ذكرى مجزرة الاقصى الأولى

حديث القدس

يصادف اليوم ذكرى مرور ثلاثين عاما على مجزرة الاقصى الاولى عام 1990 التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في باحات الاقصى مما اسفر عن استشهاد واحد وعشرين فلسطينيا واصابة مائة وخمسين بجراح بنيران جنود وشرطة الاحتلال واعتقال مائتين وسبعين فلسطينيا، ولم يكن ذنب الضحايا الابرياء من المصلين الفلسطينيين سوى محاولتهم الدفاع عن حرمة الاقصى امام محاولة متطرفين اسرائيليين يطلقون على انفسهم «امناء جبل الهيكل» وضع حجر اساس للهيكل في ساحة المسجد الاقصى، والتصدي لهؤلاء المتطرفين الذين حاولوا تدنيس الاقصى وانتهاك حرمته بحماية جنود الاحتلال الذين كانوا على أهبة الاستعداد مسبقا مما يشير الى نوايا مسبقة بارتكاب هذه المجزرة.

ومن الواضح ان الاقصى المبارك مستهدف من الاحتلال منذ اليوم الاول لاحتلال عام 1967، وذلك عبر الحفريات التي لم تتوقف حتى اليوم في محيط الاقصى وتحته بحثا عن اثر للهيكل المزعوم الذي يعتقد المتطرفون انه كان قائما تحت الاقصى علما ان كافة الحفريات التي اجريت، والتي تهدد الاقصى والكثير من المنازل المحيطة لم تكشف عن اي اثر يشير الى وجود هذا الهيكل المزعوم، وعلى مر السنين واصل الاحتلال محاولاته واضعا نصب عينيه تنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني للاقصى. ثم جاءت مجزرة الاقصى الثانية في الثالث والعشرين من ايلول 1996 بعد اعلان الاحتلال فتح نفق مجاور للجدار الغربي مما تسبب باندلاع اشتباكات مع الاحتلال في مختلف انحاء فلسطين كانت حصيلتها واحد وخمسين شهيدا وحوالي ثلاثمائة جريح. وتلا ذلك في 28/9/2000 قيام ارئيل شارون باقتحام باحات الاقصى بحماية شرطة وجنود الاحتلال مستفزا مشاعر المسلمين وساعيا لفرض امر واقع ما ادى لاندلاع الانتفاضة الثانية ودفع الفلسطينيون مجددا مئات الشهداء والجرحى والاسرى دفاعا عن الاقصى والقدس.

ولم يتخل الاحتلال ومتطرفوه عن محاولاتهم المساس بالاقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا فقامت سلطات الاحتلال بانتهاك «الوضع الراهن» – الستاتيكو – متجاهلة اتفاقياتها مع الاردن ومع منظمة التحرير وبدأت بادخال المتطرفين بحماية قوات الشرطة والمخابرات الى باحات الاقصي وعمدت مرارا الى اغلاق الاقصى امام المصلين عدا عن حظر وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة الى الاقصى فيما حظرت مرارا وصول فلسطينيي الداخل.. الخ من الممارسات التي اكدت وتؤكد نية الاحتلال استهداف الاقصى وايجاد موطئ قدم للمتطرفين اليهود تمهيدا لتقسيمه كما فعلت من قبل في الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل.

اليوم، في هذه الذكرى ونحن نترحم على الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الاقصى، اولى القبلتين وثاني المسجدين بنيانا بعد الكعبة المشرفة وثالث المساجد التي تشد اليها الرحال، فاننا نؤكد ان ابناء شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية والاسلامية لا يمكن بأي حال ان يتخلوا يوما عن الاقصى او ان يقبلوا يوما بان يبقى الاقصى تحت هذا الاحتلال غير الشرعي. وتخطئ اسرائيل خطأ جسيما اذا ما اعتقدت ان استخفافها بمشاعر المسلمين وانتهاكاتها المتكررة للاقصى يمكن ان تمهد الطريق امامها لتهويد هذا المكان المقدس الخالص للمسلمين دون غيرهم ليس فقط وفق الديانة الاسلامية والفتاوى الشرعية وانما ايضا وفق قرارات عدة صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية مثل اليونسكو عدا عن قرار عصبة الأمم الذي ينص على ان «للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ولهم الحق العيني فيه» عدا عن كافة القرارات الدولية التي نؤكد ان احتلال اسرائيل للاراضي المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس غير شرعي واعتراف غالبية دول العالم لفلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

خلاصة القول ان هذه التضحيات الجسام التي قدمها الفلسطينيون من مختلف ارجاء الوطن دفاعا عن الاقصى يجب ان تشكل حافزا للأمة العربية والاسلامية لنصرة فلسطين والعمل على انهاء هذا الاحتلال البغيض بدل هرولة بعض الدول العربية لعقد اتفاقيات تطبيع و «سلام» مع هذا الاحتلال الذي ينتهك حرمة الاماكن الاكثر قدسية لدى المسلمين ويصادر حق شعب فلسطين في الحرية والاستقلال.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …