كيان صهيوني يعيش خارج حدود الزمن والمعقول والإنسانية

بقلم: بسام الكساسبة

فُرِض على منطقتنا العربية أن تتأثر سلبياً وتتعايش قسرياً مع ممارسات ومخاطر الكيان الصهيوني، الذي لا يشكل دولة طبيعية كسائر دول العالم التي نشأت في سياق سكاني وجغرافي وتاريخي صحيح، بل نشأ كحالة مصطنعة ومشوهة خلقياً، ومتخلفة آيديولوجياً ومسلكياً، فهو حصيلة مخططات تآمرية سوداء على منطقتنا العربية منذ مؤتمر بازل عام 1897 ونشوء كيانه بعد حرب 1948 وحرب عام 1967.
يضاف لذلك كون سكانه ليسوا بالأصل من شعوب منطقتنا العربية، بل تم جلبهم كمجاميع بشرية من أصول شتى ومناطق مختلفة من العالم، بنية احتلال فلسطين برعاية وحماية بعض الدول الاستعمارية كبريطانيا سابقا وأميركا حالياً.
ولم تقتصر مخاطر ومؤامرات هذا الكيان على فلسطين وأهلها، بل امتدت خارج فلسطين، فما تشهده الكثير من الدول العربية من عدم استقرار وأوضاع كارثية كما في العراق والسودان وسوريا واليمن ولبنان وليبيا ليس بمعزل عن مخططات وتآمر هذا الكيان، إضافة إلى مخططاته التامرية السياسية والاقتصادية على دول عربية أخرى، لأن فرضية تفوقه المزعومة قائمة على تشرذم الدول العربية، وضعفها وانهيارها في مختلف المجالات.
حقيقة هذا الكيان المتعارضة مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية والقانونية، تظهر جلياً بممارساته التهويدية، كطرد ملايين الفلسطينيين من بلادهم، ومنع المتبقين منهم من البناء أو توسيع منازلهم القائمة لتلبية احتياجاتهم المتزايدة للسكن، وهدم منازلهم بالجرافات، ومصادرة الكثير منها ومن أراضيهم وإقامة المستعمرات الاستيطانية عليها، وتقطيع وحرق أشجار ومحاصيل بساتينهم وحقولهم، واعتقال ألآلاف منهم وإقامة الحواجز الأمنية لمنع وتقييد حركتهم وتضييق سبل العيش عليهم والتنكيل بهم، ومنعهم من تأدية عباداتهم وتقييد وصولهم الى المسجد الاقصى وحفر الأنفاق تحت أساساته، وفرض الحصار على قطاع غزة وشن الحروب الوحشية عليه في أعوام 2008 و2014 و 2021، إلى جانب العشرات من أصناف البطش والتنكيل الأخرى بالفلسطينيين، التي تشكل كل واحدة منها جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية.
أمام هذه القائمة الطويلة التي لا حصر لها من الممارسات المنافية للقيم الإنسانية التي يزاولها هذا الكيان، الذي يعيش خارج حدود الإنسانية والزمن والتاريخ والجغرافيا واللامعقول، فإن وضعه المنحرف يتطلب من الدول العربية قاطبة، المطبعة معه وغير المطبعة، إعادة النظر جذرياً بعلاقاتها وطريقة تعاملها معه، واتباع نهج سياسي واعلامي ودبلوماسي واقتصادي وعسكري جديد في التعامل معه، قائم على تنظيم حملة سياسية وإعلامية مكثفة يومية ومستدامة لسنوات طويلة على الساحة الدولية ولدى المنظمات والمحافل والمحاكم الدولية، لتعبئة الرأي العام العالمي وتحريض المجتمع الدولي ضد الكيان الصهيوني وفضح وكشف ممارساته وسياساته العنصرية النازية ومحاصرته وتضييق الخناق عليه حتى يؤول مصيره إلى مصير نظام الأبرتهايد سابقاً في جنوب إفريقيا.
لقد أصبح هذا الكيان الصهيوني العنصري الفاشي يشكل عبئاً أخلاقيا وسياسياً وقانونيا ثقيلاً على الإنسانية جمعاء، وعلى الكثير من الدول، بما فيها الدول الحليفة له كالولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية.
إن مسؤولية ملاحقة الكيان الصهيوني سياسياً واقتصادياً وإعلامياً وقانونياً، وحشد المواقف المناهضة له على الساحة العالمية، وفي المنظمات والمحافل والمحاكم الدولية، تقع على عاتق النظام العربي الرسمي الذي ينبغي عليه تشكيل نهج جديد، رافض جملة وتفصيلاً لوجود هذا الكيان النازي العنصري الكريه، حتى إنتهاء احتلاله لفلسطين، واقتلاع وجوده غير المباشر كليا من العديد من الدول العربية.

عن “الرأي” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …