توافق اليوم ذكرى استشهاد مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الشيخ أحمد ياسين.
فجر الثاني والعشرين من مارس 2004، أقدم الاحتلال الإسرائيلي وبإشراف مباشر من رئيس وزرائه آنذاك “آرئيل شارون” على اغتيال الشيخ المؤسس، بإطلاق ثلاثة صواريخ على الشيخ المقعد حيث قضى شهيداً برفقة سبعة فلسطينيين.
وُلد الشيخ أحمد ياسين في قرية الجورة التابعة لقضاء المجدل جنوب قطاع غزة عام 1936م، ثم لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب العام 1948.
تعرض الشيخ وهو في السادسة عشرة من عمره لحادثة خطيرة أثناء ممارسته الرياضة نتج عنها شلل جميع أطرافه شللاً تاماً.
عمل الشيخ مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية ثم عمل خطيباً ومدرساً في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وجسارته في الحق.
شارك الشيخ وهو في العشرين من عمره في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجاً على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956م، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة.
بعد هزيمة عام 1967، استمر الشيخ في إلهاب مشاعر الفلسطينيين من خلال خطاباته الداعية إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وأسس الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة الإسلامية، ومن ثم تأسيس العمل العسكري في الحركة.
اعتُقل عام 1983م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت عليه المحكمة الصهيونية حكماً بالسجن 13 عاماً، أُفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وفى العام 1987م، أسس أحمد ياسين وإخوانه من قادة العمل الإسلامي حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وكان للحركة الناشئة والتي تزامنت انطلاقتها مع انتفاضة عام 1987 دور مهم ومؤثر في مقارعة الاحتلال، والدفع بتطوير مسار العمل الفلسطيني المقاوم.
ألقى الاحتلال الإسرائيلي القبض عليه مع المئات من أبناء الشعب الفلسطيني عام 1989 في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين.
وفى العام 1991م أصدر الاحتلال الإسرائيلي حكماً بسجن الشيخ مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتْل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
أُفرج عن الشيخ عام 1997 بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي إثر العملية الإرهابية الفاشلة التي نفذها الموساد في الأردن، والتي استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت نهاية سبتمبر 2000م، شاركت حركة حماس بزعامة الشيخ ياسين في مسيرة المقاومة الفلسطينية بفاعلية بعد أن أعادت تنظيم صفوفها، وبناء جهازها العسكري.
وفى إطار العمل الوطني، حرص الشيخ على الوحدة الوطنية واتسمت مواقفه بالتركيز عليها وأولاها أهمية كبيرة، وظلت الوحدة الوطنية إحدى القضايا الأساسية التي آمن بها الشيخ وسعى لترسيخها.
وفى السنوات الأخيرة من حياته؛ حاول الشيخ الارتقاء بمستوى العمل الوحدوي وأن تكون الوحدة على أساس برنامج المقاومة.
وأولى الشيخ أحمد ياسين أهمية كبيرة لقضية الأسرى الفلسطينيين وحريتهم والعمل على إطلاق سراحهم بكل الوسائل الممكنة، حتى باتت كلماته ومواقفه ترددها الأجيال من بعده، وليس أدل على ذلك من مقولته المشهورة “بدنا أولادنا يروحوا غصباً عنهم”.
ووفاء لعهد الشيخ بتحرير الأسرى نجحت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بتحرير 1047 أسيراً وأسيرة، في صفقة وفاء الأحرار والتي تمت في 18 من أكتوبر/ تشرين الثاني 2011.
وأسرت مجددا خلال معركة العصف المأكول صيف عام 2014م الجندي شاؤول أرون حين حاولت القوات الخاصة الإسرائيلية التقدم شرق مدينة غزة، كما أسرت الضابط هدار غولدن خلال الاشتباك مع القوات الخاصة شرق رفح، وذلك استمرارا في نهجها بالوفاء بوعد الشيخ لأبنائه الأسرى بالحرية الأكيدة.
ترك الشيخ إرثاً مقاوماً وروحا ًجهادية لا تزال تسري في أبناء الشعب الفلسطيني، وهي حاضرة بقوة اليوم في انتفاضة القدس، التي انطلقت في الأول من أكتوبر من العام المنصرم في مواجهة الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية.
ويظل الشيخ أحمد ياسين مصدر إلهام كبير للأجيال الفلسطينية الصاعدة التواقة للحرية والانعتاق من الاحتلال، لتواصل من بعده طريق الجهاد والمقاومة والتحرير الذي خطه بدمائه.