قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه من غير المؤكد ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة، كاشفا عن أكبر خلاف له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مقابلة مع مجلة” تايم” الأمريكية أمس الثلاثا.
و قال بايدن إنه “غير متأكد” مما إذا كانت إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة، مشيرا إلى إن “الكثير من الأبرياء قتلوا” وأن إسرائيل تحقق بنفسها في اتهامات جرائم الحرب.
كما شكك بايدن في نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحرب، قائلاً إن هناك “كل الأسباب التي تجعل الناس” يستنتجون أن نتنياهو يطيل الحرب لأغراضه السياسية الخاصة.
ولكن في وقت لاحق من يوم الثلاثاء، بدا أن بايدن تراجع عن هذه التصريحات بعد أن سأله أحد الصحفيين عما إذا كان نتنياهو “يلعب لعبة سياسية” في الحرب، أجاب الرئيس “لا أعتقد ذلك، بل إنه يحاول حل المشكلة الخطيرة التي يعاني منها”.
وبحسب الخبراء، كانت هذه التصريحات رغم تضاربها الحدث ألأحدث على توتر العلاقات بين بايدن ونتنياهو. وقدم بايدن ما وصفه باقتراح إسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة يوم الجمعة، لكن نتنياهو نأى بنفسه علانية منذ ذلك الحين عن الصفقة، التي قال شركاؤه في الائتلاف اليميني إنها ستدفعهم إلى إسقاط الحكومة.
ولكن التدفيق يشير إلى أنه لم يطرأ أي تغير ملموس في سياسة بايدن الداعمة بشكل مطلق لإسرائيل في حربها الشرسة التي تشنها على قطاع غزة المحاصر منذ ثمانية أشهر.
وقعت إسرائيل اتفاقا يوم الثلاثاء مع الولايات المتحدة لإضافة سرب ثالث من طائرات إف-35 الحربية إلى سلاح الجو الإسرائيلي. وسيبدأ التسليم في عام 2028، لكن توقيت الاتفاق كان ملحوظًا حيث يسعى بايدن للضغط على إسرائيل لإنهاء حربها في غزة.
وقال جوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي عمل في مجال نقل الأسلحة والمساعدات الإنسانية، إن توقيع الاتفاق وسط الوضع الحالي في غزة “يظهر مدى عدم جدية إدارة بايدن بشأن ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لإنهاء عملياتها في غزة”. الذي استقال احتجاجا على سياسة بايدن تجاه غزة العام الماضي.
وفي الداخل الإسرائيلي ، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام أميركية متعددة ، منها صحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست وشبكة سي.إن.إن ، أدى الإعلان مساء الاثنين عن مقتل أربعة رهائن في قطاع غزة في إلى زيادة الضغط على حكومة نتنياهو لتبني اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس وإعادة أولئك الذين ما زالوا في الأسر أحياء.
وبحسب واشنطن بوست، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري في مؤتمر صحفي إن الرهائن الأربعة قُتلوا قبل عدة أشهر في منطقة خان يونس بغزة “أثناء عمليتنا هناك ضد حماس”، فيما قال نتنياهو إنه يعمل “بطرق لا حصر لها” لإعادة الرهائن.
وهيمنت تداعيات مقتل الرهائن على الصفحات الأولى للصحف الإسرائيلية يوم الثلاثاء، حيث قال كتاب أعمدة بارزون إنه كان ينبغي فعل المزيد لإنقاذ الرجال الأربعة.
وجاء الإعلان يوم الاثنين لتعني أن أكثر من ثلث الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة – 43 من أصل 124 – قد تأكدت وفاتهم الآن، وفقا لإحصاء مكتب رئيس وزراء إسرائيل نفسه ( ويشمل هذا العدد أربع رهائن من عام 2014، تأكد مقتل اثنين منهم).
بدورها ، كررالناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية ، ماثيو ميلر، إن مقترح وقف إطلاق النار بغزة الذي أعلنه الرئيس جو بايدن يوم الجمعة الماضي، هو في أساسه اقتراح “إسرائيلي”، وإنها تأمل أن يتم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل إذا قبلته حماس.
وتطرق ميلر إلى انتقادات الحكومة الإسرائيلية بأن اقتراح وقف إطلاق النار المكون من ثلاث مراحل “لا يتطابق تماما مع اقتراح إسرائيل”، مبينا أن هذه التقييمات غير صحيحة.
وأضاف: “هذا الاقتراح هو المسودة التي طورتها (إسرائيل) نتيجة للمشاورات مع الولايات المتحدة وقطر ومصر، لكنه في النهاية اقتراح إسرائيلي”، مؤكدا أن بايدن أعلن اقتراح وقف إطلاق النار بكل وضوح للرأي العام العالمي.
ولفت المتحدث إلى أنه “لا توجد ثغرات في مسودة وقف إطلاق النار المعلنة، وأن بايدن بطبيعة الحال لم يكشف عن كل تفاصيل اقتراح وقف إطلاق النار، لكنه شارك المعلومات الأساسية بوضوح”.
ميلر أفاد في حديثه أنه في حال قبول حماس للاقتراح المطروح، فإنهم يتوقعون تنفيذ خطة وقف إطلاق النار بالكامل، وأنهم على اتصال دائم مع الجانب الإسرائيلي بشأن هذه القضية.
وزعم أن “الشيء الوحيد الذي يقف في طريق وقف فوري لإطلاق النار اليوم هو حماس”، مضيفا أن واشنطن تأمل أن تقبل حماس بمقترح الاتفاق، وأن قطر ومصر تساعدان بهذا الصدد.
وتواصل إسرائيل حربها دون تجاوب حاسم مع مقترح بايدن، متجاهلة قرارا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورا، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح جنوب قطاع غزة، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، و”تحسين الوضع الإنساني” بالقطاع.
بدوره قال ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، الوسيط في محادثات وقف إطلاق النار، في تصريح لصحيفة واشنطن بوست الثلاثاء، “إننا ننتظر موقفا إسرائيليا واضحا يمثل الحكومة بأكملها ردا على المقترح” الذي أعلنه بايدن الجمعة. .
وقال الأنصاري إن قطر “سلمت الاقتراح إلى جانب حماس”، وأن “الورقة الآن أقرب بكثير في مواقف الجانبين”. ونحن الآن نبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق نهائي”، فيما قال مسؤول حماس سهيل هندي (لصحيفة واشنطن بوست أيضا) إن الخطة التي قدمها بايدن علنًا الأسبوع الماضي لا تزال قيد المناقشة من قبل الحركة.
وجاءت هذه الأخبار وسط موجة من الرسائل المشوشة بشأن اقتراح وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل. يوم الاثنين، قال نتنياهو أمام لجنة برلمانية إن أي “ادعاءات بأننا وافقنا على وقف إطلاق النار دون تلبية شروطنا غير صحيحة”.
وأدى الجمود في المناقشات إلى إثارة الغضب والمعارضة داخل حكومة نتنياهو. وهدد أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه بالاستقالة وإسقاط الحكومة إذا تم قبول الصفقة التي قدمها بايدن. وفي الوقت نفسه، قال حزب شاس في الكنيست الإسرائيلي إنه قرر “الدعم الكامل للاقتراح الإسرائيلي”. وقال الفصيل الديني، وهو جزء من الائتلاف الحاكم لنتنياهو، إنه يريد “إتمام الصفقة”.
ونقطة الخلاف الرئيسية المتبقية هي كيف ومتى ستنتهي الحرب رسميًا. وتصر إسرائيل على أنها لن تقبل أي خيار يضمن بقاء حماس. وقالت حماس إنها تشترط وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من القطاع.