من جامعة الدول العربية الميتة… إلى أمبراطور هذه الدول: إسرائيل!

بقلم: طلال سلمان*

أنشئت جامعة الدول العربية في زمن الأنظمة الملكية: في مصر الملك فاروق (تحت الوصاية في انتظار بلوغه سن العرش).. ليبيا تحت الإحتلال الإيطالي في الداخل (طرابلس) والفرنسي في الجنوب (سبها وما جاورها في الصحراء) وبريطانيا في طبرق وجواره،ا حيث واجه الجنرال مونتغمري قائد القوات الألمانية الجنرال رومل، وبعد حين سيعيد البريطانيون الملك إدريس السنوسي من منفاه في مصر لتتويجه ملكا على هذه الدولة الإتحادية.

أما في سوريا التي كانت قد تحررت للتو من الاستعمار الفرنسي فكان الرئيس المنتخب يتأهب لتسليم السلطة إلى أول انقلاب عسكري في البلاد قاده اللواء حسني الزعيم بعد اعتقال أهل الحكم في دولة الاستقلال.. أما في لبنان فكان الرئيس بشارة الخوري يهيئ المناخ لتجديد ولايته ست سنوات أخرى في حين كان رئيس حكومته رياض الصلح يكلف نفسه بدور الوسيط لحل الخلافات والخصومات بين قادة الدول العربية عموماً، فيتم اغتياله خلال زيارة للملك عبدالله الهاشمي في عمان.

لم تكن دولة الإمارات العربية المتحدة قد استولدت، كذلك دولة قطر، في حين كان الإنكليز في الكويت بعد يفاوضون شيوخها من آل الصباح لاستبقاء جيشها في بعض نواحيها لحمايتها من العراق.. وكان في بغداد “ماكو زعيم إلا كريم ” أي الزعيم عبد الكريم قاسم بعد أول انقلاب في البلاد أفضى إلى قتل الملك فيصل الثاني حفيد الشريف حسين “مطلق الرصاصة الأولى إيذاناً بالثورة العربية”.. (وكان تحت السن) والوصي على العرش الأمير عبدالإله ومعظم الذين كانوا مسؤولين في القصر.. وكانت المرة الأولى التي يشهد فيها الرعايا عملياً “سحل” المسؤولين في الشارع وأولهم نوري السعيد، أي جرهم من شعرهم بينما الجمهور يلاحقهم بضرب الحجارة والعصي ورمي القاذورات على وجوههم حتى الموت، فيتركون لمن يتبرع بدفنهم وله الثواب.

كانت الكويت أول دولة خليجية يعلن استقلالها (وإن بقيت القوات الإنكليزية في بعض أنحائها، وكان اميرها الشيخ عبدالله السالم الصباح .)

ولقد عاش الكويتيون فترة طويلة من الرعب والقلق من هجوم قد يشنه عبد الكريم قاسم لاستعادة “القضاء العشرين التابع لمحافظة البصرة”.. وقد عاش الكويتيون زمناً صعباً وهم يسمعون إذاعة “ماكو حاكم إلا كريم” تردد إناء النهار وأطراف الليل أن الكويت جزء من محافظة البصرة وأن الجيش العراقي قادم لتحريرها.

( ملاحظة: من مفارقات القدر أن “الزعيم” عبد الكريم قاسم قد قتل بعد خمس سنوات من انقلاب 14 تموز 1958، وكان هذا الانقلاب بقيادة رفيقه في ثورة 14 تموز كواجهة لحزب البعث العربي الإشتراكي عبد السلام عارف، وقد خلفه شقيقه عبد الرحمن عارف الذي تولى الحكم بعد وفاته عام 1966. إلى أن عاد البعث إلى السلطة بواجهة اللواء أحمد حسن البكر، في حين كان صدام حسين الحاكم الفعلي والذي سينفرد بالحكم وسيغزو إيران مقاتلاً، بعد ثورة الخميني، لمدة سبع سنوات، وبعدها سيقوم بغزو الكويت مما استنفر الدول العربية، بل العالم أجمع، فشكلت الولايات المتحدة “قوات مشتركة” مع فصائل من جيوش عربية عدة هاجمت جيش صدام حسين فأجلته عن الكويت، وتوقفت إلى حين. حتى جاء جورج بوش الإبن فشن حملة شاملة على العراق في العام 2003 فهزمت جيشه، وهرب صدام حسين ليحتمي ببعض العشائر الموالية.. لكن قوات الغزو الأميركية اكتشفت مخبأه وقبضت عليه ثم سلمته إلى الشيعة العراقيين لتكون فتنة.

ولقد أعدم صدام حسين في أوائل نيسان 2003، وتولى الأميركيون نهب القصور والمكتبات وكل ما وجدوه متبقيا من أيام العز والأمجاد، ثم سلموا الحكم إلى الشيعة.. وأقيم نظام مختلط: رئيس الدولة (وهو بلا صلاحيات، كردي) ورئيس مجلس النواب (سني) في حين أبقيت الصلاحيات لرئيس الحكومة الشيعي.

بعد كل هذه التطورات آل حكم العرب إلى الأغنى بالنفط والغاز، وصار الملوك والأمراء أقوى من الرؤساء ومن الشعوب، بطبيعة الحال.. وصارت الولايات المتحدة الأميركية ومعها دولة العدو، إسرائيل، فوق الجميع: الكل يسعى إليها ويتودد ويطلب الرضا .. لكن الرضا يحتاج الدولار ليتم عليك نعمته!

فكن مع الله ولا تبالي وليذهب الدولار إلى الجحيم.. أي إلى حيث أنت، وعليكم السلام!

رئيس تحرير “السفير” اللبنانية – بالتزامن مع “الشروق” المصرية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …