من المقرّر أن يناقش الرئيس الأميركي جو بايدن أسعار النفط المتقلبة خلال اجتماع قمة مع قادة دول عربية السبت في جدة، المحطة الأخيرة في جولته الشرق أوسطية التي قادته أيضا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
ويضم لقاء القمة هذا قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق، حسبما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وكان بايدن وصل الجمعة إلى السعودية التي تعهّد بأن يجعلها دولة “منبوذة” على خلفية سجلها الحقوقي، واجتمع بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين.
وتصاعد التوتر بين واشنطن والرياض بعدما نشرت إدارة بايدن نتائج تحقيقات للاستخبارات الأميركية تفيد بأن الأمير محمد وافق على عملية تستهدف الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي أثار مقتله في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018 رد فعل دوليا غاضبا.
وينفي المسؤولون السعوديون تورّط الأمير الشاب، ويقولون إنّ مقتل خاشقجي نتج من عملية نفّذتها عناصر “مارقة”، لكنّها شوّهت بشدة سمعته بوصفه قائدا مصلحا في بلد محافظ.
ويبدو الآن أنّ بايدن مستعد لإعادة التعامل مع دولة كانت حليفا استراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة لعقود، وموردا رئيسيًا للنفط ومشتريا متعطشًا للأسلحة.
وتريد واشنطن أن تُقنع أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم بأن تفتح الباب لزيادة انتاج النفط لخفض أسعار المحروقات المرتفعة على خلفية الغزو الروسي لاوكرانيا، وهو واقع يهدد فرص الديموقراطيين في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
لكن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قلّل من التوقعات بإحراز تقدم فوري أثناء حديثه مع الصحافيين على متن طائرة الرئاسة من إسرائيل إلى جدة.
وقال “لا أعتقد أنه يجب أن نتوقّع إعلانا معينا هنا (..) لأننا نعتقد أن أي إجراء إضافي يتم اتخاذه لضمان وجود طاقة كافية لحماية صحة الاقتصاد العالمي سيتم في سياق أوبك بلاس”، الكارتل الذي يضم روسيا.
وتابع أنّ اجتماع القمة سيمكّن بايدن من “طرح رؤيته واستراتيجيته بوضوح وبشكل موضوعي” والمتعلقة بالانخراط الأميركي في الشرق الأوسط، مضيفًا “إنه عازم على ضمان عدم حدوث فراغ في الشرق الأوسط” تملأه الصين وروسيا.
تعرّض بايدن لضغوط لإثارة قضية خاشقجي وكذلك قضية السعوديين المحتجزين في المملكة بموجب حملة ضد معارضي سياسات الأمير محمد. لكن أثناء وجوده في إسرائيل، قال للصحافيين إن دوافعه لزيارة السعودية “أوسع” من حقوق الإنسان.
وقال بايدن مساء الجمعة بعد لقاء مع الأمير محمد انه أثار هذه المسألة في بداية الاجتماع، مضيفا “ما حدث لخاشقجي كان أمرًا فظيعًا (…) قلتُ بوضوح إنّه إذا حدث أمر مماثل مجدّدًا، سيكون هناك ردّ وأكثر من ذلك”. لكن بايدن لم يحدد ما الذي قصده تحديدا بـ”الرد”.
في المقابل، نقلت قناة “العربية” عن مصدر سعودي مسؤول قوله إن “الرئيس بايدن تطرق لموضوع جمال خاشقجي بشكل سريع” وإن ولي العهد “أكّد أن ما حدث أمر مؤسف واتخذنا جميع الإجراءات القانونية لمنع” حدوث ذلك مجددا.
وقد وقّع الجانبان خلال الزيارة 18 اتفاقية ومذكرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء والصحة، بينها تعزيز تطبيق الجيل الخامس من الانترنت، وفقا للاعلام الرسمي السعودي.
وفي بيان مشترك نشره الإعلام الرسمي السعودي، جدّدت الولايات المتحدة والسعودية “التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية”. واتفق الطرفان على “التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالمية على المديين القصير والطويل”.
وشدّد الجانبان على “ضرورة ردع التدخّلات الإيرانيّة في الشؤون الداخليّة للدول، ودعم (إيران) للإرهاب من خلال المجموعات المسلّحة التابعة لها”.
كما أكّدا “التزامهما الدائم بحَلّ الدولتين، بحيث تعيش دولة فلسطينيّة ذات سيادة ومتّصلة جغرافيًا، جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل”.
خيّبت تعليقات بايدن حول قضية خاشقجي آمال أقرباء معتقلين سعوديين، بما في ذلك البعض ممن يحملون الجنسية الأميركية.
وقالت سارة الحيدر وهي شقيقة شاب محتجز على خلفية قضايا تقول السلطات إنّها مرتبطة بالارهاب “لا أشعر بالتفاؤل الشديد بشأن الزيارة لأن الأحداث الماضية تثبت أن القوى الموجودة في السعودية يمكنها أن تفعل ما تشاء ولا توجد عواقب”.
من جهة اخرى، استخدم مسؤولو البيت الأبيض الرحلة كمحاولة لتعزيز التقارب بين إسرائيل ودول عربية.
وقبل وصول بايدن إلى المملكة، أعلنت الرياض فتح أجوائها “لجميع الناقلات الجوّية”، في بادرة حسن نيّة واضحة تجاه إسرائيل. وسارع بايدن إلى الإشادة بهذا القرار، واصفًا إيّاه بأنّه “تاريخي”.
لكن رغم مؤشرات التقارب الأخيرة، لا يبدو التطبيع قريبا، وقد ردّد العاهل السعودي سلمان في خطاباته أنّ المملكة يمكن أن تطبع العلاقات مع إسرائيل فقط حين تقوم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
وخلال زيارته جدة، أعلن الرئيس الأميركي والبيت الأبيض أنّ قوة حفظ السلام ستُغادر بحلول نهاية العام الحالي جزيرة تيران الاستراتيجيّة الواقعة في البحر الأحمر والتي انتقلت السيادة عليها مع جزيرة أُخرى من مصر إلى السعوديّة.
ورَفع العلم السعودي فوق تيران وصنافير القريبة مرهون بموافقة إسرائيل لأنّهما جزء من اتّفاقات سلام مبرمة بين الدولة العبريّة ومصر.