سيعقد الاتحاد الأوروبي الجمعة، قمة افتراضية مع الصين على خلفية القلق المتزايد من تقارب بكين المتواصل مع موسكو وإحجامها عن إدانة غزو هذه الأخيرة لأوكرانيا، بعدما حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من انتشار الروس في جنوب بلاده.
وقال الوزير الفرنسي المكلف الشؤون الأوروبية كليمان بون “سيركّز الاجتماع على الدور الذي نحث الصين على ممارسته، أي أن تكون إلى جانب مبادئ القانون الدولي دون غموض وأن تمارس كل التأثير والضغط الضروريين على روسيا”.
وأعلنت روسيا هذا الأسبوع خلال محادثات في تركيا أنها تعتزم تقليص نشاطها العسكري في كييف وتشرنيهيف، لكن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين شككوا في ذلك وقالوا إن القوات الروسية تقوم بإعادة انتشار.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي في خطاب ليل الخميس الجمعة هذا جزء من استراتيجيتهم”.
وحذّر زيلينسكي من أن روسيا تعزز انتشارها وتستعد لـ”ضربات قوية” في جنوب أوكرانيا، بما في ذلك ماريوبول المحاصرة.
وقال “نعلم أنهم يبتعدون من المناطق التي نضربهم فيها ويركّزون على مناطق أخرى مهمّة جدًا (…) حيث قد يكون الوضع صعب بالنسبة لنا”، مضيفًا “في دونباس وماريوبول، باتجاه خاركيف، يعزّز الجيش الروسي قوته تحضيرًا لمعارك قوية”.
وحذّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الخميس من أن تركيز الجهود الحربية الروسية على دونباس في شرق أوكرانيا حيث ستواجه القوات الروسية وحدات أوكرانية متمرّسة، يُنذر بنزاع “طويل” الأمد.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي للصحافيين إنّ إذا ما أعطى الروس “الأولوية لمنطقة دونباس (…) وهي منطقة لم يقاتلوا فيها منذ ثماني سنوات، وهي منطقة يوجد فيها كثير من الجنود الأوكرانيين الناشطين للغاية، فقد يستمر القتال لفترة” طويلة.
ويرى خبراء عسكريون أن موسكو تخلّت عن خطة التقدم على عدّة جبهات في شمال وجنوب وشرق أوكرانيا في الآن عينه بسبب صعوبات واجهتها القوات الروسية أمام المقاومة الأوكرانية التي بدت أقوى ممّا كان متوقّعًا.
وبحسب مسؤولين أميركيين، نقلت روسيا نحو 20% من جيوشها من محيط كييف بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.
وقال كيربي للصحافيين “ما زلنا نعتقد أنه ستتم إعادة تجهيز هذه القوات وإرسالها مجددا إلى مناطق أخرى في أوكرانيا … لمواصلة القتال وفقا لما نعتقد أنه هدفهم، وهو الشرق بصفة عامة”، بما فيه المناطق الانفصالية في لوغانسك ودونيتسك في إقليم دونباس.
وبعد أكثر من شهر على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال مدينة ماريوبول الجنوبية والمطلّة على بحر آزوف محاصرة وتحت القصف المتواصل. وقُتل أكثر من خمسة آلاف شخص فيها فيما لا يزال نحو 160 ألف مدني عالقًا فيها.
وأكّد زعيم جمهورية الشيشان الروسية القوقازية رمضان قديروف الذي يقاتل الآلاف من رجاله في ماريوبول، أن 90 إلى 95% من المدينة تحت السيطرة الروسية.
ونفذت مروحيتان أوكرانيتان ضربة على منشأة لتخزين الوقود في بلدة بلغورود بغرب روسيا، حسبما أعلن الحاكم الإقليمي الجمعة.
وكتب فياتشسلاف غلادكوف على تلغرام “اندلع حريق في خزان الوقود بسبب ضربة جوية نفذتها مروحيتان عسكريتان أوكرانيتان دخلتا المنطقة الروسية على علو منخفض”.
بحسب وزارة الدفاع البريطانية، فإن “معارك كثيفة تتواصل في ماريوبول” لكن الأوكرانيين “يحافظون على سيطرتهم على وسط المدينة”.
ومن المقرر أن تحصل عملية إجلاء الجمعة. ولفتت بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أوكرانيا على تويتر إلى أنها تتواجد في مدينة زابوريجيا المجاورة التي من المفترض أن تصل الحافلات القادمة من ماريوبول إليها.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة لوسيل ماربو في مقطع فيديو نُشر على تويتر “نأمل أن نتمكّن من تسهيل المرور الآمن للمدنيين الذين يودّون جدًا الفرار من ماريوبول. نحن هنا أيضًا مع حافلتين للمساعدة”.
وكانت الحكومة الأوكرانية قد أعلنت من جهتها عن إرسالها عشرات الحافلات باتجاه ماريوبول، فيما أعلنت الحكومة المحلية عبر تلغرام عن إمكانية التوجه صباح الجمعة إلى مدينة بيرديانسك المجاورة.
ووصف الأشخاص الذين تمكنوا من مغادرة المدينة المحاصرة والمنظمات غير الحكومية ظروف الرحيل بأنها كارثية، بحيث يتحصن المدنيون في الأقبية ويحرمون من الماء والطعام والاتصالات، فيما الجثث منتشرة في الشوارع. وتتهم البلدية موسكو بإجلاء أكثر من 20 ألف شخص “رغما عنهم” إلى روسيا.
على المستوى الدبلوماسي، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إقناع الصين بالتخلي عن مساعدة موسكو في مواجهة العقوبات الغربية، خلال قمة افتراضية الجمعة مع بكين.
من جهتها، كتبت رئيسة البرلمان الأوروبي المالطية روبرتا ميتسولا ليل الخميس على تويتر أنها “بطريقها إلى أوكرانيا”، لتصبح بذلك أولى القادة الأوروبيين الذين يزورون أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لها في 24 شباط/فبراير.
وكان بوتين قد هدّد سابقًا بأنه سيمنع دخول القادة الأوروبيين ومعظم النواب الأوروبيين إلى الأراضي الروسية، ردًا على العقوبات المفروضة على موسكو.
وأعلن الخميس أن على الدول “غير الصديقة” أن تدفع ثمن واردات الغاز اعتبارا من الجمعة بالروبل من حسابات في روسيا تحت طائلة قطع الإمدادات عنها، وهو إجراء يطال بصورة خاصة بلدان الاتحاد الأوروبي.
غير أن سعر الغاز يبقى بالعملة المنصوص عليها في العقود، وهي في غالب الأحيان اليورو أو الدولار، على ما قال المستشار الألماني أولاف شولتس.
وقال بوتين في تصريحات بثها التلفزيون بعد توقيع مرسوم بهذا الصدد، أن على الأوروبيين ودول أخرى تعتبر “غير صديقة” “فتح حسابات بالروبل في مصارف روسية. ستُسدد المدفوعات من هذه الحسابات مقابل عمليات تسليم الغاز اعتبارًا من يوم غد، الأول من نيسان/أبريل”.
ويوكل المرسوم العمليات إلى بنك غازبروم المتفرع عن مجموعة الغاز العملاقة.
وفي هذا السياق، قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير خلال زيارة إلى برلين، إن فرنسا وألمانيا “تستعدّان” لوقف محتمل لاستيراد الغاز الروسي.
وبعد خمسة أسابيع من الحرب، فرّ 4 ملايين لاجئ من أوكرانيا، يضاف إليهم نحو 6,5 مليون نازح، بحسب الأمم المتحدة. ونحو 90% من الذين فروا من أوكرانيا هم نساء وأطفال.
وأعلن مسؤولون أوكرانيون مساء الخميس أن القوات الروسية غادرت محطة تشيرنوبيل التي كانت تحتلّها منذ باية الغزو، واقتادت معها رهائن.
ونقلت وكالة “إينيرجو أتوم” الحكومية الأوكرانية عن موظفين قولهم إن “المحتلين الروس اقتادوا معهم، خلال مغادرتهم محطة تشيرنوبيل النووية، أفراداً من الحرس الوطني كانوا يحتجزونهم رهائن منذ 24 شباط/فبراير”.
ولم يُعرف عدد الجنود الأوكرانيين الذين احتجزتهم القوات الروسية.
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس أنّ لديه “مؤشرات” على أنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين “أقال بعضا من مستشاريه أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية” بعد أن “عزل نفسه” أثناء محاولته إدارة غزو أوكرانيا.
وفي أول تصريحات علنية له حول التقييمات الغربية للتوترات الداخلية في الكرملين بشأن الحرب في أوكرانيا، قال بايدن أيضا إنه “متشكك” حيال ادعاء موسكو أنها ستقلص هجومها في أجزاء من البلاد.
لكنّ بايدن عمد إلى التخفيف من تصريحاته قائلا إن “هناك كثيرا من التكهنات” حول هذه المعلومات المتعلّقة بالرئيس الروسي، ومعترفاً في الوقت نفسه بأنّ لا “أدلة دامغة” لديه بشأنها.