار التحركات الجماهيرية المناهضة لعمليات هدم المنازل غير القانونية في القدس المحتلة، ومواصلة حملات الضغوطات الدولية على حكومة الاحتلال، لوقف هدمها، من شأنها إذا ما توسعت وزادت فعالية وتأثيرا، أن تجبر حكومة الاحتلال لوقف هذه السياسة، وحماية هذه المنازل من الهدم، وضمان حق الفلسطينيين في البقاء في منازلهم، وهذا هو حق مشروع يكفله لهم القانون الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الانسان، ومن هنا ندعو إلى ضرورة توسيع التحركات الجماهيرية المناهضة لعمليات هدم المنازل، كما ندعو إلى توسيع حملات التضامن الدولية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم، وندعو الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية لتعزيز وتطوير دورها في توسيع وتعظيم هذه الحملات للضغط على حكومة الاحتلال لوقف عمليات هدم المنازل في القدس وسائر الراضي الفلسطينية المحتلة.
محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.