بقلم: البروفيسور ألون بن مئير
يتطلب الأمر قيادة أمريكية جريئة لإحداث تغيير في الخطاب الإسرائيلي – الفلسطيني ، وقد يكون بايدن الرئيس المناسب في الوقت المناسب الذي يخدم في نهاية المطاف الإسرائيليين بقدر ما يخدم الفلسطينيين إن لم يكن أكثر.
تصحيح الخطأ
جاءت القمة بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت في وقت شهد تعقيدات سياسية هائلة وعدم يقين شغل كلا الزعيمين. وعلى الرغم من الاضطرابات ، يبدو أنهما اتفقا على بعض القضايا المهمة في جوهرها: وقف بناء وحدات سكنية جديدة وطرد الفلسطينيين من منازلهم في الضفة الغربية ، والحفاظ على الوضع الراهن والتعاون في معالجة البرنامج النووي الإيراني. لم يسع أي منهما إلى الخوض في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي يريد بينيت إدارته فقط ولا يريد بايدن الانغماس فيه بغض النظر عن التداعيات الخطيرة على المدى المتوسط والطويل لعدم القيام بأي شيء.
بدلاً من ذلك ، أراد كلا الزعيمين التركيز على إقامة علاقة شخصية وإظهار القوة الثابتة للصداقة الأمريكية -الإسرائيلية مع الاتفاق على التشاور بشكل كامل في التعامل مع التهديد النووي الإيراني. بشكل عام ، كان كلاهما سعيدًا بنتيجة الإجتماع من خلال تحقيق ما شرعا في تحقيقه مبدئيًا.
كان من السابق لأوانه بالتأكيد أن يناقش بينيت وبايدن مفاوضات سلام إسرائيلية- فلسطينية جديدة. ومع ذلك ، فإن حقيقة أنهما لم يضعا مسارا ً يمكن أن يؤدي على الأقل إلى مثل هذا الإحتمال أمر مزعج للغاية. سيؤدي هذا إلى مزيد من التآكل بشكل خطير للظروف على الأرض ويقوي موقف المتطرفين على كلا الجانبين ويجعل احتمال حل الدولتين أكثر صعوبة وتكلفة من أي وقت مضى.
كانت حقيقة أن الحكومة الإئتلافية الإسرائيلية وافقت منذ البداية على عدم معالجة الصراع مع الفلسطينيين اتفاقية غريبة تتعارض تمامًا مع الحاجة التي لا مفر منها لإيجاد حل سلمي للصراع. وكان إغفال الرئيس بايدن الإستراتيجي بعدم الإعلان علنًا عن دعمه التقليدي لدولتين خلال مؤتمره الصحفي مع بينيت مزعجًا للغاية لكبار المسؤولين الفلسطينيين الذين تحدثت معهم. واقترن ذلك بتصريح بينيت لصحيفة نيويورك تايمز قبل يومين فقط من اجتماعه مع بايدن بأنه يعارض إقامة دولة فلسطينية. وعزز تصريحه اعتقاد الفلسطينيين بأن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية ، وهم يسعون وراء إدارة بايدن لتغيير مسار الصراع.
و بالنظر إلى أن بايدن يدعم بقوة حل الدولتين ، يمكنه اتخاذ عدة إجراءات أحادية الجانب لإبلاغ الإسرائيليين والفلسطينيين بموقف إدارته. من المؤكد أن مثل هذه الإجراءات سوف يرحب بها الفلسطينيون وتثير غضب الإسرائيليين – ولأولئك الذين يجادلون بأن هذا ليس الوقت المناسب للقيام بذلك ، أقول متى هو الوقت المناسب ؟ فبعد 73 عامًا سيكون هذا وقتًا جيدًا كأي وقت.
ومع ذلك ، فإن الأمر يتطلب قيادة أمريكية جريئة لإحداث تغيير ، وقد يكون بايدن الرئيس المناسب في الوقت المناسب الذي سيخدم الإسرائيليين في نهاية المطاف بقدر ما يخدم الفلسطينيين إن لم يكن أكثر. هناك خطوات محددة يمكن أن يتخذها بايدن من شأنها أن تساعد في إرساء الأساس لمفاوضات سلام موضوعية في المستقبل يمكن أن تؤدي إلى حل للصراع.
إعادة فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن
ينبغي على الرئيس بايدن السماح للسلطة الفلسطينية بإعادة فتح بعثتها في العاصمة. وهذا من شأنه أن يفتح على الفور قناة اتصال تعتبر أساسية لتطوير الحوار بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وسيرسل هذا أيضا إشارة واضحة للفلسطينيين بأن الإدارة الجديدة حريصة حقا على طي الصفحة وبدء حوار جديد دون تحيّز.
إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس
إن إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ، ولا سيما إعادة إنشائها في القدس الشرقية ، سيكون بمثابة نقطة اتصال للفلسطينيين ، كما سيرسل رسالة إلى السلطة الفلسطينية مفادها أن مستقبل القدس لم يتم تسويته بعد ، وهو ما يتوافق مع رؤية ترامب ضمن خطة السلام من أجل الازدهار التي تركت الحدود النهائية للقدس ليتم تحديدها بالاتفاق بين الجانبين. وسيسمح فتح القنصلية للفلسطينيين بأن يكونوا على اتصال أكثر انتظامًا مع الولايات المتحدة وفتح منتدى لتبادل وجهات النظر ، لكنه سيعيد أيضًا ثقة الفلسطينيين في الولايات المتحدة في عهد بايدن ويسمح له بلعب دور أكثر بناءً.
استئناف المساعدات المالية
كان من الضروري أن تعيد إدارة بايدن المساعدات المالية للفلسطينيين التي كان ترامب قد علقها. وبالنظر إلى إساءة استخدام المساعدة في الماضي ، ينبغي أن يكون لها إرشادات واضحة حول استخدامها مع مراقبة من مراقب أمريكي لضمان إنفاق الأموال على البرامج والمشاريع المخصصة لها. لن تساعد المساعدة المالية المستمرة السلطة الفلسطينية على معالجة النقص المالي الحاد فحسب ، بل ستسمح لها بالاستثمار في بعض المشاريع التنموية التي يمكن أن توفر فرص عمل خاصة للشباب الذين أكثر من 30٪ منهم عاطلون عن العمل.
حظر ضم الأراضي والتوسع الإستيطاني
ينبغي على بايدن أن يوضح لبينيت أنه يجب على إسرائيل ألا تضم أي أراضٍ فلسطينية وأن تجمد مؤقتًا توسيع المستوطنات. بالإضافة إلى ذلك ، ينبغي عليه الإصرار على عدم إضفاء الشرعية على المستوطنات غير المصرح بها والإامتناع عن طرد أي فلسطيني ، وخاصة من القدس الشرقية. هذه مجتمعة ، فإن التزام الإسرائيليين بهذه المتطلبات سيساعد في تعزيز جو هادئ وهو أمر حاسم لعملية المصالحة التي تشمل فعاليّات التواصل بين الحكومات والشعب لتعزيز الثقة والطمأنينة في مجيء مستقبل أفضل للفلسطينيين.
انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة
بالنظر إلى أنه لم يتم إجراء انتخابات من قبل الفلسطينيين منذ أكثر من 15 عامًا ، ينبغي على بايدن مطالبة السلطة الفلسطينية بتحديد موعد ثابت وصلد كالحديد لإجراء الإنتخابات العامة. وينبغي مراقبة الإنتخابات من قبل ممثلي الأمم المتحدة للتأكد من أنها حرة ونزيهة ، ويجب على جميع أولئك الذين يسعون إلى مناصب عليا أن يلتزموا بقبول نتيجة الإنتخابات. الفلسطينيون في حاجة ماسة إلى قيادة جديدة غير ملوثة بالفساد وغير متشبثين بمواقف متشددة سابقة لم تترك مجالًا للتسويات.
مطالبة الفلسطينيين المعاملة بالمثل
في مقابل هذه الإجراءات التي تفيد الفلسطينيين بشكل كبير ، ينبغي على بايدن أن يطلب من الفلسطينيين اتخاذ خطوات عديدة لإظهار التزامهم بالحل السلمي. ويشمل ذلك إنهاء أي وجميع أشكال التحريض ضد إسرائيل ، والتعاون الكامل مع إسرائيل في جميع الأمور الأمنية وعدم توفير أي حماية لأي متطرف فلسطيني عنيف.
من المفهوم أن بايدن منشغل بالوباء المستشري ، والتهديد النووي الإيراني الذي يلوح في الأفق ، والمواجهات اليومية مع الجمهوريين حول تغيّر المناخ وحقوق التصويت والبرامج الاجتماعية الشاملة ، على سبيل المثال لا الحصر. ومع ذلك ، يمكنه اتخاذ الإجراءات المتواضعة المذكورة أعلاه لتغيير مسار الصراع بشكل جذري من أجل إنهاء تدريجي لأطول نزاع في العصر الحديث.
وبصفته الرئيس الأكثر خبرة ، يتفهم بايدن مخاطر الصراع الطويل والممتد. لقد قدمت له الحرب في أفغانستان مثالًا صارخًا ومؤلمًا حول مدى الخطأ الذي يمكن أن يحدث ، ومع ذلك كان لا يزال محقًا وشجاعًا لإنهائه في النهاية. بايدن محق في عدم الضغط من أجل استئناف محادثات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية ، لكن يمكنه إظهار نفس الشجاعة والقيادة لتغيير مسار الصراع الذي سيؤدي في النهاية إلى التعايش السلمي.