حديث القدس
حدثان مهمان لهما مغزى خاص في واقع الصراع مع الاحتلال تم تجسيدهما امس، الاول توقيع اتفاقية تشغيل محطة تحويل صرة، التي اعتبرها رئيس الوزراء د. محمد اشتية، الذي خاطب المشاركين بالتوقيع عبر الهاتف، بانها خطوة باتجاه حل جذري وشامل لمشكلة الكهرباء في الشمال وفي كل محافظات الوطن، معبرا عن الطموح بانشاء شركة كهرباء وطنية، خاصة وان خطة الحكومة تقضي بحل كافة مشاكل قطاع الكهرباء، مع كل ما يعنيه ذلك من دلالة واضحة على استمرار الجهود في بناء دولة فلسطين والتأسيس لسيادتها رغم كل العراقيل والعقبات التي يضعها الاحتلال.
والحدث الثاني تمثل بقيام وزير الحكم المحلي، مجدي الصالح، بتسليم اول مجموعة من رخص البناء الفلسطينية للمواطنين في منطقة الأغوار الشمالية، مؤكدا ان السلطة الوطنية لم تعد تعترف بتصنيفات الاحتلال للاراضي الفلسطينية، وان الأغوار خط احمر و «اننا اليوم ندشن خطا اخر من خطوط المواجهة وهو التخطيط المقاوم» وان مواجهتنا للاحتلال تستند الى كل المقومات التي اقرتها القوانين الدولية، مع كل ما يعنيه ذلك من اصرار شعبنا وقيادته، رئاسة وحكومة على تجسيد ارتباطنا بأرض الوطن وتحدي محاولات الاحتلال سرقة الاراضي الفلسطينية وتكريس احتلال عبر بناء المزيد من المستعمرات ومخططات الضم.
ومما لا شك فيه ان البناء الفلسطيني في الاغوار يكتسب اهمية كبرى مضمونا وتوقيتا، بعد ان اعلنت حكومة نتنياهو المتطرفة نيتها ضم الاغوار ومستندة الى دعم ادارة ترامب لسرقة اجزاء واسعة من الاراضي الفلسطينية كما نصت عليه الصفقة المشؤومة التي اعلنها ترامب بعد ان اعدها عتاة الموالين للصهيونية بمشاركة نتنياهو واليمين الاسرائيلي، وللمفارقة الساخرة اطلقوا عليها خطة سلام. ويأتي البناء الفلسطيني في الاغوار وليس فقط ردا مؤقتا على ذلك بل يؤكد مضمونا مهما يتلخص في حقيقة ان الاغوار ارض فلسطينية محتلة وجزء لا يتجزأ من الاراضي المحتلة منذ عام 1967 التي اعترف بها المجتمع الدولي دولة تحت الاحتلال.
ومن نافل القول ان نذكر ان مسيرة البناء الفلسطينية متواصلة في كافة المجالات سواء البنى التحتية او قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد والقضاء وسيادة القانون والزراعة والتنمية وغيرها من القطاعات ، وهو ما تجسده الحكومة منذ اليوم الاول لتشكيلها برئاسة د. اشتية ودعم وتوجيه من الرئيس محمود عباس، على الرغم من كافة العراقيل والعقبات التي يضعها الاحتلال الذي يسعى جاهدا لوقف مسيرة البناء الفلسطينية واجهاض السعي الفلسطيني لانتزاع الحرية والاستقلال والعودة، وعلى الرغم من جائحة كورونا التي ضربت البشرية والتي لا يزال شعبنا يعاني آثارها وسط حصار مالي واقتصادي امريكي – اسرائيلي ووسط تراجع دول عربية على دعم موازنة السلطة الوطنية، وهرولة دول اخرى نحو التطبيع المجاني مع الاحتلال ضاربة عرض الحائط بمقررات القمم العربية والاسلامية.
ولكن ما يجب ان يقال هنا ان شعبنا وقيادته ماضيان قدما في هذه المسيرة النضالية الشاقة، بناء وتحديا لكل مشاريع الاحتلال ونضالا بكل الوسائل المشروعة، وها هي بشائر الوحدة الوطنية تتسارع خطواتها التي نأمل ان تتوج بوحدة راسخة تعزز قوة جبهتنا الداخلية، وواهم من يعتقد ان شعبنا وقيادته، رئاسة وحكومة، ومنظمة تحرير وفصائل، يمكن ان يقفا مكتوفي الايدي ازاء ما يجري رغم قساوة الظروف، فالكرة في الملعب الفلسطيني ومفتاح الامن والسلم والاستقرار بايدينا وسيبقى الرقم الفلسطيني عصيا على تجاهله او محاولات القفز عنه وهو ما اثبتته عقود طويلة من هذه المسيرة العظيمة لشعبنا نحو حريته واستقلاله وعودة لاجئيه.