بقلم: راكز الزعارير
يسير اليمين المتطرف في اسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو باتجاه إقحام وجر منطقة الشرق الاوسط الى صراعات ومواجهات قسرية، ربما ستكون الأكثر عنفا وثمنا من حيث الخسائر البشرية في تاريخ الصراع الفلسطيني العربي مع اسرائيل.
ينفرد نتنياهو وزمرته من المتطرفين والمستوطنين في قراراته لضم اراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية ومناطق المستوطنات غير الشرعية على الارض الفلسطينية في الضفة، والمنافية لكل قواعد ومبادئ القانون الدولي، وايضا ضم غور الاردن من الجانب الفلسطيني وشمال البحر الميت الى سيادة دولة الاحتلال. ويتسلح رئيس وزراء اسرائيل بدعم قوي من رئيس الولايات المتحدة، في سابقة هي الأكثر تأييدا لسياسات اليمين الاسرائيلي المتطرف من اليمين الاميركي في تاريخ العلاقات السياسية الاميركية مع اسرائيل، مما يقوض مصداقية ورعاية الولايات المتحدة لعملية السلام المفترضة حتى الآن بين الفلسطينيين والاسرائيليين والعالم العربي.
خطورة عملية الضم تأتي من كونها اعلان حرب جديدة على الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة والمعترف بها دوليا في وطنهم ومستقبل أجيالهم، وهو الأمر الذي لن يهادن عليه الفلسطينيون والأردنيون مهما قصر او طال الزمن، وسيدفع الاسرائيليون ثمن ذلك من أمنهم ومستقبل أجيالهم، وهو الامر الذي يدركه نتنياهو وداعموه، ولكنهم يتجاهلونه تحت غطاء تشدد وتطرف عقائدي أعمى يتفوق على اي ايديولوجيات متطرفة في الماضي والحاضر في المنطقة والعالم.
كما تنبع الخطورة الاهم؛ في ان خطة الضم وسياسات نتنياهو الرعناء ستعمل على نسف معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية في المستقبل، وهي المعاهدة الاكثر تأثيرا في استقرار عملية السلام ودفعها للأمام في منطقة الشرق الاوسط بشهادة وتأييد معسكر السلام في اسرائيل، وتدافع عنها قيادات عقلانية في اسرائيل آخرهم بني غانتس وزير الدفاع الحالي وشكنازي وزير الخارجية وغيرهم من الذين يؤمنون بأن أي مساس بمعاهدة السلام مع الأردن هي مغامرة سيئة العواقب على اسرائيل ومستقبلها. كما أن الموقف الأهم ايضا هو تفهم واقتناع كامل من معظم القيادات الاميركية في الكونغرس بشقيه المتمثلة بجميع الأعضاء الديمقراطيين وغالبية الجمهوريين الذين يؤيدون ويدعمون الموقف الأردني، وكذلك دوائر صنع القرار الاخرى في الولايات المتحدة مثل وزارتي الدفاع والخارجية والاستخبارات الاميركية، بالاضافة الى تراجع البيت الأبيض والرئيس ترامب مؤخرا عن تأييد قرارات الضم الاسرائيلية على الأقل في المرحلة الحالية.
إن الاختراق المهم في التأثير بتغيير المواقف بعدم تأييد نتنياهو بالضم؛ تعود أولا لمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني المنتصر فيها دائما للحق الفلسطيني دون مهادنة او مجاملة لأحد، ومعركته الدبلوماسية التي يخوضها على كافة المستويات وكل الاتجاهات وتؤيده بشكل مطلق القيادات والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقيادات الفلسطينية في الشتات والمخيمات والاغتراب، وبدعم جمعي كامل من القوى السياسية والشعب الاردني العروبي القومي الأصيل. ومهما كانت القرارات التي سيعلنها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو حول عملية الضم في بداية الشهر القادم كما هو مقرر من قبله، فلن تؤخر او تنتقص قيد انملة من حقوق الشعب الفلسطيني، وعليه ان يدرك بأنه يسير بمسقبل دولة اسرائيل الى المجهول، وسيدفع ثمنا باهظا لإفشاله مشروع السلام وإنهائه معاهدتي السلام بين اسرائيل والاردن والفلسطينيين (أوسلو ووادي عربة)، وعلى القادة والمؤسسات الاسرائيلية في مطبخ القرار وخاصة قيادات الجيش والأجهزة الاستخبارية ان تمنع الانزلاق الكارثي الذي يقوده اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو نحو صدام كبير في المنطقة.
عن “الغد” الأردنية