«عرّاب» أطفال سوريا المبتورين واللاجئين يُقدّم مشهد «الكيميائي» على المسرح

5 مايو 2015آخر تحديث :
«عرّاب» أطفال سوريا المبتورين واللاجئين يُقدّم مشهد «الكيميائي» على المسرح

– «القدس العربي»: لأنَّ لا كلامَ بقيَ ليُقال في الحالة السّوريّة، ولأنَّ الصّمتَ أبلغ، أقام 25 طفلاً سوريّاً لاجئاً في عمّان عرضاً مسرحيّاً صامتاً إعتمد على لوحات رمزيّة تعبيريّة، وحمل إسم «طلعنا عالحريّة».
وتمّ إختيار إسم «طلعنا عالحريّة» كعنوان للعرض المسرحي بناءً على طلب أولئك الأطفال وتوقهم لنيل الحريّة والعودة لسوريا هذا العام، وفقاً لما صرّح به مخرج العرض والمشرف عليه الفنان السوري جلال الطويل لـ «القدس العربي».
بأكفانهم البيضاء وسط دخان كثيف رقص الأطفال رقصة الموت أمام الجمهور، كناية عن اختناقهم بـ «الغاز الكيميائي»، الذي راح ضحيّته المئات من سكّان الغوطة شرق دمشق، وعن هذا المشهد الحساس يقول الطويل «لم أستطع أن أصدّق مدى وعي وإدراك الأطفال عندما اقترحوا أن تكون لوحة الكيميائي ضمن لوحات المسرحيّة، لقد وصلوا لمرحلة تسبق عمرهم فهم يعرفون كل ما يحدث حتّى أكثر المواضيع حساسيّة، كان المشهد مضبوطا جداً حتّى لا ينفر الجمهور منه، كذلك الموسيقى المرافقة له كانت مُختارة بعناية، وهنا أريد أن أوجّه التحية للموسيقار السوري مالك جندلي الذي منحنا كامل موسيقى المسرحيّة بالمجّان».
وعلى جباههم الصّغيرة السمراء كتبوا أرقاماً، في مشهد تضامني مع المعتقلين السوريين ومع حملة «السوريين ليسوا أرقاماً»، وتراوحت أعمار الأطفال المشاركين في المسرحيّة من عمر 5 سنوات وحتى 14 عاماً، هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا يعرفون اليوم الفروق بين أنواع الأسلحة وأصوات الطائرات، حيث أكّدت دراسات أخيرة أنّ الطفل السوري المراهق الذي يبلغ عمره الحقيقي 15 عاماً، أصبح عمره الإفتراضي 45 عاماً لكثرة ما عاناه من ويلات الحرب.
يعترف المخرج والفنان الطويل أنّه لم يكن يستطيع ضبط دموعه أمام الأطفال في الكواليس، ويقول «بلحظة لا أكون مخرجا أو مدرّبا، ونبكي سويّة، ونضحك سويّة، العلاقة بيننا حميمية جداً إعتدنا على بعضنا، وهناك كيمياء عالية بيننا، هم يعتبرونني قدوتهم وعرّابهم».
ويشرح الطويل الهدف من أن يكون أبطال المسرحية هم أنفسهم الأطفال الذين ذاقوا ويلات الحرب، ويقول «وضعتُ الطفل بمرحلة الخطر التي تعرّض لها، وأعاد تمثيل المشهد على المسرح، ليتغلّب على الخوف بلحظة من اللحظات حتى ولو نفسيّاً، ويضيف «أصبح الطفل المبتور الذي كان خجولاً ورأى الموت بعينه يرى نفسه ممثلاً وبطلاً، واستعاد ثقته بنفسه من جديد، وأريد أن أنوّه إلى أنّ 25 طفلاً شارك في المسرحيّة سبعة منهم حالات خاصة فهم إمّا مبتورون أو مُصابو حرب، مثل الطّفل «راجح» الذي فقد قدميه ويده وعينه بسبب القصف».
وعن كون المسرحيّة رمزيّة ولا يوجد فيها أي مشهد كلامي، يقول الفنّان السوري «إعتمد العرض على تقنية خيال الظل وكان إيمائيّاً بالكامل، والأصعب إيصال الفكرة دون ذكر أي كلمة، فالناس لا ينقصهم المزيد من الكلام، خصوصاً أننا نريد إيصال عرضنا ورسالتنا للطرف الآخر، سيّما أنّ العديد من ممثلي سفارات الدول الأوروبية حضروا العرض».
ويؤكّد الطويل أنّ المسرحيّة لم تطرح المشكلة فحسب، وإنما أشار الأطفال بالبنان لصمت المجتمع الدولي، وكانوا جريئين لأوّل مرّة بأن يحاسبوا الجمهور، فيما حملت المسرحية بنهايتها الكثير من الأمل والإنتصار للطفل السوري في الحياة.
وسيذهب ريع مسرحية «طلعنا عالحرية» لدعم الأطفال السوريين المصابين بالسرطان، وتمّ دعم المسرحيّة وتأمين تكاليفها عن طريق تبرّعات من المُقرّبين من فريق العمل المكوّن من فريق أثر الفراشة ومركز البدر وفريق ملهم التطوعي، فيما لم يحصل الكادر الذي عمل في المسرحيّة على أيّ أتعاب مادية، ولم يكن هناك أي دعم من أي جهة دينيّة أو سياسيّة.
وعن الجديد الذي يحضّر له الطويل، كشف أنّه يحضّر لعرض مسرحي في فرنسا سيحمل إسم «حيوان» مأخوذ عن النص العالمي «قصة حديقة الحيوان» سيكون من إخراجه، وهناك اتّفاقات مبدئيّة مع كلّ من الفنانين السوريين فارس الحلو وأمل عمران ليكونا بطلي المسرحيّة، أيضاً هناك مشروع لتحويل النص لفيلم سيكون من إخراج الطّويل أيضاً clomid pct reviews.