اختار مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق في أقصى شرق البلاد الخميس، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، رئيساً جديدا للحكومة خلفاً لعبد الحميد الدبيبة الذي اعلنت وزارة الداخلية تعرضه لهجوم مسلح ليل الاربعاء الخميس.
ويعتبر البرلمان حكومة الدبيبة “منتهية الولاية” بسبب إرجاء الانتخابات، في خطوة يتوقع أن تفتح مجدداً باب الانقسام والفوضى، في بلد تعود طيلة السنوات الماضية على سلطة تنفيذية برأسين.
وقال عبد الله بليحق المتحدث باسم المجلس في تصريح صحافي في تصريح صحافي، إن مجلس النواب “صوت بالإجماع على منح الثقة للسيد فتحي باشاغا، رئيساً للحكومة”.
وكان رئيس الحكومة الليبية الموقتة عبد الحميد الدبيبة قال إنه لن يسمح بقيام مرحلة انتقالية جديدة، وأنه لن يقبل بقيام سلطة “موازية”.
واعلنت وزارة الداخلية الليبية تعرض موكب الدبيبة ليلة الأربعاء الخميس، لهجوم مسلح لم يسفر عن أضرار بشرية.
وقام مسلحون بإطلاق النار على موكب الدبيبة في منطقة سوق الجمعة في طرابلس.
وكان مجلس النواب استبقى مرشحين من أصل سبعة هما باشاغا (59 عاما) وخالد البيباص (51 عاما) وهو موظف كبير سابق في وزارة الداخلية.
وقبل التصويت قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إن البيباص انسحب تاركا باشاغا مرشحا وحيدا.
ولم يبث مجلس النواب عملية التصويت عبر الهواء مباشرة كما كان مقرراً. لكن سبق التصويت على اختيار باشاغا بث الجلسة لأقل من ساعة.
وتناقلت وسائل إعلام محلية على نطاق واسع مقطع فيديو قصير مدته ثلاثون ثانية، يظهر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، طالباً من النواب رفع الأيدي في حال قبولهم اختيار باشاغا رئيساً للحكومة.
وسبق التصويت على اختيار باشاغا بث الجلسة لأقل من ساعة، والإعلان عن تعديل الإعلان الدستوري الثاني عشر بالأغلبية المطلقة، حيث صوت بنعم للتعديل 127 نائباً من أصل 147 العدد الكلي للحضور في الجلسة.
وهو التعديل الدستوري المنظم لإجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات العامة في غضون 14 شهراً كحد أقصى، وفقاً لخارطة الطريق التي اعتمدت الأسبوع الماضي.
ورحب “الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر بتعيين باغاشا مؤكدا دعمه لقرار البرلمان.
في المقابل، اعلن المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك الخميس أنّ المنظمة الدولية لا تزال تدعم عبد الحميد الدبيبة بوصفه رئيسا للوزراء في ليبيا.
وسئل دوجاريك خلال مؤتمره الصحافي اليومي عما إذا كانت الامم المتحدة لا تزال تعترف بالدبيبة رئيسا للوزراء، فأجاب “نعم”.
واعتبر خالد المنتصر، أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا لفرانس برس، أن اختيار رئيس الحكومة بهذه الطريقة “المعيبة”، لن يمر بطريقة سلسلة ويتوقع أن يواجه الرئيس الجديد عراقيل في عملية تسلمه السلطة من الدبيبة.
وأضاف المنتصر “الجلسة بثت على الهواء في بدايتها، وكان ينتظر أن تبدأ عملية التصويت أمام العالم أجمع، وفجأة يقطع الصوت في الجلسة، وعقب دقائق قطع البث المباشر للجلسة، ليفاجئ الجميع بإعلان المتحدث باسم البرلمان بأن النواب اختاروا بالإجماع باشاغا رئيس للحكومة”.
عقب عام من انتهاء الانقسام الذي كان سائدا في ليبيا، بوجود حكومتين في الشرق والغرب استمرتا لمدة تجاوزت 6 أعوام، يبدو أن العودة للحكومتين المتنافستين “غير بعيد”، وهو الأمر الذي يهدد الاستقرار السياسي “الهشّ” الذي نجح المجتمع الدولي في فرضه في ليبيا التي يصعب تحقيق التوافق بين أفرقائها السياسيين.
ورأى عماد جلول، المحلل السياسي الليبي، أن مجلس النواب باختيار رئيس جديد بطريقة “مشوهة”، جعل اتهامه بالتزوير والفساد في اتخاذ القرارات النيابية الهامة، ربما تكون اتهامات صائبة.
وقال جلول لفرانس برس “كلما يتخذ مجلس النواب قرارات أو يصدر قوانين هامة، يتم استخدام أسلوب فرض الأمر الواقع، أو قطع البث عن الجلسات أو عدم تحقيق نصاب قانوني للمصوتين من النواب”.
واشار إلى أن أطرافا سياسية قد تطعن في قرار النواب الأخير، وهو الأمر الذي سيفسح المجال “أمام الطعن في شرعية باشاغا واختياره للحكومة الجديدة”.
وهاجم الدبيبة في كلمة متلفزة الثلاثاء، مجلس النواب وقرارته، مؤكدا أن كثيرا منها اتخذ بـ”المخالفة والتزوير”.
وقال “يصدرون القرارات في البرلمان بدون نصاب ولا لوائح، بعدما قامت قلة من النواب بسحب الثقة من الحكومة بالتزوير (…)، أتحداهم عرض التصويت في تلك الجلسة على الهواء للناس”، في إشارة إلى جلسة مجلس النواب في أيلول/سبتمبر الماضي التي تقرر فيها سحب الثقة من حكومته، وهي الجلسة التي أثارت أيضاً جدلاً حول قانونيتها.
وأسقط الليبيون في شباط/فبراير 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي نظام معمر القذافي بعد انتفاضة استغرقت بضعة أشهر، وبعد أن حكم “قائد الجماهيرية” البلد منذ 1969. وشهدت ليبيا بعد ذلك فوضى ناتجة عن انقسامات ونزاعات على السلطة وتصاعد نفوذ الميليشيات وتدخلات الخارجية.
وفي آذار/مارس، شكلت حكومة انتقالية بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة. وحدّدت مهمّة الحكومة بتولي المرحلة الانتقالية حتى اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية كانت مقرّرة في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن تعذّر إجراؤها بسبب عقبات أمنية وقضائية وسياسية.